أظهر التحقيق في تفجيري أنقرة أن تركيا باتت بدورها منطقة لتجنيد الانتحاريين بعدما كانت تعتبر حتى الأمس القريب نقطة العبور الرئيسية للمقاتلين الأجانب في اتجاه سوريا المجاورة.
ثلاث هجمات في أربعة أشهر ونيف، ففي الخامس من يونيو (حزيران) 2015 قتل خمسة أشخاص في انفجار في ديار بكر خلال تجمع انتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي. وفي 20 يوليو (تموز) قتل 34 شخصا في هجوم انتحاري استهدف أنصارا للقضية الكردية في سروج. وفي العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) قتل 99 شخصا في تفجيرين انتحاريين استهدفا مظاهرة من أجل السلام.
لم تتبن أي جهة أيا من هذه الهجمات، لكن السلطات التركية أكدت أنها تحمل كلها بصمات تنظيم داعش المتطرف.
وفي الحالات الثلاث، اتهمت المعلومات التي سربتها الصحافة مجموعة من الشبان الأتراك المتطرفين القريبين من تنظيم داعش ويتحدرون من المدينة نفسها في جنوب شرقي البلاد، اديامان التي يقطنها نحو مائتي ألف نسمة.
ويعلق مصدر دبلوماسي غربي «إنه تيار تركي متطرف، مجموعة صغيرة من الأتراك المتطرفين الذين قاتلوا تحت راية تنظيم داعش في سوريا وينفذون عمليات بمبادرة منهم».
وأوردت صحيفة «حرييت» أن المشتبه بتنفيذهما اعتداء أنقرة تم التعرف على هويتيهما رسميا، وهما عمر دنيز دوندار ويونس ايمري الاغوز. والأخير هو شقيق عبد الرحمن الاغوز الذي قيل إنه انتحاري سروج.
ولدوندار أيضا شقيق وهما معروفان لدى أجهزة الشرطة وكذلك في اديامان. وقال صديق للعائلة لوكالة الصحافة الفرنسية هو علي ايكين إنهما «توأمان يبلغ عمرهما 23 أو 24 عاما»، مضيفا أنهما «طالبان تبنيا النهج المتطرف وتوجها مرارا إلى سوريا للقتال». وأضاف أن «والدهما أبلغ أمرهما مرارا إلى السلطات لكن دون جدوى».
وأكد محامي العائلة عثمان سوزن أن «الشكاوى الأولى لذوي دوندار تعود إلى سبتمبر (أيلول) 2013».
وأوضح أن الأب توجه إلى الرقة، معقل التنظيم المتطرف في سوريا بحثا عن ابنيه وانتهى الأمر بعودتهما إلى تركيا مع زوجتيهما. وتابع: «لقد عاشا طوال أشهر في منزل الأسرة من دون أن يكلف أحد نفسه عناء المجيء لاستجوابهما».
وليس تطرف الشقيقين دوندار في منطقة اديامان مجرد حالة معزولة بحسب محامي المنطقة. وتحدث سوزن عن «ثماني عشرة شكوى تقدمت بها عائلات انضم أفراد منها إلى داعش».
من جهته، قال علي ايكين إن «تنظيم داعش استند إلى نواة صلبة من خمسة أو ستة رفاق لتجنيد عشرات من الشبان وتشكيل فريق من الانتحاريين». لكنه سارع إلى التأكيد أن «اديامان لم تصبح عاصمة (داعش)» في تركيا، مضيفا أن «تعاطف الناس هنا مع التنظيم المتطرف ليس أكبر منه في باقي أنحاء البلاد».
وأورد متابع للملف لم يشأ كشف هويته «هناك خلايا في بنغول وقونية وسكاريا وعثمانية وأيضا في إسطنبول وأنقرة. تنظيم داعش يقوم بالتجنيد في الأوساط الشعبية وداخل عائلات غير متدينة كثيرا».
وأوضح علي ايكين أن الشقيقين الانتحاريين في كل من سروج وأنقرة هما كرديان، لافتا إلى أن «الأصعب بالنسبة إلى ذوي هؤلاء الشبان الذين فجروا أنفسهم أنهم أكراد قتلوا أكرادا أو موالين لأكراد. ذلك هو الأسوأ».
وعلى غرار حزبه، يأخذ بهجت يلديريم النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في اديامان على الحكومة التركية أنها تتساهل مع تنظيم داعش. وقال بأسف «إن تنظيم داعش، عدو الأكراد في سوريا والعراق، بات حليفا لتركيا» بهدف «محاربة الأكراد».
وبعدما اتهمها حلفاؤها لوقت طويل بالتساهل مع المتطرفين، عمدت أنقرة المناهضة لنظام دمشق إلى تعديل سياستها بعد اعتداء سروج وشنت عددا من الغارات الجوية على تنظيم داعش الذي توعدها بالرد.
وقال المصدر الدبلوماسي «نحاول منذ أكثر من عامين دفع تركيا إلى إدراك ما يمثله تنظيم داعش من تهديد بالنسبة إليها. ولست واثقا حتى الآن بأن أنقرة اقتنعت». وذكرت الصحافة أن انتحاريي أنقرة كانا مدرجين على قائمة من عشرين شخصا اعتبرتهم الشرطة مصدر خطر. لكن ذلك لم يحل دون خداعهما السلطات لضرب العاصمة.
بعد تفجيري أنقرة.. تركيا تواجه متطرفيها بعدما كانت معبرًا للمقاتلين إلى سوريا
3 هجمات خلال 4 أشهر نفذها انتحاريون يتحدرون من نفس البلدة الكردية
بعد تفجيري أنقرة.. تركيا تواجه متطرفيها بعدما كانت معبرًا للمقاتلين إلى سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة