الملك سلمان.. ثقافة الوطن ووطن الثقافة

تعد مكتبته من أكبر المكتبات الخاصة في السعودية وتضم 60 ألف مجلد تغطي 18 ألف عنوان

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

الملك سلمان.. ثقافة الوطن ووطن الثقافة

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يكتب الدكتور عبد الله بن إبراهيم العسكر في كتابه «البعد الثقافي في حياة الملك سلمان»، وهو في الأصل محاضرة ألقاها في نادي الأحساء الأدبي، أن «وجود الملك سلمان بن عبد العزيز على رأس هرم الدولة السعودية المعاصرة سيجعل الثقافة بكل تفرعاتها تنال القدح المعلى من اهتمام الملك»، مؤكدًا أنه لا يستبعد أن تشهد البلاد في عصره نهضة ثقافية، ملمحًا في هذا الصدد إلى ما قرأه مؤخرًا عن قيام وزارة الثقافة والإعلام بالعمل على إعداد مسودة لمشروع الملك سلمان بن عبد العزيز للنهوض بالثقافة.
ويشير المؤلف إلى أنه قرأ أن الملك سلمان لديه فكرة مكتملة عن الثقافة بوصفها مشروعا وطنيا متكاملا على غرار مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء، وأزعم أن الثقافة كصناعة هي ما نحتاجه في بلدنا. وأضاف: «ولا يخالجني شك أن بلدنا ومجتمعنا في حاجة ماسة إلى مشروع ثقافي واسع. ولا يمكن تحقيقه في بلدنا إلا بإرادة سامية ورعاية ملكية».
وقال المؤلف إنه «متيقن أن الملك سلمان هو الشخص الوحيد القادر على إطلاق مثل هذا المشروع الخيري، ذلك لأنه ملك مثقف، وهو فوق هذا يملك الطموح المعرفي والثقافة الواسعة للتناهي مع مثل هذا المشروع على النطاقين النظري والتطبيقي».
ورأى العسكر أنه في حالة تحقق ما قرأ عنه فستكون السعودية على موعد لنقلة ثقافية شاملة. ويضيف: «أنا هنا أتحدث عن الثقافة ليس بمفهومها المعجمي الكلاسيكي، بل بمفهومها الابستمولوجي الواسع، ذلك أن الثقافة تدخل في مفاصل الإدارة المجتمعية بشكل ممتد».
وذكر العسكر أن للملك سلمان مع الثقافة، في أوسع تعريفها، حكاية ذات جانبين: الأول جانب تاريخي. والآخر جانب معرفي متشعب. ومفهوم الثقافة عند الملك سلمان لا يختلف عن التعريف المعجمي العربي، والتناول الثقافي الكلاسيكي، وهو الأخذ من كل بحر قطرة، لكنه تعدى هذا التعريف بأن انتخب ما يميز شخصيته ويتلاءم وينسجم مع تكوينه الذهني، وثقافة المحيط الذي عاش فيه سني حياته الأولى.
وأشار الباحث إلى أنه من هذا المنطلق يمكن القول إن «المعارف العامة هي أساس التكوين الثقافي عند الملك، لكنه مع هذا نراه يهتم بجوانب ثقافية يخصها دون غيرها مثل: التاريخ العام والتاريخ السعودي بمراحله الثلاث، وعلم الأنساب العربية، ويخص أنساب القبائل العربية في جزيرة العرب، وكذلك كل ما يتعلق بالبلدانيات في بلاده»، لافتًا إلى «إننا لا نستثني البدايات الأولى التي طبعت شخصيته المتميزة.. ومما عرفت عن قرب أنه في مقتبل سن الشباب وما بعده كان على اطلاع واسع على المجالات الثقافية التي كانت تصدر في لبنان ومصر وعلى رأسها مجلة الهلال الرصينة»، موردًا حديثًا للأمير عبد العزيز بن سلمان أشار فيه إلى أن «إصدارات الهلال ودار أخبار اليوم من مجلات وكتب كانت تصلنا في البيت باستمرار، وكان والده يأتي بها في وقت يسير». أما شغفه بالكتب فحدث ولا حرج، حتى تكونت لديه مكتبة تعد من أكبر المكتبات الخاصة في السعودية، ومن أكثرها غنى بكل ما هو نادر ومفيد في مختلف المعارف الإنسانية.
