ما الثمن الحقيقي للمنتجات المترفة؟

بدلة رجالية بـ 599.000 جنيه إسترليني وفساتين بـ 100.000 واكسسوارات تتعدى الـ 20.000

فستان من تشكيلة «أرماني بريفيه» ظهرت به كيت بلانشيت في حفل الأوسكار يقدر سعره بمائة ألف دولار وهو سعر مبرر لأنه «هوت كوتير»  -  فستان من توقيع «ألكسندر ماكوين» يقدر بـ40 ألف دولار ظهرت به الممثلة ساندرا بولوك في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014
فستان من تشكيلة «أرماني بريفيه» ظهرت به كيت بلانشيت في حفل الأوسكار يقدر سعره بمائة ألف دولار وهو سعر مبرر لأنه «هوت كوتير» - فستان من توقيع «ألكسندر ماكوين» يقدر بـ40 ألف دولار ظهرت به الممثلة ساندرا بولوك في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014
TT

ما الثمن الحقيقي للمنتجات المترفة؟

فستان من تشكيلة «أرماني بريفيه» ظهرت به كيت بلانشيت في حفل الأوسكار يقدر سعره بمائة ألف دولار وهو سعر مبرر لأنه «هوت كوتير»  -  فستان من توقيع «ألكسندر ماكوين» يقدر بـ40 ألف دولار ظهرت به الممثلة ساندرا بولوك في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014
فستان من تشكيلة «أرماني بريفيه» ظهرت به كيت بلانشيت في حفل الأوسكار يقدر سعره بمائة ألف دولار وهو سعر مبرر لأنه «هوت كوتير» - فستان من توقيع «ألكسندر ماكوين» يقدر بـ40 ألف دولار ظهرت به الممثلة ساندرا بولوك في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014

صدمت أوساط الموضة منذ فترة عندما نشرت نيكوليت مايسون، وهي صاحبة مدونة ومتعاونة مع مجلة «ماري كلير» في نسختها البريطانية، تغريدة عبر «تويتر» تظهر فيها في صورتين لكن بفستان واحد يبدو طبق الأصل من الصورة، على الأقل من ناحية نقشاته التي تجسد أقلام أحمر الشفاه. لكن نيكوليت كتبت أنهما مختلفان تماما، فواحد منهما بتوقيع هادي سليمان مصمم دار «سان لوران» والثاني من ماركة «فوريفير 21» المتوفرة في شوارع الموضة الشعبية. وكانت الصدمة في أن الماركة الشعبية لم تستنسخه عن ذلك الذي اقترحه هادي سليمان في عرضه خلال أسبوع باريس لخريف وشتاء 2015، كما جرت العادة، بل العكس تماما، حيث أكدت نيكوليت أن «فوريفير 21» طرحته قبل العرض بسنوات. وزاد الطين بلة أن فرق السعر بينهما مثل الفرق بين السماء والأرض؛ ففستان «سان لوران» بـ3.490 دولار أميركي، وفستان «فوريفير 21» بـ23 دولارا أميركيا، الأمر الذي فتح الشهية للتحليل والتأويل على شبكات التواصل الاجتماعي، مع بعض الاستنكار والاستهجان. مما لا شك فيه أن الخامات مختلفة وكذلك طريقة التنفيذ، ومع ذلك، فإن تبرير فرق السعر صعب، الأمر الذي يؤكد رأي كثير من المتابعين لما يجري في ساحة الموضة منذ سنوات، بأن أسعارها وصلت حالة من الجنون لم يعد بالإمكان تجاهلها. فهناك ما يشبه الحرب بين بيوت الأزياء العالمية على رفع أسعارها في محاولة للحفاظ على ولاءات قديمة أو لاستقطاب زبائن جدد تحت راية التميز والتفرد والحرفية.
هل اكتويت بأسعار المنتجات المرفهة، ولاحظت أن هناك حربا علنية بين بيوت الأزياء العالمية على رفع أسعارها في محاولة للحفاظ على ولاءات قديمة أو لاستقطاب زبائن جدد تحت راية التميز والتفرد والحرفية؟ إذا كان جوابك بالنفي، فأنت واحد من ثلاثة: فإما أنك لا تعيش في فقاعة الموضة، أو لا تهتم بما يجري فيها، أو لا تهمك الأسعار أساسا، وفي كل الحالات أنت محظوظ.
