وزير التجارة العراقي في قبضة العدالة بعد تهم الفساد

قتل صحافي في مكتبه تحت التحقيق.. وعلاوي يؤكد: نحترم القضاء

وزير التجارة العراقي في قبضة العدالة بعد تهم الفساد
TT

وزير التجارة العراقي في قبضة العدالة بعد تهم الفساد

وزير التجارة العراقي في قبضة العدالة بعد تهم الفساد

أعلنت السلطة القضائية العراقية إصدارها مذكرة إلقاء قبض بحق وزير التجارة ملاس محمد عبد الكريم بتهم فساد في وقت لا تزال فيه تداعيات مقتل موظفين في وزارة التجارة من قبل شبكة من حمايات الوزارة بينهم الإعلامي ناظم القيسي تلقي بظلالها قضائيا.
وقال المتحدّث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان له أمس الأحد إن «محكمة التحقيق المركزية أصدرت أمرًا بالقبض على وزير التجارة، ملاس محمد عبد الكريم، وشقيقه عن تهم فساد مالي»، مشيرًا إلى أن «مذكرة القبض صدرت على وفق المادتين 310 و319 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وأضاف بيرقدار، أن «القضية الخاصة بالمتهمين أحيلت إلى محكمة التحقيق المتخصصة بقضايا النزاهة في الرصافة».
من جهتها أعلن ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه إياد علاوي وينتمي إليه الوزير أن الأخير سيمثل أمام القضاء العراقي. وقالت مسؤولة الدائرة الإعلامية في الوطنية انتصار علاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير سوف يمثل أمام القضاء للدفاع عن نفسه بشأن التهم المنسوبة إليه»، مؤكدة أن «الكتلة تحترم القضاء وسيكون هو الفيصل في الأمر بشأن الوزير أو أي مسؤول تطاله تهم فساد والمتهم في النهاية بريء حتى تثبت إدانته».
وتأتي مذكرة الاعتقال الصادرة بحق وزير التجارة في وقت لا يزال فيه مدير مكتبه قيد التحقيق في السجن بتهمة اغتيال موظفين في الوزارة من بينهم الإعلامي ناظم القيسي على خلفية تهم فساد.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى هويته، إن «مدير مكتب الوزير بهاء الخفاجي معتقل منذ نحو شهر بتهمة اغتيالات داخل الوزارة علما أن الوزير لا تحوم حوله تهمة جنائية بشأن هذه القضية حتى الآن». وأضاف أن «مذكرة القبض الصادرة بحقه تتعلق بتهم فساد ولم يعرف ما إذا كانت تهم الفساد هذه قد تقود إلى خيوط بما جرى في وزارة التجارة على صعيد عمليات الاغتيالات التي جرت مؤخرا بينهم موظفون وإعلاميون».
وكانت محكمة التحقيق المركزية المتخصصة بالإرهاب والجريمة المنظمة أعلنت عن اعتقال شبكة من منتسبي وزارة التجارة متهمة بعمليات اغتيال طالت موظفين في الوزارة من بينهم الإعلامي ناظم نعيم القيسي. وقال قاضي المحكمة أحمد هاشم في بيان نشر على موقع السلطة القضائية إنه «تم إلقاء القبض على شبكة مكونة من أربعة منتسبين أمنيين تابعين لحمايات وزارة التجارة متهمين بارتكاب أعمال إرهابية». وأضاف هاشم أن «المجموعة اعترفت بالقيام بعدد من عمليات الاغتيال طالت موظفين في الوزارة»، مشيرا إلى أن «الاعترافات عززها تسجيل فيديو يظهر عملية اغتيال الإعلامي ناظم نعيم القيسي في 14 من الشهر الحالي والذي يعمل موظفًا في الوزارة ذاتها».
ويذكر أن المادة 310 من قانون العقوبات العراقي، تنص على معاقبة كل من أعطى أو قدم أو عرضًا أو وعد بأن يعطي لموظف أو مكلف بخدمة عامة شيئا مما نص عليه في المادة (308) عدَّ راشيا، ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة قانونا للراشي. وتنص المادة 308، على أن «كل موظف أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو وعدا بشيء من ذلك لأداء العمل أو الامتناع عن عمل لا يدخل في أعمال وظيفته لكنه زعم ذلك أو اعتقده خطأ، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس والغرامة على أن لا تقل عما طلب أو أعطي أو وعد به ولا تزيد بأي حال من الأحوال على خمسمائة دينار».
في حين تنص المادة 319، على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين أو بالحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة انتفع مباشرة أو بالواسطة من الأشغال أو المقاولات أو التعهدات التي له شأن في إعدادها أو إحالتها أو تنفيذها أو الإشراف عليها.. ويعاقب بالعقوبة ذاتها إذا حصل على عمولة لنفسه أو لغيره بشأن من الشؤون المتقدمة». وكانت هيئة النزاهة، قد كشفت مؤخرًا عن صدور أحكام قبض أو استقدام بحق مجموعة من الوزراء أو وكلاء الوزراء، أو المديرين العامين، بتهم تتعلق بالفساد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.