سجال بين «حزب الله» والرئيس اللبناني بسبب «الثلاثية الخشبية»

إثر دعوة سليمان إلى تحييد لبنان عن الصراع السوري والإسراع في إنجاز البيان الوزاري

الرئيس اللبناني ميشال سليمان
الرئيس اللبناني ميشال سليمان
TT

سجال بين «حزب الله» والرئيس اللبناني بسبب «الثلاثية الخشبية»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان
الرئيس اللبناني ميشال سليمان

انفجر السجال، أمس، بين حزب الله والرئيس اللبناني ميشال سليمان على خلفية وصف الأخير ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» في خطاب له بـ«الثلاثية الخشبية»، مما قد يضع لجنة البيان الوزاري أمام مأزق جديد، يمكن أن يحول دون إمكانية التوصل إلى صيغة توافقية. وكانت المباحثات قد اصطدمت أول من أمس (الجمعة)، في جلستها السابعة، بالبند المتعلق بسلاح الحزب على الرغم من تخطيها عقدة «إعلان بعبدا» الذي تطالب به قوى «14 آذار»، وإدراج «مقررات الحوار الوطني»، بينما أشارت بعض المعلومات إلى أن هذا التعثر وتصلب حزب الله في موقفه كان نتيجة كلام سليمان الأخير.
الحزب الذي شنّت وسائل الإعلام التابعة له هجوما على الرئيس سليمان، أمس، انتظر أكثر من 24 ساعة ليرد في بيان «قاسي اللهجة» قائلا فيه: «إن الخطاب الذي سمعناه يجعلنا نعتقد أن قصر بعبدا بات يحتاج فيما تبقى من العهد الحالي إلى عناية خاصة، لأن ساكنه أصبح لا يميز بين الذهب والخشب».
وبعد دقائق معدودة، جاء الرد على لسان سليمان عبر «تويتر»، قائلا: «القصر الرئاسي بحاجة إلى الاعتراف بالمقررات التي تم الإجماع عليها في أرجائه»، في إشارة إلى «إعلان بعبدا».
وفي حين رفضت مصادر الرئاسة اللبنانية الدخول في سجالات مع حزب الله، مكتفية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا علاقة لما قاله سليمان بعدم التوافق، والأمور لم تكن بحاجة إلى كلامه لتتعثّر؛ فهي كانت متعثّرة أساسا». وأكّدت في الوقت عينه أن المباحثات بين الأفرقاء اللبنانيين مستمرة في محاولة للتوصل إلى نتيجة إيجابية في جلسة غد الاثنين، من دون أن تستبعد إمكانية التوافق على «بيان عام ومقتضب» لا يدخل في التفاصيل والقضايا الخلافية، إلا إذا كان هناك قرار بالعرقلة، عندها تصبح كل المحاولات دون جدوى.
من جهة أخرى، كان الرئيس اللبناني قد عدّ أمس أن «تعرض القرى والبلدات اللبنانية المتاخمة للحدود مع سوريا، وآخرها في بريتال وعرسال للقصف الجوي الصاروخي والأعمال العسكرية من الداخل السوري، يشكل مزيدا من الاستدراج لتوريط الساحة اللبنانية».
ودعا الأفرقاء السياسيين إلى «إنجاز البيان الوزاري بسرعة كي تستطيع الحكومة تأمين المساعدات للجيش اللبناني، وتكون تاليا المرجعية السياسية والغطاء اللازم والضروري للبنان واللبنانيين».
وجاء كلام سليمان، بعد يوم على تنفيذ الطيران الحربي السوري غارات على بلدة عرسال البقاعية أدّت إلى مقتل سوريين وإصابة خمسة آخرين، في ردّ على إطلاق «الدولة الإسلامية في العراق والشام» صواريخ «غراد» استهدفت بلدة بريتال في بعلبك المؤيدة لحزب الله.
وفي حين دعا سليمان الجميع في سوريا إلى «الامتناع عن استهداف الداخل اللبناني تحت أي ذريعة»، وجّه الدعوة كذلك إلى الداخل اللبناني لعدم الانخراط في هذا الصراع على قاعدة «إعلان بعبدا» وتحييد لبنان عن صراعات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم.
وعلى خط البيان الوزاري ومواقف اللبنانيين بشأنه، عدّ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن البيان الوزاري ليس حلا للعقد ولا الضامن للحلول، لأن المؤسسات الدستورية مجتمعة تصنع الحلول وتضمنها، عاد وجدد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تمسك حزب الله ببند «المقاومة» في البيان الوزاري، وعدّ أن «المقاومة عمود من أعمدة البيان الوزاري وهو لا يستقيم من دونها».
في المقابل، لفت وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إلى أن «الرئيس سليمان يبحث مع الوزراء في لجنة صياغة البيان الوزاري عن مخارج»، موضحا أن الثلاثية التي أطلقها أخيرا هي «مقدسة» بحد ذاتها، بينما أصبح «إعلان بعبدا» الذي هو جزء من وثائق الأمم المتحدة، أشبه بالميثاق وأعلى من البيان الوزاري.
من جهته، رأى النائب في كتلة «حزب الكتائب» إيلي ماروني أن العقدة التي عرقلت تشكيل الحكومة في الأشهر السابقة التي يقف وراءها حزب الله هي التي تعرقل الاتفاق على البيان الوزاري اليوم.
وأشار ماروني، في حديث تلفزيوني، إلى أن الصيغة التي تطرح من قبل الفريق الآخر لمعالجة مسألة المقاومة ليست مقبولة حتى الآن، لافتا إلى أنه من المفترض أن يكون يوم الاثنين المقبل موعد جلسة الثقة في المجلس النيابي، مؤكدا أنه لا يمكن الجزم بالمسار الذي ستسلكه الأمور.
كذلك، أشار النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار، إلى أنه «خلال الاجتماعات الثلاثة الأولى من لجنة صياغة «البيان الوزاري» كانت الأجواء إيجابية، لكن بعد ما حصل في أوكرانيا وعرقلة «جنيف 2» والتطورات التي حصلت، فإن فريق 8 آذار أو المؤثرين عليه خارجيا أوعزوا إلى حلفائهم بالتشدّد في الداخل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.