«نكسة» عربية في اليونيسكو بسبب الفشل في تمرير فقرة تعتبر ساحة البراق جزءًا من «الأقصى»

ضغوط غربية و«صديقة» دفعت المجموعة العربية إلى التراجع

«نكسة» عربية في اليونيسكو بسبب الفشل في تمرير فقرة تعتبر ساحة البراق جزءًا من «الأقصى»
TT

«نكسة» عربية في اليونيسكو بسبب الفشل في تمرير فقرة تعتبر ساحة البراق جزءًا من «الأقصى»

«نكسة» عربية في اليونيسكو بسبب الفشل في تمرير فقرة تعتبر ساحة البراق جزءًا من «الأقصى»

أصيبت جهود المجموعة العربية في منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) بنكسة عندما اضطرت أمس إلى سحب فقرة موضع جدل تتعلق بوضعية ساحة البراق في المسجد الأقصى في القدس بسبب الضغوط الإسرائيلية والأميركية والغربية بشكل عام، ولكن أيضًا بسبب ضغوط من دول كانت تصوت سابقا لصالح فلسطين.
ولم يحصد القرار الذي تم التصويت عليه خاليا من الفقرة المختلف عليها سوى 26 صوتا من أصوات المجلس التنفيذي المكون من 58 عضوا. وبحسب مصادر عربية شاركت في جلسة التصويت، فإن الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية (ألمانيا، بريطانيا، هولندا، استونيا، جمهورية تشيكيا) صوتت ضد القرار بينما امتنعت فرنسا عن التصويت.
وكانت الدول العربية الأعضاء في المجلس التنفيذي الذي رأسه لهذه الدورة مندوب مصر الدائم لدى اليونيسكو محمد سامح، وهي الجزائر والإمارات العربية المتحدة والكويت والمغرب وتونس ومصر، قد أعدت مشروع قرار يدين «الإجراءات غير المشروعة وغير القانونية» التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية «للحد من حرية العبادة ووصول المسلمين إلى المسجد الأقصى». ويدين مشروع القرار وصول المتطرفين من اليمين المتطرف إلى الأماكن المقدسة ويدعو إسرائيل إلى اتخاذ التدابير الضرورية لمنع «الممارسات الاستفزازية التي تنتهك الطابع المقدس للمكان».
بيد أن الفقرة موضع الخلاف تتناول ساحة البراق. وجاء في النسخة الأولى لمشروع القرار العربي أن «ساحة البراق (الذي يسميه اليهود حائط المبكى) تشكل جزءا لا يتجزأ من المسجد الأقصى». وقد أثارت هذه الفقرة موجة من الانتقادات العنيفة الصادرة عن السلطات الإسرائيلية وعن المنظمات اليهودية في الخارج. كذلك أفضت إلى «تململ» في أوساط أعضاء المجلس التنفيذي الذي استقبل يوم الأحد الماضي وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي حضر إلى باريس لإعلان رغبة بلاده في العودة للعمل بشكل طبيعي من داخل المنظمة الدولية بعد أن «عاقبت» المنظمة قبل ثلاثة أعوام بسبب قبولها فلسطين عضوا كامل العضوية.
وقال مندوب السعودية لدى اليونيسكو الدكتور زياد الدريس لـ«الشرق لأوسط» إن مشروع القرار «لقي تحفظا، ليس فقط من الدول التي دأبت على معارضة مشاريع القرارات العربية، ولكن أيضًا من تلك التي دأبت على التصويت لصالحنا». وأضاف الدريس أن فرنسا وروسيا وإسبانيا «هددت بالتصويت ضد القرار إذا بقي على صيغته الأصلية». ودفعت المعارضات الكثيرة المجموعة العربية إلى تفضيل قبول التعديل وسحب الفقرة الخلافية عملا بمبدأ يقول إن «صدور قرار وإن مخففا أفضل من عدم صدور أي قرار بتاتا». أما عن الأسباب التي دعت كثيرا من الدول لتعارض أو تمتنع فقد عزاه إلى أن سحب الفقرة موضع النزاع حصل ليلا والتصويت جرى ظهرا بحيث إنه لم تتَح الفرصة للمندوبين أن يستشيروا عواصمهم للحصول على توجيهات جديدة، وكثير منهم بقي على التوجيهات السابقة الداعية إما إلى المعارضة وإما إلى الامتناع.
وكانت المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا قد أصدرت بيانا أول من أمس عبرت فيه صراحة عن معارضتها لمشروع القرار العربي، معتبرة أنه «قد يمكن تفسيره باعتباره يدخل تعديلا على وضع مدينة القدس القديمة وأسوارها». وناشدت بوكوفا المجلس التنفيذي «اتخاذ قرارات لا تسفر عن إثارة مزيد من التوترات على الأرض وتشجع على احترام الطابع المقدس للأماكن المقدسة»، مضيفة أن «حماية التراث الثقافي لا يجب أن تكون رهينة للظروف السائدة لأن من شأن ذلك إضعاف مهمة اليونيسكو».
يتضح من هذا البيان أن المديرة العامة قد عزفت على وتر فلسطيني وعربي حساس وهو المحافظة على وضع الأماكن المقدسة والقدس بشكل عام على الوضع القائم كما هو من دون تغيير. ويعيد الفلسطينيون أسباب اندلاع موجة العنف الحالية إلى سعي إسرائيل لتغيير القواعد المتبعة منذ احتلال الجيش الإسرائيلي للقدس والضفة الغربية في عام 1967، بيد أن موقف بوكوفا لا يمكن فصله عن مساعيها للوصول إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفا للكوري الجنوبي بان كي مون وعن رغبتها في استمالة واشنطن من جديد للعودة إلى المنظمة الدولية أو لدعم ترشيحها للأمانة العامة.
وكان السفير الإسرائيلي لدى اليونيسكو قد ألقى كلمتين أمام المجلس التنفيذي، الأولى قبل التصويت والثانية بعده. وأشار الدكتور الدريس إلى «الفروق الصارخة» بين الكلمتين، إذ إنه أبدى ليونة بدعوته للتسامح والتصالح وتغليب الحس الإنساني ودعم قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وذلك كله لاستمالة المندوبين. أما في كلمته الثانية فقد أبان فيها عن «تعجرف واضح»، إذ ألقى كلمة «نارية» أشار فيها إلى «العداء التاريخي» بين اليهود والمسلمين، زاعما أن إسرائيل «دولة متحضرة» والشعب الإسرائيلي «متحضر يحب الحياة» بينما الآخرون «متخلفون».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».