عمان: انطلاق الورش التدريبية لتطوير واقع الصحافة النفطية في العراق

تهدف لإنتاج قصص وتحقيقات استقصائية متميزة

عمان: انطلاق الورش التدريبية لتطوير واقع الصحافة النفطية في العراق
TT

عمان: انطلاق الورش التدريبية لتطوير واقع الصحافة النفطية في العراق

عمان: انطلاق الورش التدريبية لتطوير واقع الصحافة النفطية في العراق

احتضنت العاصمة الأردنية عمان أعمال الورشة التدريبية الأولى لمؤسسة «تومسون رويترز» عن موضوعي النفط والغاز الموجهة للصحافيين في العراق لمساعدتهم على كتابة التقارير والتحقيقات الاستقصائية بشكل أكثر فاعلية عن هذه الصناعة وتأثيرها على اقتصاد الدولة والمجتمع والبيئة والسياسة، وذلك ضمن المرحلة الأولى في البرنامج التدريبي الذي تديره «تومسون رويترز».
شارك في الورشة التدريبية التي تستمر لمدة أسبوع عشرة صحافيين يمثلون كل المحافظات العراقية من ضمنها العاصمة بغداد، وبإشراف مدربي اختصاص في ميدان الاقتصاد والنفط.
وتعاني الصحافة النفطية في العراق من شح في التقارير الصحافية والقصص الاستقصائية، وكذلك ضعف المعلومات في هذا المجال، ومعظم الأخبار يتم تداولها من مواقع حكومية رسمية، فيما تغيب معلومات مهمة عن العقود النفطية وآلية استنزاف الموازنة واحتساب العائدات النفطية وغيرها، علاوة على أن الصناعة النفطية معقدة ويصعب متابعة تطوراتها وإيجاد المعلومات التي تجعل للخبر مصداقية.
مسؤولة البرنامج هيلين ريف، قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا قبل ستة أشهر عبر التعلم الإلكتروني أو التعليم عن بعد لكل ما يتعلق بالقطاع النفطي بالعراق واليوم تبدأ الورشة الأولى للمشروع وهي تتضمن كتابة تحقيقات وتقارير استقصائية بطريقة متميزة تهدف لزيادة التغطية الإعلامية الخاصة بقطاع النفط للصحافيين في العراق، وزيادة قدرات الصحافيين لكتابة تقارير نفطية متميزة، والتعرف على أساسيات أسواق النفط».
وأضافت: «هناك ورشتان أخريان لنفس الموضوع، وستكون هناك متابعة للصحافيين الخريجين من أصحاب المشاريع الخاصة بالصحافة الاستقصائية وتخصيص مرشدين لهم لإنجاز تقاريرهم وتقديم بعض المنح المالية الصغيرة».
بدوره، أكد المدرب والصحافي الاقتصادي العراقي ضرغام محمد علي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الأخطاء الشائعة التي تحصل في التقارير الصحافية النفطية، إذ إن الاعتماد فقط على يكون على التصريحات الرسمية الحكومية وعدم إيجاد مصادر بديلة، وكذلك عدم التقصي عن المصادر الساندة للقطاع النفطي والتي من الممكن أن تكون وسائل جيدة للمعلومة مثل القطاع البيئي والصناعي».
ولفت: «هناك مشكلة تتعلق أيضًا بعدم فهم عمل الشركات النفطية العاملة في العراق الأمر الذي يعرضها للخطر من قبل الأهالي وأصحاب العشائر، لذلك ستكون التقارير الصحافية جزءًا من حملة تثقيف بأهمية دورها».
أما المدرب المساعد والخبير الاقتصادي البحريني عيسى المبارك فقال: «الورشة تجمع قضيتين أساسيتين الأولى تقنية كتابة التقرير الصحافي الاستقصائي وربطها بالموضوع النفطي، لذلك تكسب المهارة والمعلومة، لما تطرحه من معلومات بشكل مبسط».
وأضاف: «صناعة النفط في العراق صناعة أساسية يعتمد عليها الاقتصاد لذلك يجب أن يكون هناك تخصص نفطي، إذ إنه ما زال قاصرًا وأقل من المستوى المطلوب»، داعيًا إلى المزيد من هذه الورش لأجل اكتساب مهارات جديدة للعمل بشكل أكثر كفاءة وإيصال الرسالة بشكل أوسع وتدريجها في مراحل والتوسع بالعدد بشكل يكون في كل وكالة صحافي متخصص بالقطاع النفطي على الأقل».
الجدير بالذكر أن الورشة خصصت تدريبها في مواضيع تخص صناعة النفط وصناعة الغاز والمفاهيم الاقتصادية والقانونية والتجارية، والنفط والغاز وإدارة المال ومصادر المعلومات عن قطاع النفط في العراق والمنظمات الدولية العاملة في العراق ودورها, وأهمية انضمام العراق إلى المبادرة الدولية للشفافية في مطلع عام 2010.



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.