ما لا يخفى على أي متابع للموضة أن أسعارها وصلت إلى حالة من الجنون يصعب التغاضي عنها، وعند مواجهة صناعها بهذه الملاحظة يدافعون بحماس بأن للحرفة ثمنها. لكن هل تبرر الحرفية هذه المبالغ الطائلة التي يطلبونها مقابل فستان جاهز أو حقيبة جلدية؟ فستان من «إيف سان لوران» مثلا قد يصل إلى أكثر من 33.905 دولار، رغم أنه ليس «هوت كوتير»، في حين يقدر راتب مصرفي عادي بـ20 ألف دولار سنويا، وحقيبة يد من دار «لويس فويتون» يمكن أن تصل إلى 20 ألف دولار أو أكثر حسب نوعية جلدها، في حين يبلغ متوسط سعر السيارة 30 ألف دولار. كل هذا يؤكد أنها ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25 و50 في المائة في السنوات القليلة الماضية. ونحن هنا لا نتحدث عن أسعار قطع «هوت كوتير» صنعت باليد وعكفت عليها الأنامل الناعمة لمئات الساعات حتى تأتي على شكل تحف فريدة من نوعها، بل نتكلم عن قطع جاهزة معروضة في متاجر راقية بعدد قد يكون محدودا، لكنه متوفر بما يكفي لشريحة لا ترمش لها عين وهي تقرأ السعر المكتوب عليها.
تقول الصحافية والكاتبة دانا توماس، مؤلفة كتاب «ديلاكس Deluxe: how Luxury Lost its Lustre (الفخامة: كيف فقد الترف بريقه؟)» في حوار إلكتروني مع «الشرق الأوسط»: «الزبون يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية. ما يدهشني في العملية كلها سذاجة المستهلك ووقوعه السهل في الفخ، فمنهم شريحة لا ترمش لهم عين وهم يدفعون ثمن هذه المنتجات، مما يشجع صناع الترف على التمادي في الأمر».
وبالفعل هناك شريحة تجري وراء حقيبة باهظة الثمن ظهرت بها نجمة سينمائية على صفحات مجلة براقة، أو فستان ظهرت به أخرى في مناسبة كبيرة، وأغلبها من المتطلعين لدخول نادي الترف. وبالطبع هؤلاء هم مطلب صناع الموضة وتجار التجزئة على حد سواء، لأنهم مستعدون لدفع مبالغ خيالية مقابل حقيبة يد بعدد محدود، أو حذاء مصنوع من جلد النعام أو التماسيح.
وهذا مما يجعل دانا توماس تتساءل مستنكرة: «أنا لا أفهم كيف بمقدور أعداد كبيرة من الناس حاليا شراء حذاء يقدر بـ800 دولار أو حقيبة يد بـ3 آلاف دولار، لكن هذا ما يحصل في أرض الواقع، بدليل أن عملية البيع لا تتوقف». وتشير الكاتبة أيضا إلى أنها عندما ألفت كتابها «كيف فقد الترف بريقه؟» منذ بضع سنوات، كانت القيمة السوقية لحقيبة اليد أكثر 12 مرة من قيمة تكلفتها الفعلية، أما الآن فإنها تسمع من مصادر مقربة من هؤلاء الصناع أنها قد تفوق 20 مرة قدر تكلفتها وأحيانا 25 مرة، وهذا ما يفسر كيف أن أصحاب هذه الشركات من بين أغنى أغنياء العالم.
وبالطبع يبررون ارتفاع الأسعار بالحرفية وما تتطلبه من خامات مترفة وساعات عمل طويلة على يد حرفيين متمرسين يتطلب الحفاظ عليهم أجورا عالية، كما يلقون باللوم على التضخم وما شابه، لكن دانا توماس تفند هذا بقولها: «لم ألاحظ أن التضخم أثر على أشياء أخرى ارتفعت بهذه النسبة والوتيرة، وتصوري أنه لو ارتفعت أسعار الخبز والبيض والبنزين مثلا لكنا سنرى ثورة عارمة في الشوارع». لكن الأمر يختلف عندما يتعلق بالموضة والجمال ربما لأنه من الكماليات، ومن لم يستطع إليه سبيلا يمكن أن يتنازل ويشتري من محلات الموضة التي تقدم أزياء مستنسخة وبأسعار أقل.