وأكد الدكتور العسكر على أن هذا الاكتناز المعرفي، وحب القراءة والاطلاع، واقتناء الكتب الذي لازمه حتى اليوم على الرغم من شواغله، كل ذلك جعل الملك سلمان واحدًا من أكثر الملوك في العالم المعاصر حبًا للثقافة، والتصاقًا بالمثقفين من سعوديين وغير سعوديين، فكان يدعوهم ويحتفي بهم، ويمازحهم ويحاورهم فيما يطرحون، ويناقشهم فيما يكتبون، وكانوا كثيرًا ما يستفيدون من أفكاره النيرة، وآرائه الصائبة، وهو وراء كثير من الفعاليات والمنجزات الثقافية.
وذكر الباحث أنه، وبسبب اهتمام الملك سلمان الزائد بالثقافة والفكر، فإنه يقتطع من وقته مساحة للقراءة والاطلاع. وهو كما يصفه أناس كثر قارئ نهم، ولديه مكتبة ضخمة تستقبل الجديد من الإصدارات التي تتعلق بفروع الثقافة ومناحيها، وما يخص تراث السعودية من كل أرجاء العالم، فضلاً عن مكتبة تلفزيونية تلاحق ما يبث في هذا الفضاء عن بلاده وشؤونها. ولعل مكتبته المنزلية خير شاهد على مستوى اهتمامه بالجانب الثقافي، إذ تحتوي رفوفها على ما يزيد على 60 ألف مجلد تغطي 18 ألف عنوان، بتنوع يشمل مختلف حقول المعرفة وميادين الثقافة. وبهذا القدر قد تكون مكتبة الملك سلمان أكبر مكتبة خاصة يملكها ملك في العصر الحديث. لكن شغفه بفرع من فروع الثقافة، وهو التاريخ، يفوق سائر الفروع.
ولفت الدكتور العسكر إلى أن الكُتّاب في السعودية وخارجها اهتموا بسيرة الملك سلمان بن عبد العزيز، وكتبوا عنه مقالات مطولة وقصيرة، وحاولوا أن يغوصوا في شخصيته، مبرزين أهم صفاته العلمية والثقافية ورؤاه السياسية والفكرية، موردًا رصدًا ببليوغرافيا عما كُتب عن الملك سلمان أصدرته مكتبة الملك فهد الوطنية والتي بلغت نحو 1148 مادة علمية وثقافية تُغطي حقبة زمنية، وتوقفت عند عام 2011 أي قبل أن يصبح ملكًا لبلاده.
وتناول الباحث المحتوى الفكري للثقافة عند الملك سلمان الذي لقب بالملك المؤرخ بلا منازع، والذي جاء بسبب جهوده الدؤوبة وحرصه المتميز على حفظ تراث بلاده والجزيرة العربية، واعتنائه بالتاريخ عناية تتعدى اهتمام أمير وملك إلى عناية مؤرخ متمكن صرف وقته في درس التاريخ والعناية به. وقد أكسبته قراءته التاريخية وعيًا مختلفًا عن غيره من ملوك وزعماء العالم.
وقد أجمع كل المتخصصين على أن الملك سلمان واسع الثقافة ممتد المعرفة عميق الحكمة قارئ من الطراز الأول، كما عرفه المتخصصون في علوم التاريخ والأنساب وما يؤثر في بناء المجتمعات وتأسيس الحضارات محاضرًا وكاتبًا ومحققًا في هذا الشأن بل رائدًا في رعاية هذه العلوم، ومصداق ذلك أنه خلال عام واحد، وبالتحديد في يناير (كانون الثاني) 2008 – أغسطس (آب) 2009، كتب ونشر الملك سلمان 19 مقالاً تاريخيًا وثقافيًا، بل إن ما نشرته دارة الملك عبد العزيز التي يرأس مجلس إدارتها من بحوث فكرية أو تاريخية، كانت تمر على الملك سلمان بن عبد العزيز ليعطي رأيه فيها قبل أن تنشر على الملأ.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».