أزمة بين واشنطن وبكين بسبب بحر الصين الجنوبي

السلطات الصينية حذرت من أي انتهاك لمياهها الإقليمية

أزمة بين واشنطن وبكين  بسبب بحر الصين الجنوبي
TT

أزمة بين واشنطن وبكين بسبب بحر الصين الجنوبي

أزمة بين واشنطن وبكين  بسبب بحر الصين الجنوبي

قال قائد العمليات في البحرية الأميركية جون ريتشاردسون، أمس (الخميس)، إن إبحار السفن الأميركية في المياه الدولية في بحر الصين الجنوبي يجب ألا يفاجئ أحدًا، وأنه لا يعتبر عملاً استفزازيًا.
وأدلى ريتشاردسون، الذي تولى هذا المنصب الشهر الماضي، بهذه التصريحات في مناسبة إعلامية في العاصمة اليابانية طوكيو قبل أن يبدأ جولة في آسيا.
وتزعم الصين السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي، وقد سبق لها أن حذرت من أنها لن تتحمل أي انتهاك لمياهها الإقليمية باسم حرية الملاحة. لكن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر قال يوم الثلاثاء الماضي، إن الجيش الأميركي سيبحر ويحلق في كل المناطق التي يسمح بها القانون الدولي.
وبمجرد خروج هذه التصريحات للعلن، قامت سلطات الصين بالرد، إذ قالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم الخارجية الصينية، للصحافيين، إن الصين تحترم وتحمي دومًا حرية الملاحة والطيران في بحر الصين الجنوبي، «لكننا نعارض قيام أي دولة بتقويض سيادة دولة أخرى وأمنها باسم حرية الملاحة والطيران».
كما دعت صحيفة صينية إلى رد حاسم على أي تصرفات «لا أخلاقية من جانب الولايات المتحدة»، إذ قالت صحيفة «جلوبال تايمز» في افتتاحية، إن القصد من الدوريات الأميركية المحتملة ليس حرية الملاحة حقًا، بل استعراض للقوة الهدف منه هو تأكيد النفوذ الأميركي على مستوى العالم.
وبينما تزعم الصين السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي، تزعم السيادة على مناطق في كل من فيتنام والفلبين وماليزيا وتايوان وبروناي. لكن بكين حذرت من أنها لن تتحمل أي انتهاك لمياهها الإقليمية باسم حرية الملاحة.
وليست هذه المرة الأولى التي يتبادل فيها الطرفان التحذيرات بخصوص بحر الصين الجنوبي، ففي مطلع الشهر الحالي قال الأميرال سكوت سويفت، قائد الأسطول الأميركي في المحيط الهادي في تصريحات يقصد بها الصين أن بعض الدول تعتقد أن حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي «لقمة سائغة وأصبحت تفرض قيودًا وتحذيرات لا ضرورة لها مما يهدد الاستقرار»، مضيفًا أن الولايات المتحدة ما زالت «ملتزمة كما كانت دومًا» بحماية حرية الملاحة في المنطقة.
وأوضح سويفت أمام مؤتمر بحري في سيدني: «أتصور أن بعض الدول تنظر إلى حرية الملاحة في البحار كلقمة سائغة يمكن تطويعها وتعديلها بالقانون المحلي أو من خلال إعادة تفسير القانون الدولي.. وبعض الدول مستمرة في فرض تحذيرات وقيود لا داع لها على حرية الملاحة في البحار في مناطقها الاقتصادية الحصرية وتزعم حقوقًا في المياه الإقليمية لا تتفق مع معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بقانون البحار».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».