المعارضة الروسية تنظم تجمعًا حاشدًا في موسكو «ضد الحرب في سوريا»

بوتين يتحدث عن «نتائج باهرة» في القصف الجوي.. وقديروف يدعو لإعدام الإرهابيين

المعارضة الروسية تنظم تجمعًا حاشدًا في موسكو «ضد الحرب في سوريا»
TT

المعارضة الروسية تنظم تجمعًا حاشدًا في موسكو «ضد الحرب في سوريا»

المعارضة الروسية تنظم تجمعًا حاشدًا في موسكو «ضد الحرب في سوريا»

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن القوات الروسية حققت «نتائج باهرة» في عملياتها العسكرية في سوريا، في حين أعرب رمضان قديروف رئيس جمهورية الشيشان، ذات الحكم الذاتي داخل روسيا الاتحادية، عن اقتناعه بضرورة تبني عقوبة الإعدام بحق المتهمين بممارسة نشاط إرهابي في روسيا.
بوتين، الذي كان يتحدث أمام اجتماع في كازاخستان لقادة بلدان رابطة الدول المستقلة، إن العمليات التي نفذتها القوات الروسية داخل سوريا «أدت إلى تدمير عشرات المقرات القيادية ومستودعات الذخيرة، ومقتل مئات الإرهابيين وتدمير عدد كبير من الآليات والعتاد». أما قديروف فجاء كلامه في حوار على قناة «روسيا - 24»، إن إجهاض الأجهزة الأمنية الروسية لعمليات إرهابية كانت وشيكة في موسكو وغروزني (عاصمة الشيشان)، «يشكل بداية الحرب التي أعلنها إرهابيو (داعش) ضد روسيا»، محذرًا من أن «الأشخاص الذين يقومون بتجنيد عناصر في صفوف (داعش) كثفوا نشاطهم في روسيا منذ بداية العملية العسكرية الروسية في سوريا».
في هذه الأثناء، يبدو أن الحملات الهادفة إلى حشد تأييد مطلق للعملية العسكرية الروسية في سوريا لم تأتِ بالنتائج المرجوة في الساحة الروسية، إذ دعت المعارضة الروسية إلى تجمع حاشد مساء اليوم (17) في العاصمة الروسية موسكو ضد العملية العسكرية في سوريا تحت شعار «لا للحرب». وفي بيان الدعوة لهذا التجمع الاحتجاجي، قالت الحركة الديمقراطية المتحدة «تضامن» إن شجاعة الشعب الأوكراني والضغط الدولي حالا دون نشوب الحرب في أوكرانيا التي كانت ستزهق أرواح الآلاف لو نشبت. والآن يبعدون (أي السلطات الروسية) الاهتمام بالأزمة الاجتماعية - الاقتصادية، ويشغلون الجزء من الرأي العام الواقع تحت سيطرة البروبغاندا بمبرر جديد هو أن الحرب في سوريا يجب أن تشكل معركة ضد الإرهاب.
وأكدت حركة «تضامن» المعارضة في بيانها أنها تقف ضد تلك الحرب لأنها «لا تريد أن يموت المدنيون والجنود الروس من أجل الحفاظ على نظام الأسد الوحشي في السلطة». وشرحت الحركة الأسباب الأخرى لرفضها التدخل العسكري الروسي في سوريا قائلة في بيانها: «نحن ضد تلك الحرب لأن التدخل العسكري الذي جاء عمليًا في تعارض مع عمليات التحالف الدولي (ضد داعش) سيرفع من درجة التوتر الدولي، وسيدفع إلى مزيد من العزلة الدولية لروسيا. نحن ضد الحرب (الروسية في سوريا) لأن روسيا لا تستطيع أن تسمح لنفسها بهدر المليارات على حرب بعيدة، يكون ثمنها المزيد من التراجع لرفاهية مواطنيها، وتجميد المدخرات التقاعدية، ورفض تعديل ومقايسة المعاشات». ويُذكر أن السلطات منحت تصريحًا للدعوة لهذا التجمع الذي يُتوقع أن يُشارك فيه المئات.
في غضون ذلك، تبقى العملية العسكرية الروسية في سوريا محط اهتمام الرأي العام الروسي الذي تشغله جوانب عدة، منها مثلاً حجم الإنفاق من الميزانية على هذه العملية، وكذلك احتمالات تورط روسيا في مواجهة وتعرضها لعدوان خارجي، فضلاً عن القدرة العسكرية للجيش الروسي. وعلى خلفية هذا الاهتمام أجرى «مركز عموم روسيا لاستطلاع الرأي العام» استطلاعًا جديدًا أظهرت نتائجه أن 52 في المائة من المواطنين الروس يعتبرون حجم الإنفاق العسكري مبررًا، بينما أعرب أكثر من 35 في المائة عن اعتقادهم بأن مبالغ طائلة تُصرف في المجال العسكري.
وبينما يعيش المواطن الروسي مشاعر إنسان في بلد تعيش حالة حرب، نتيجة كثافة الضخ الإعلامي حول الحرب الروسية في سوريا التي تكرر يوميًا عبارات مثل «لو لم نذهب للقضاء على (داعش) الإرهابية في معقلها فستأتي إلينا»، أظهرت نتائج استطلاع الرأي أن 6 في المائة فقط من المواطنين الروس يخشون من قيام «داعش» بعمليات عسكرية ضد روسيا. وفي الإجابة على السؤال ذاته حول الطرف الذي يُحتمل أن يقوم بشن عدوان ضد روسيا، أعرب 53 في المائة من المواطنين عن اعتقادهم بأن الولايات المتحدة قد تفعل ذلك، وبالنسبة لحلف شمال الأطلسي «ناتو»، فقد رأى فيه 5 في المائة من المواطنين مصدر تهديد قد يعلن حربًا ضد روسيا.
اللافت في نتائج استطلاع الرأي المذكور أنه أظهر بشكل عام تراجع نسبة من يعتقدون بوجود خطر تعرض روسيا لهجوم عسكري، وبينما أعرب 68 في المائة من المواطنين الروس في استطلاع مطلع العام الحالي عن اعتقادهم بوجود خطر، تعرضت بلادهم لهجوم عسكري، تراجعت هذه النسبة في الاستطلاع الحالي للرأي بنسبة 20 في المائة، حيث يرى 48 في المائة من الموطنين الروس في الوقت الحالي أن بلادهم قد تتعرض لهجوم عسكري.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.