نجحت السلطات اللبنانية مرة جديدة في العبث بأولويات ناشطي الحراك المدني بعد توقيف عدد منهم على خلفية أعمال الشغب التي شهدتها المظاهرة التي نفذوها يوم الخميس الماضي، ما أدى تلقائيا إلى حرف اهتمامهم عن القضايا الحياتية التي يتابعونها وتراجع زخمهم في الشارع بعد دخولهم في مواجهة مباشرة مع القضاء. وصعّد الناشطون مؤخرا من تحركاتهم المطالبة بإخلاء سبيل الموقوفين الـ5 بعد رد قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا كل طلبات إخلاء السبيل التي قدمت إليه. وتوعد محامو الحراك المدني بالتصعيد بعيد رد طلبات إخلاء السبيل، مؤكدين أنّهم سيتقدمون بطلبات جديدة اليوم الخميس.
وأوضحت المحامية والناشطة في الحراك رانيا غيث، أن الشبان الـ5 الذين لا يزال يتم احتجازهم «يحاسبون على أساس مواد جنحية لا تستدعي بقاءهم قيد الاعتقال 7 أيام متتالية»، لافتة إلى أن القاضي يتهمهم بـ«المس بالمؤسسات العسكرية وبتحقير وشتم الجيش والقوى الأمنية وبالقدح والذم دون امتلاك أي إثباتات مادية».
وقالت غيث لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا المحكمة العسكرية ليست هي المخولة والمعنية بالبت بهذا الملف بل القضاء العدلي»، متحدثة عن «سلسلة مخالفات يقترفها القضاء أبرزها التحقيق مع أحد الموقوفين وهو قاصر دون وجود مندوبة أحداث».
وإذ أكدت غيث أن تصعيد الحراك المدني مستمر لتحقيق مطالبه وعلى رأسها حل أزمة النفايات، أعربت عن أسفها لـ«حرف السلطات أنظار واهتمامات شباب الحراك عن هدفهم الأساسي لإلهائهم واستنزافهم قضائيا». وأضافت: «الموقوفون يتعرضون للترهيب والتخويف لحثّهم على التخلي عن الحراك، وهم حاليا بحالة صحية ونفسية صعبة».
وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ادعى على 11 موقوفا في مظاهرة الخميس الماضي وعلى 19 آخرين متوارين عن الأنظار، في «جرائم القيام بأعمال شغب ورمي حجارة على القوى الأمنية ومعاملتها بالشدة وتخريب الأملاك العامة والخاصة»، وإذ أخلى سبيل أحدهم، أحال البقية إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا الذي ارتأى إخلاء سبيل 5 منهم.
وبينما تركزت المواجهة بشكل أساسي مؤخرا بين الحراك وتيار «المستقبل» باعتبار أن وزير الداخلية نهاد المشنوق محسوب على التيار المذكور كما رئيس الحكومة مقرب منه، إلا أن معظم القوى السياسية الأخرى هاجمت حركة الناشطين لأسباب أو لأخرى، وقد تصدى لها عناصر محسوبون على حركة «أمل» التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالقوة خلال المظاهرات الأخيرة.
وواصل المشنوق يوم أمس هجومه على الحراك واعتبر أن هناك «شعارات حق يراد بها باطل، لها هدف واحد هو الاعتداء على إرث رفيق الحريري في بيروت»، مشددا على أنه «بالقانون والحزم سنكسر يد كل من سينال من هذا الإرث».
ووصف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» الحراك بـ«المشبوه»، مشددا على أن «تحطيم هيكل الدولة وتشويه صورتها وتبديد جهودها لا يصب في مصلحة اللبنانيين، الذين ستبقى الدولة ملاذهم الأول والأخير والأوحد بصرف النظر عن أعمال بعض الصبية المخربين والعبثيين الذين يريدون كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته».
أما على صعيد أزمة النفايات التي يعتبرها الحراك أولوية بالنسبة له، فمن المفترض أن تدخل منعطفا جديدا مساء اليوم، حيث من المقرر أن تعقد للجنة المكلفة متابعة الملف اجتماعا يتم خلاله تثبيت مواقع المطامر بشكل نهائي، والانطلاق للتحضير لجلسة مجلس الوزراء، ومنها إلى عملية إتمام نقل النفايات، بحسب ما أعلن وزير الزراعة أكرم شهيب.
وكانت الحكومة قد أقرت قبل أكثر من 3 أشهر خطة وضعها شهيب لمعالجة أزمة النفايات، وتقضي بـ«نقل النفايات المتراكمة في بيروت وجبل لبنان منذ يوليو (تموز) الماضي إلى مطمر الناعمة لمدة 7 أيام، على أن يتم اعتماد مطمرين صحيين في منطقة عكار شمال لبنان ومنطقة المصنع شرقي البلاد». ويجري حاليا تحديد موقع نهائي لمطمر في منطقة البقاع شرقي البلاد بعد تحديد موقع مطمر في عكار شمالا.
السلطات اللبنانية تدفع الحراك المدني إلى مواجهة مع القضاء
تراجع ملحوظ في زخمه.. وأزمة النفايات تدخل منعطفًا جديدًا مساء اليوم
السلطات اللبنانية تدفع الحراك المدني إلى مواجهة مع القضاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة