اختراق وتدمير عدد من المواقع الإخبارية المناوئة للحوثيين

42 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال شهر بينها حالات قتل واختطاف

عناصر مسلحة من الميليشيات الحوثية وسط العاصمة صنعاء (أ.ب)
عناصر مسلحة من الميليشيات الحوثية وسط العاصمة صنعاء (أ.ب)
TT

اختراق وتدمير عدد من المواقع الإخبارية المناوئة للحوثيين

عناصر مسلحة من الميليشيات الحوثية وسط العاصمة صنعاء (أ.ب)
عناصر مسلحة من الميليشيات الحوثية وسط العاصمة صنعاء (أ.ب)

تواصل الميليشيات الحوثية حربها ضد وسائل الإعلام، منذ انقلابها على الشرعية والسيطرة على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) العام الماضي، فقد أكد عدد من رؤساء تحرير وملاك عدد من المواقع الإخبارية وشركات التكنولوجيا أن الميليشيات الحوثية، قامت، اليومين الماضيين، بعملية اختراق وسيطرة على عدد من المواقع الإخبارية اليمنية المناوئة للانقلاب، وذلك بعد حجبها منذ قرابة عام، وبحسب خبراء تقنيين، فقد استخدمت الميليشيات سلطتها في وزارة الاتصالات وإمكانيات غير محدودة في السطو على تلك المواقع الإخبارية وتدمير محتوياتها.
وقال لـ«الشرق الأوسط» صالح الحماطي، المدير التنفيذي لشركة حلول ذكية لاستضافة مواقع الإنترنت، وهي إحدى الشركات التي تم اختراق أنظمتها، إن «عملية اختراق لسيرفرات الشركة تمت، بحسب ما يبدو، بإدارة جهات نافذة استطاعت استخراج وثائق وشرائح بأرقام هواتف تخص الشركة وتمت من خلالها استعادة كلمات المرور لسيرفرات الشركة»، وأضاف أن هذه العملية وحسب نتائج المتابعة والتحقيق الأولية أدت حتى الآن إلى اختراق ومسح بيانات عدد من المواقع على عدة سيرفرات بشكل متزامن وخلال أقل من نصف ساعة بدأت العملية.
واعتبر الحماطي أن ما جرى هو عملية تقودها جهة تمتلك تقنيات عالية لا تتوفر للأفراد وتتمتع بتسهيلات كبرى لدى جهات أخرى وهي امتداد لعملية تهديد وملاحقة تعرضت لها شركة حلول ذكية خلال الشهور الماضية بغية تسليمها بيانات لعدة مواقع تقوم بتشغيلها لمصلحة عملائها، أدت في مجملها إلى خروج مدير الشركة من اليمن للتخلص من علمية التهديد والملاحقة المستمرة من تلك الأطراف.
وأكد التقني اليمني أن حجم الأضرار حتى الآن يبدو كبيرًا وقد تسبب في فقد بيانات تخص عدة مواقع، لكن الجهد الذي نقوم به أكبر لاستعادة تلك البيانات بأقصى درجة وكفاءة ممكنة ونتوقع أن نرى نتائج إيجابية خلال الساعات المقبلة، وسنبدأ بإعادة المواقع تدريجيًا، وقال الحماطي، إن «حجم الجهد والضرر والتكاليف المالية الكبيرة لتوفير أنظمة حماية عالية والتكاليف الباهظة لاستعادة البيانات التي تم حذفها، تهون وتصغر أمام ما يقدمه الأبطال على أرض الوطن الغالي في صمود أسطوري قل أن يرى مثيلا له، وإننا نرى جهودنا وخسائرنا تهون وتصغر أمام تضحياتهم الكبيرة».
وكانت الميليشيات الحوثية وعقب سيطرتها على صنعاء، استولت على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات الإعلامية، التلفزيون والإذاعة والصحف الرسمية وغيرها من المؤسسات، وأصبحت تستخدم تلك المؤسسات في بث خطابها الحربي والتحريضي في أوساط المتلقين من المجتمع اليمني.
وضمن سياسات الميليشيات الحوثية للتضييق على حرية الرأي والتعبير في اليمن، عمليات الاعتقالات التي نفذت وتنفذ بحق الصحافيين وأقربائهم، حيث تعتقل ميليشيات الحوثيين صحافيين ونشطاء إعلاميين وحقوقيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكر بيان صادر عن عائلات الصحافيين، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنهم فوجئوا بـ«حراسة سجن الاحتياط في منطقة نقم بأمانة العاصمة صنعاء، تقول لنا إن لديها توجيهات عليا بمنع الزيارة عن أي صحافي من أبنائنا المودعين في السجن، والذين اختطفتهم جماعة الحوثي في التاسع من شهر يونيو (حزيران) الماضي من شارع الستين بأمانة العاصمة صنعاء، وأودعتهم هذا السجن بعد أن تم إخفاؤهم ولم نعلم بمكانهم منذ اختطافهم وحتى بداية سبتمبر الماضي».
وأضاف بيان أسر الصحافيين: «لا نعرف ما هي مبررات هذه التوجيهات ولا أسبابها، فضلا عن أننا لا نعرف أي مبرر لسجن أبنائنا الصحافيين». علما أن هناك عددا من الصحافيين مخطوفون ولم نتمكن من التواصل مع أسرهم، وأكدت العائلات أنها تشعر بـ«الخوف والقلق الشديد من ممارسات الحوثيين بحق أبنائنا الصحافيين من تعذيب جسدي ونفسي ومعاملة لا إنسانية ونحمل قيادة الجماعة مسؤولية كل ما يتعرضون له»، وطالبت «المنظمات الإنسانية والصحافية والحقوقية المحلية والدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن الأخ إسماعيل ولد الشيخ بالتحرك الفوري والعاجل والعمل على إطلاق سراح الصحافيين المختطفين».
وتخشى عائلات المعتقلين في اليمن على حياتهم، بعد أن قامت الميليشيات الحوثية بوضع عدد منهم في مواقع مستهدفة بالقصف، وقتلوا في غارات لقوات التحالف في محافظة ذمار، وكان بين القتلى صحافيان محليان.
إلى ذلك، كشف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن في تقريره حول انتهاكات للحريات الإعلامية في اليمن خلال سبتمبر الماضي، عن 42 حالة انتهاك لميليشيات الحوثي وصالح في اليمن خلال شهر سبتمبر الماضي تعرض لها الإعلاميون ونشطاء التواصل الاجتماعي. وقال المركز في بلاغ صحافي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الـ42 حالة انتهاك في اليمن توزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة واعتقال وتهديد ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومكاتب وحجب مواقع إلكترونية، وشملت الانتهاكات مؤسسات إعلامية وصحافيين وناشطي وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قد رصد 64 حالة انتهاك للإعلام خلال أغسطس (آب) الماضي، في حين أن الانتهاكات المستمرة ضد الصحافيين في اليمن من قبل ميليشيات الحوثي تزامن مع هجوم شنه زعيم جماعة الحوثي (أنصار الله) عبد الملك الحوثي في خطابه الشهر الماضي الذي وصف الصحافيين بـ«المرتزقة» وأنهم أكثر سوءًا من المقاتلين المرتزقة الجهلة، وهو ما وصفته المنظمات المدافعة عن الحريات الصحافية بأنه إشارة خطيرة تجعل حياة الصحافيين في اليمن مهددة بالخطر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.