أمين عام حزب النور: مشهد الانتخابات «عبثي».. والانسحاب «وارد»

عبد العليم قال لـ {الشرق الأوسط} إن فضائيات الحكومة ورجال أعمال مبارك «ذبحت» حزبه

د. شعبان عبد العليم أمين عام حزب النور
د. شعبان عبد العليم أمين عام حزب النور
TT

أمين عام حزب النور: مشهد الانتخابات «عبثي».. والانسحاب «وارد»

د. شعبان عبد العليم أمين عام حزب النور
د. شعبان عبد العليم أمين عام حزب النور

قال الدكتور شعبان عبد العليم، الأمين العام لحزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية في مصر، إن «حالة من الإحباط تسود أعضاء الحزب» عقب النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المصرية، والتي مُني فيها الحزب بهزيمة لم تكن متوقعة خلال المرحلة الأولى من الانتخابات. وأرجع عبد العليم ذلك إلى «التوجه السياسي العام في الدولة المصرية»، مضيفا في حوار مع «الشرق الأوسط» أمس أن «القنوات الرسمية للدولة والفضائيات المملوكة لرموز مبارك ذبحت (النور)، وهيجت الرأي العام ضده بالتأكيد على أنه سيحول مصر إلى أفغانستان حال فوزه في البرلمان».
ونفى عبد العليم، وهو عضو المكتب الرئاسي في الحزب، تقديمهم رشى انتخابية أو ترشح عناصر من «الإخوان المسلمين» على قوائمهم، مؤكدا أن «شراء الأصوات كان يتم علنيا من قبل رموز مبارك». ووصف مشهد الانتخابات في المرحلة الأولى بأنه «عبثي». كما دافع عن رهانهم على تصويت المسيحيين للحزب خلال الاقتراع، قائلا: «الحملات المشوهة ضدنا دفعت المسيحيين والمسلمين لعدم التصويت لنا». وأكد عبد العليم أن انسحاب «النور» من جولة الإعادة والمرحلة الثانية من الانتخابات «أمر وارد».
* عقب الخسارة الكبيرة في المرحلة الأولى من الانتخابات، سادت حالة من الإحباط بين أعضاء الحزب.. ما تعليقك؟
- لا أنكر وجود حالة إحباط الآن بين أعضاء الحزب وقياداته، وحالة الإحباط التي تسود أعضاء الحزب راجعة إلى النتائج الأولية للانتخابات، والتي لم يحصد «النور» فيها أي مقاعد.. يبدو أن هذا بسبب التوجه السياسي العام في الدولة المصرية لعدم حصول «النور» على أي مقاعد، رغم أن الحكومة تدعي الديمقراطية.
* في رأيك.. من الذي تسبب في خسارة «النور» خلال الجولة الأولى من الاقتراع؟
- القنوات الفضائية المملوكة لرجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك ذبحت حزب النور، و«هيجت» الرأي العام ضده، على اعتبار أن نجاحه في انتخابات مجلس النواب سيحول مصر إلى أفغانستان، وستكون هناك حروب دينية وقتل وذبح، فضلا عن أن الحزب رصد عددا من المخالفات أثناء سير العملية الانتخابية، كان أبرزها هجوم أغلب القنوات المملوكة للدولة على الحزب.. رغم أن هذا التوجه يتنافى مع الدستور المصري الذي استفتي عليه المصريون في مطلع عام 2014.
* لكن البعض اتهم «النور» بأنه حاول شراء أصوات الناخبين في بعض المحافظات.. وتم توقيف وكيل مرشح النور في محافظة أسوان من قبل السلطات بسبب ذلك؟
- هذه كلها مجرد تلفيقات لإظهار الحزب على أنه يقدم «رشى انتخابية»، وهذا يتنافى تماما مع أخلاقيات حزبنا ومبادئه.. فنحن نخوض المعركة بشرف، ولا يستطيع أحد أن يمسك علينا أي خطأ. لكن اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات لم تقم بدورها على الوجه الأكمل في متابعة المرشحين، ولم تتخذ أي إجراءات حيال شراء الأصوات من قبل المرشحين من نظام الرئيس الأسبق مبارك.. وشاهدت شراء الأصوات وكان علنيا.. فضلا عن أن اللجنة تقاعست عن اتخاذ أي إجراءات حيال استمرار الدعاية من قبل المرشحين وقت الصمت الانتخابي.. وتوجيه الناخبين أمام اللجان للتصويت لصالح قائمة بعينها ومرشح بعينه.
