يبدأ حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه أكبر تدريب عسكري منذ أكثر من عقد، اليوم، في استعراض للقوة وسط البحر المتوسط، بينما تسعى روسيا لإثبات قوتها على الجهة المقابلة في سوريا.
ويشارك في التدريب 36 ألف جندي و230 وحدة عسكرية و140 طائرة وأكثر من 60 سفينة على مدى خمسة أسابيع.
وقالت مسؤولة القسم الإعلامي في حلف الناتو، إلينا كوكا، لـ«الشرق الأوسط»، إن التدريبات تقوم على عدة مراحل، انطلقت أولاها في الثالث من الشهر الحالي. وتستمر المناورات حتى السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) في مياه ثلاث دول، هي إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، وأيضًا المياه المتاخمة لها، وتشمل العمليات الجوية والبحرية والبرية. والغرض منها اختبار قدرة الحلف على الرد على حالات الوضع المتأزم في المنطقة. وتابعت بقولها: «جرى خلال الفترة الماضية اختبار عناصر القيادة والسيطرة، والقدرة على العمل مع الجهات الخارجية، بما في ذلك المنظمات الدولية وغير الحكومية»، وستكون المرحلة التي تنطلق اليوم، ممارسة حية تضم 36 ألف فرد من أكثر من 30 دولة، بما فيها دول أعضاء في الناتو ودول شريكة، مثل البوسنة وأستراليا وجورجيا ومقدونيا وفنلندا.
وحول دعوة روسيا لهذه التدريبات، قالت إنها تمت تماشيًا مع الالتزامات الدولية للحلف بموجب وثيقة فيينا، جرى دعوة أطراف مختلفة، وقد وافقت 18 دولة على المشاركة بصفة مراقب، بينها الجزائر والمغرب وروسيا والمكسيك وموريتانيا وتونس والإمارات والبرازيل. وسيتمكن المراقبون من زيارة عدة مواقع في إسبانيا، حيث ستكون هناك أكبر التجمعات المشاركة في التدريبات.
ونفت الناطقة الإعلامية للأطلسي، أي علاقة بين التدريبات والوضع في سوريا، قالت إن «تدريبات ترايدنت تدل على أن حلف الناتو لديه القدرة على الرد في مواجهة أي تهديدات، وأينما كانت، خصوصًا في ظل تحديات يواجهها الحلف في جنوب وشرق المتوسط، حيث الإرهاب وتجارة الأسلحة والقرصنة».
وتحمل المناورة العسكرية لـ«الأطلسي» في البحر المتوسط، رسالة واضحة تؤكد «حضورًا وجهوزية عسكرية للحلف، لم نرها قبل هذا الوقت»، بحسب ما قال الباحث الاستراتيجي وأستاذ العلاقات الدولية، الدكتور سامي نادر، لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أنه «من ضمن الرسائل، تلك الموجهة لروسيا بأن إقامتها في شرق البحر المتوسط، يشكل خرقًا للتوازن القائم، لا سيما وأن الصواريخ التي أطلقها بوتين من بحر قزوين باتجاه سوريا، على حدود نفوذ الناتو، هي تحد لمنظومة الناتو والمنظومة العسكرية الأميركية بعد الحرب الباردة».
ويتحدى بوتين وضع أميركا كقوى وحيدة على المستوى العسكري والدبلوماسي في العالم، وبالتالي، تحمل مناورة الأطلسي إشارة إلى أن الحلف «لن يقبل بالعودة إلى منطق الحرب الباردة والمعادلات التي كانت سائدة في ذلك الوقت»، نظرًا إلى أن «ثمة معادلات جديدة وضعت، ويهدد كسرها بخلق تداعيات عالمية عليه».
وتوقف نادر عند هذه المناورة، قائلاً إنها تتضمن رسالة أيضًا بأن إزالة حلف «الناتو» لبطارية الصواريخ التي كانت موجودة في أضنة التركية قبل التدخل الروسي، «لا تعني أن الأطلسي بات بعيدًا عن المنطقة، وهو كفيل بحماية الدول الأعضاء فيه»، معتبرًا أن حركة المناورات اليوم «تستعيد زخمها للسير إلى الأمام وتحققه بوجودها في المنطقة، بدلاً من التراجع الذي تمثل في خطوات سابقة، بينها إزالة بطارية الصواريخ السابقة».
وسيصل بعض من كبار المسؤولين إلى التحالف في قاعدة جوية بجنوب إيطاليا لحضور استعراض بالطائرات وطائرات الهليكوبتر اليوم، في ظل تساؤلات عن كيفية التعامل مع خطر روسي لم يعد يقتصر على جناح الحلف الشرقي.
ونقلت «رويترز»، عن السفير البريطاني لدى الحلف آدم تومس قوله: «الحلف بحاجة إلى استراتيجية لجنوبه.. كل ما يدور في هذا القوس من عدم الاستقرار من العراق إلى شمال أفريقيا.. نحن بحاجة أيضًا إلى الاتفاق في الحلف على توجه طويل الأمد تجاه روسيا».
ويتركز جزء كبير من جهود حلف شمال الأطلسي على التأكيد للأعضاء الجدد على أن الحلف قادر على ردع روسيا. وأقام الحلف مراكز صغيرة للقيادة والتحكم ترفع علم الحلف، من إستونيا إلى بلغاريا، ويمكن دعمها بقوات للرد السريع في حالة وقوع هجوم.
لكن انهيار ليبيا وصعود تنظيم داعش والحرب الأهلية في سوريا وفشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق الاستقرار في جنوبه، يمثل الآن مشكلات للحلف أيضًا. كما أن تركيا العضو في الحلف لها حدود مشتركة مع سوريا والعراق. وعقد التدخل الروسي في سوريا السيناريو الصعب بالفعل، كما أنه يختبر قدرة الحلف على ردع موسكو دون السعي لمواجهة مباشرة.
وقال مسؤول بالحلف: «اعتدنا الحديث عن التهديد الشرقي والتهديد الجنوبي ولكن الاثنين تشابكا الآن».
مناورات عسكرية لحلف {الناتو} في المتوسط.. وروسيا مراقبة
لمواجهة الإرهاب وتجارة الأسلحة والقرصنة
مناورات عسكرية لحلف {الناتو} في المتوسط.. وروسيا مراقبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة