عقود الإنشاءات السعودية تتخطى 21 مليار دولار.. وتتجاوز تأثيرات انخفاض النفط

استمرار الإنفاق الحكومي يدعم القطاع ويحافظ على مكانة المملكة كأكبر سوق في المنطقة

عقود الإنشاءات السعودية تتخطى 21 مليار دولار.. وتتجاوز تأثيرات انخفاض النفط
TT

عقود الإنشاءات السعودية تتخطى 21 مليار دولار.. وتتجاوز تأثيرات انخفاض النفط

عقود الإنشاءات السعودية تتخطى 21 مليار دولار.. وتتجاوز تأثيرات انخفاض النفط

بلغت قيمة العقود الإنشائية التي جرت ترسيتها في السعودية خلال الربع الثاني من العام الحالي 21.8 مليار دولار، مسجلة ارتفاعًا قياسًا بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب مراقبين في القطاع، فإن المؤشرات التي أظهرت ارتفاعًا في قيمة العقود الإنشائية جاءت مخالفة لوتيرة التوقعات بالانخفاض في قيمة المشروعات المطروحة للتنفيذ كردة فعل على هبوط أسعار النفط التي تشهدها السوق منذ فترة طويلة.
ويشير تقرير حديث للبنك الأهلي التجاري تناول مؤشرات عقود قطاع الإنشاء، إلى أن عقود قطاعي الطرق والعقار السكني نحو 57 في المائة من إجمالي قيمة العقود 12.5 مليار دولار، فيما جاء قطاع الكهرباء في المرتبة الثالثة، محققًا 14 في المائة من إجمالي قيمة العقود التي جرى ترسيتها خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وبمعزل عن قطاعي الطرق والعقار السكني، أبدت القطاعات الأخرى تفاوتا في قيمة العقود التي جرى ترسيتها خلال الربع الثاني من العام، في حين قفزت قيمة العقود التي جرت ترسيتها في شهر أبريل (نيسان) إلى 13.6 مليار دولار، مسجلة أعلى قيمة شهرية خلال الربع الثاني من العام نفسه.
وقالت شريهان المنزلاوي الخبيرة الاقتصادية إن قيمة العقود الإنشائية شهدت انتعاشًا لتصل إلى مستويات 21.8 مليار دولار رغم انخفاض أسعار النفط.
وأشارت إلى أن من ضمن أبرز العقود التي شهدها الربع الثاني من العام الحالي عقد مشروع طرق بقيمة 6 مليارات دولار في مكة المكرمة غرب السعودية، بغرض الإسراع في تدفق حركة المرور ومواكبة الأعداد المتزايدة للحجاج، إلى جانب مشروعات قائمة في قطاعات الكهرباء، والنفط والغاز، والطرق، وأن هذه العقود ستعمل على تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية، وتمكين القطاع الخاص، واستمرار النمو الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط.
وأوضحت أن المحافظة على ترسية العقود بالوتيرة التي شهدتها السوق - أخيرًا - تعتمد بشكل كبير على أسعار النفط التي يتعين أن تبقى فوق مستوى السعر الذي يحقق التعادل بالميزانية، وهو 85 دولارًا للبرميل، وبالنظر إلى انخفاض أسعار النفط التي بلغ متوسطها 55 دولارًا للبرميل في النصف الأول من العام الحالي.
وبيّنت أن التغلب على نقص التمويل جعل الحكومة تعتمد على احتياطاتها الضخمة، حيث سحبت منها 60 مليار دولار منتصف العام الحالي، مشيرة إلى أن المبادرات الحكومية ستستمر على المدى المتوسط لتوفر قوة دافعة لنمو قطاع الإنشاء في السعودية، حيث تركز على مشروعات البنى التحتية الإنشائية والاجتماعية.
من جانبه، قال عبد الله رضوان رئيس لجنة الإنشاءات في غرفة جدة (غرب السعودية)، لـ«الشرق الأوسط»: «إن استمرار الإنفاق الحكومي على مشروعات التنمية في البلاد ساهم في ارتفاع حجم العقود الإنشائية، حيث شهدت زيادة ملحوظة في ميزانية الدولة خلال السنوات الماضية امتدادا إلى العام الحالي».
وأشار إلى أن هناك الكثير من المشروعات العملاقة التي يجري تنفيذها حاليا، سواء القطارات والمطارات الجديدة والمباني الرسمية والتطوير الحضاري للتوسع في المدن المتزامن مع النمو السكاني المستمر، مشيرًا إلى أن طبيعة مشروعات الخدمات الاستمرار في التطوير، وهو ما جعل الحكومة تركز على استمرار الإنفاق على المشروعات، وبالتالي استفادة صناعة المقاولات من تلك المشروعات.
وتعد السعودية أكبر سوق للمشروعات في المنطقة، حيث تجاوزت العقود التي جرى توقيعها بنهاية العام الماضي الـ130 مليار دولار، تضمنت في المرحلة الأولى من مترو مكة المكرمة بقيمة 7 مليارات دولار، والمرحلة الأولى من مشروع مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة بقيمة 8.4 مليار دولار.
ويتوقع استمرار النمو في سوق أكبر 100 مشروع في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، حيث سيعمل نشاط السوق المحلي على رفع قيمة المشروعات الإنشائية، كما سيواصل قطاع النقل كونه أكثر القطاعات هيمنة، وتسود النظرة الإيجابية لسوق المشروعات في المنطقة إيجابية، مدفوعة بصورة رئيسية من قبل عوامل عدة، أهمها استمرار التوسع الاقتصادي والنمو السكاني الكبير.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.