* كيف تقيم المرحلة الأولى من الانتخابات من وجهة نظرك؟
- مشهد الانتخابات فيها كان «عبثيا» جدا للجميع، ونسبة التصويت على الصناديق جاءت أقل من المتوقع بكثير، لعدم ثقة المصريين في العملية الانتخابية من الأساس.. فضلا عن أن كثيرا من الشرفاء فضلوا الابتعاد عن المشاركة في الاقتراع، لأنهم اعتقدوا أنها «تمثيلية»، والبرلمان قد شُكل قبل الانتخابات.
* يفهم من كلامك أن المصريين شعروا بالإحباط.. لذلك لم يشاركوا في الانتخابات؟
- بالفعل.. هناك حالة كبيرة من الإحباط وعدم الثقة في الصندوق الانتخابي من قبل الناخب، والمواطن المصري رأى بعينه عودة رؤوس الأموال القديمة ورجال مبارك الذين أطاحت بهم ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011.. وهو ما أفشل عملية التصويت، بعدما أصيب الشباب والمصريون بالإحباط من عودة الوجوه القديمة، وكأنه لم تحدث في مصر ثورتان (25 يناير 2011، و30 يونيو/ حزيران، 2013).
* ما تعليقك على ما يتردد عن انسحاب «النور» من جولة الإعادة والمرحلة الثانية من الانتخابات؟
- الهيئة العليا للحزب وحدها هي من ستحدد الاستمرار من عدمه في الانتخابات؛ لكن وارد جدا أن تقرر الهيئة الانسحاب من الانتخابات نهائيا.. ومن المقرر أن تجتمع خلال الساعات المقبلة لتحديد مصير الاستمرار من عدمه، وتقديم تقارير عما تم من خروقات خلال يومي الاقتراع.
* البعض فسر خسارة «النور» في المرحلة الأولى بفقدانه الشعبية في الشارع.. ما رأيك؟
- هذا الكلام غير صحيح.. فشعبية «النور» لم تتأثر في الشارع، وعدم حصول «النور» على مقاعد في البرلمان لا يعني أن شعبيته ضاعت؛ لكن هناك من يحاول أن يردد ويروج لهذا التوجه، لتوصيل رسالة للمصريين بأن «النور» عدوهم.. وكلها في النهاية «حرب شعواء» من رجال المال، للحض على كراهية أعضاء ورموز «النور».
* راهن حزبكم على الحصول على أصوات مسيحيين.. هل كسبتم الرهان؟
- الحملات الإعلامية المشوهة ضدنا هي التي دفعت المسيحيين والمسلمين لعدم التصويت لنا، خوفا من سيطرة الحزب على المشهد السياسي في مصر بفوزه بالأغلبية في الانتخابات.
* بصراحة.. هل يتجه «النور» بعد الفشل في الانتخابات لعمل إجراءات مستقبلية في هيكلته للعودة مرة ثانية للمشهد السياسي؟
- أعتقد أن الهيئة العليا للحزب قد تحدد آلية جديدة خلال الفترة المقبلة للإصلاح داخل الحزب؛ لكن لا أعرف ما هي.. كل هذا يتوقف على قرارات الهيئة العليا وإجراءاتها خلال الأيام المقبلة.
* تردد أن الحكومة قدمت دعمها لقائمة بعينها للفوز بالبرلمان.. ما ردك؟
- لا بد أن نسأل الحكومة عن هذا.. لماذا دعمت «في حب مصر».. فهي–أي الحكومة–وحدها من تستطيع أن تجيب عن هذا السؤال، والتوجه الذي تم في الانتخابات.
* القوى المدنية اتهمتكم بأنكم رشحتم رموزا من جماعة الإخوان المصنفة «إرهابية» في الانتخابات.. ما تعليقك؟
- هذا الكلام مغرض وغير صحيح بالمرة.. ومرشحو الحزب معلومون للجميع وأسماؤهم معروفة.. ويستطيع أي مصري أن يعمل لهم «فيش وتشبيه» ليعرف أنهم لا ينتمون لجماعة الإخوان، فضلا عن أنه لا توجد علاقة بين «النور» و«الإخوان» من الأساس، و«النور» مكروه من رموز «الإخوان».. فكيف نرشح منهم على قوائمنا؟
* برأيك، من تحالف ضدكم للوصول إلى هذا المشهد المحزن؟
- الكل تحالف ضدنا لعدم إنجاح «النور»، خاصة القوى المدنية العلمانية، التي لا تريد أن ترى وجوهنا من الأساس.. وصورونا وكأننا سنصبح «فزاعة» للمصريين حال دخولنا البرلمان.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».