وائل عبد اللطيف: العملية السياسية في العراق انحرفت عن مسارها الديمقراطي

باحث سياسي عراقي وصف البرلمانيين بـ«سياسيي الصدفة»

القاضي وائل عبد اللطيف
القاضي وائل عبد اللطيف
TT

وائل عبد اللطيف: العملية السياسية في العراق انحرفت عن مسارها الديمقراطي

القاضي وائل عبد اللطيف
القاضي وائل عبد اللطيف

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل، أبدى عدد من السياسيين العراقيين وبعض المواطنين عن استغرابهم لمعاودة نواب حاليين في البرلمان العراقي للترشح، رغم اتهامهم بالفشل. وفي الوقت الذي أتهم فيه سياسي بصري النواب المرشحين للانتخابات العراقية المقبلة بالبحث عن الحصانة والمنافع المادية من إعادة الترشح، قال محلل سياسي إن إصرار بعض النواب على إعادة ترشحهم هي استهانة بمواقع الدولة وبمعايير الكفاءة وترسيخ لقيم الفشل والهبوط.
وقال الوزير البصري السابق القاضي وائل عبد اللطيف لـ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب النواب الحاليين الذين يعاودون ترشحهم سيكونون ممثلين لكتلة سياسية ستحظى بوزراء، لذا يعملون على حماية الفاشلين منهم وبالنتيجة سيحصلون على منافع مادية من ذلك الأمر».
وأضاف أن «العملية السياسية في العراق انحرفت عن مسارها الديمقراطي بسبب المحاصصة الموجودة، لذا فهي عملية متعبة جدا ولن تؤدي مبتغاها، وأن هؤلاء الذين يرشحون أنفسهم يرجون خدمة أنفسهم أولا وتضارب المصالح هي من خدمتهم». وتابع: «لكن أعتقد أن الشعب بالنهاية سيكشف زيفهم ولن ينتخب الفاشل منهم وسيلجأ لانتخاب (التكنوقراط) لبناء الدولة العراقية الجديدة».
إلى ذلك قال الباحث السياسي العراقي حسين درويش العادلي، إن: «الحياة السياسية العراقية أثبتت أنها بالأعم الأغلب تعتمد نخب الصدفة، الذين دفعت بهم إلى السطح حياة سياسية غير ناضجة ومتشظية وصفقاتية، لذا فإن أحد أهم عوامل فشل مشروع الدولة يتمثل بصعود سياسيي الصدفة الذين لا يمتلكون بنية معرفية وعلمية ونضالية قادرة على رفد عملية بناء الدولة بما هو صالح ومفيد».
وأضاف أن «إصرار بعض النواب على إعادة ترشحهم هي استهانة بمواقع الدولة وبمعايير الكفاءة وترسيخ لقيم الفشل والهبوط، ولا يمكن إدراجها إلا في خانة النفعية الصرفة». من جهته، قال المحلل السياسي البصري الدكتور محمد فيصل إن «السبب الرئيس وراء فشل العملية السياسة في العراق هو إصرار الأحزاب على إعادة ترشح شخصيات غير متزنة تفتقد للكفاءة»، مبينا أن «ذلك الترشح يدخل ضمن باب ضمان ولاءاتهم لذلك الحزب أو الجهة السياسية».
وأضاف أن «هناك نوابا في البرلمان الحالي معروفون جدا بأنهم نواب المقاولات أو التعيينات وبسبب كثرة أموالهم يريدون الاستمرار باستغلال السلطة لمنافعهم الخاصة».
وتابع أن «السلطة ستضمن لهم عدم الملاحقات القانونية بسبب اتهامهم بالترويج لصفقات فساد، لذا فهم سيبذلون الغالي والنفيس لإعادة الترشح مرة ثانية والرجوع إلى قبة البرلمان العراقي».
أراء السياسيين العراقيين لم تختلف عن أراء بعض المواطنين الذي أشاروا إلى أن أغلب النواب الحاليين ينظرون للشعب بوصفه كبش فداء لمنافعهم الشخصية. وقال خضير نايف، صاحب متجر لبيع الهدايا في البصرة، إن «الشعب هو السبب بإعادة اختيار الفاشلين لإدارة أموره وذلك من خلال، إما الاقتياد وراء فتاوى رجال الدين أو مقاطعة الانتخابات وإفساح المجال أمام أصوات الأحزاب للتحكم بمصير نتائج الانتخابات». وتابع أن «الحل يكمن في إقرار قانون يمنع الفاشلين ممن مثلوا الشعب سابقا بالعودة إلى البرلمان مجددا». من جانبه، قال حيدر عبادي، مدرس من محافظة ميسان، إن «النواب فشلوا في خدمة البلد والشعب، فأين خدماتهم لنا لنعاود انتخابهم؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.