المهم أن هذا التناقض يفتح جدلا مثيرا بين مستنكر ومقدر، فرغم أن شريحة الأثرياء لا تهزهم هذه الأسعار بقدر ما تثيرهم وتزيد من رغبتهم في اقتنائها، فإن من الصعب على كثير منا فهم كيف أن الحقيبة نفسها التي كانت تقدر بـ300 جنيه إسترليني منذ عشر سنوات، أصبحت اليوم تقدر بـ3 آلاف جنيه إسترليني.
كما أكدت دانا توماس، فإن السبب الزبون نفسه الذي لا يزال يقبل عليها ويجعلها مطلوبة، وهذه النوعية أغلبها، إما من محبي التسوق، أو من المتنافسين على التباهي واستعراض الجاه، حسبما جاء في مقال نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» منذ فترة، سلط الضوء على مظاهر بذخ وإسراف الرؤساء التنفيذيين تحديدا. وقد جاء في المقال أن «التفاخر بالثراء أصبح يتطلب الآن امتلاك يخت ضخم لا يقل طوله عن 80 قدما، ويضم مهبط مروحيات، وصالة ألعاب رياضية، وقطع أثاث ذات طراز قديم». وكلما زاد سعر المنتج زادت الرغبة فيه على أساس أنه فريد من نوعه وبعيد المنال عن العامة، مما يجعل صاحبه يدخل نادي النخبة من أوسع الأبواب.
الرأي نفسه يعبر عنه روبرت دافي، رئيس دار «مارك جاكوبس إنترناشيونال» بطريقته الخاصة حين يقول: «إنك لا تحتاج الفخامة، لكنك ترغب فيها، لقد كان الكيس الذي تناولته اليوم من شرائح البطاطس على الغداء ضربا من الترف بالنسبة لي، ويبدو أنه في هذه الأيام عندما تسأم الناس من الأخبار السيئة والوعود التي لا يتم الوفاء بها سياسيا واقتصاديا، يصبح الانغماس في الملذات وعدا يمكن تصديقه». ويوضح سام شهيد، الذي طور صورة الشركة من زاوية أخرى، بقوله: «كيف يمكنني القول بأن هذه السترة من (أبيركرومبي) تمثل الترف مثلا؟ والجواب سهل؛ يكفي أن تلصق بها هذا الوصف ليصدقه الناس. فالترف أفضل شيء يمكنك الحصول عليه، وعالم الأزياء مثل الفن، حتى إذا لم يكن بمقدورنا دفع ثمن اللوحة المعروضة في متحف، فإننا نحب النظر إليها والحلم بها». ويبدو أيضا أنه من السهل الترويج للترف فقط برفع السعر.
بيد أن هذه الآراء يمكن أن تنطبق على طبقة الأثرياء ممن لا تهزهم الأسعار، ولا ينتبهون أساسا أنها تغيرت بهذا الشكل المتسارع خلال السنوات القليلة الماضية، لكن بالنسبة للأغلبية التي لا تستطيع لهذه المنتجات سبيلا، فإن امتلاك يخت طويل وعريض من سابع المستحيلات، وفستان أو بدلة يفوقان 30 ألف دولار، وإن كانوا مضطرين للتسوق ومتابعة تطورات الموضة لمواكبة العصر والحفاظ على صورة اجتماعية لائقة. لهذا من الطبيعي أن يشد انتباهنا فستان كوكتيل أو بدلة رجالية يفوق سعر كل واحد منهما 2.300 دولار، وفي الوقت ذاته لا بد أن نتساءل عن مدى جدوى فستان يفوق سعره 33.905 دولار أميركي. فمهما قيل عن حرفيته وفنيته وما يثيره من حلم، هناك صوت بداخلنا يصرخ بأن الأمر وصل حدا غير أخلاقي يتحدى العقل والمنطق.
فالنسبة بين التكلفة والقيمة غير مبررة، حسب تأكيد دانا توماس، مشيرة إلى أنها تؤمن بأن كلمة «لاكجري» أو «ترف» لا تعني بالضرورة الجودة، وتشرح ذلك: «كلمة ترف الآن هي وسيلة أو كلمة السر بالنسبة لبعض الماركات لتسويق منتجاتها بأسعار عالية». بالفعل، فإن وصف دار أزياء الآن بأنها علامة مترفة لا يعني أن منتجاتها مصنوعة باليد وبأحسن أنواع المواد والخامات، بل قد يكون العكس صحيحا، فكثير ممن يطلقون على أنفسهم علامات فخمة ومترفة يصنعون منتجاتهم بالآلات في مصانع بالصين، إلى جانب شركات أخرى تعد من العلامات المتوسطة التي تتوفر في شوارع الموضة الشعبية. وهذا يعني أن الأشخاص واحدة والتقنيات تستعمل في كلتيهما، والفرق هو اسم الماركة والسعر، حسب قول دانا توماس.
في الوضع الطبيعي تكون تكلفة تصنيع الفستان بسعر الجملة 800 دولار، وبسعر التجزئة 1.600 دولار، لكن الأمر لا يسير عادة على هذا النحو. ويقول أحد العاملين في مجال تصنيع الملابس: «السر غير الأخلاقي لارتفاع الأسعار هو هامش الربح الذي يتم تحقيقه على مستوى تجارة الجملة والتجزئة، فبعض مصممي الأزياء يحددون سعرا يبلغ ضعف سعر التكلفة، وتزيد بعض المتاجر ذلك السعر بمقدار أكثر من الضعف حتى يحقق الجميع الربح». وأحيانا يزيد مصممو الأزياء الأسعار إذا كانوا يعتقدون أن تصميمها مميز، في حين يتبع تجار التجزئة طرقا خاصة بهم لتحديد الأسعار حتى تغطي النفقات وتزيد لكي ترضي المساهمين، ويعني كل هذا إمكانية بيع فستان تبلغ تكلفته 1.600 دولار بضعف هذا المبلغ.
** همسات جانبية:
* أكبر دليل على أن هذه الأسعار لا تؤثر على شريحة النخبة ولا تهزهم، أن الجواهر الرفيعة دخلت مجال التسوق الإلكتروني، فبعد أن كانت المرأة تتسوقها بنفسها وربما بحضور حارس شخصي، ولا تبخل على نفسها على أساس أن الجواهر والذهب زينة وخزينة للزمن، أصبحت تتسوقها من موقع إلكتروني، وهذا هو الجديد. اللافت في هذه الظاهرة أن الأسماء الكبيرة لا تفتأ تنضم إلى موقع «نيت أبورتيه» بدءا من «شانيل» إلى «ريبوسي» وغيرهما، حيث نرى أن أسعار أقراط أذن أو خاتم مثلا بـ30 ألف جنيه إسترليني.
* من أغلى البدلات التي طرحت للرجل في السنوات الأخيرة بدلة يقدر ثمنها بـ599.000 جنيه إسترليني من تصميم ريتشارد جويلز من مانشستر وستيوارت هيوز من ليفربول. البدلة مصنوعة من مزيج من الكشمير والحرير واستغرق تنفيذها 600 ساعة، لكن ليس هذا السبب الوحيد لسعرها، فهي مرصعة بما لا يقل عن 480 ماسة بجودة عالية.
* أن تكاليف إنتاج فستان كوكتيل أسود، مثلا، يتم تسويقه بـ2.300 دولار تقسم على النحو التالي، حسبما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» سابقا:
القماش الخارجي: 3 أمتار (50 دولارا - 150 دولارا).
البطانة الداخلية: 3 أمتار (10 دولارات - 30 دولارا).
الأزرار والسحاب والكبشات وما إلى ذلك: (15 دولارا).
متفرقات (اسم العلامة التجارية والشحن إلخ): (5 دولارات).
العمل (القطع والحياكة): (مائتي دولار).
إجمالي التكاليف الأولية للتصنيع: (400 دولار).



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.