كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن الحكومة الفرنسية تنوي طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي في موضوع المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية، وأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، توجه بعدة رسائل خلال الأسبوعين الأخيرين إلى الإدارة الأميركية وغيرها من القيادات الغربية يطلب مساعدته على لجم هذه المبادرة.
وقال دبلوماسي فرنسي في تل أبيب لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المبادرة تكتسب أهمية كبيرة اليوم وأكثر من أي وقت مضى في أعقاب تدهور الأوضاع بين إسرائيل والفلسطينيين وسفك الدماء الذي نشاهده كل يوم لدى الطرفين، وإنها تشكل دعما قويًا لقوى السلام في الطرفين.
وحسب صحيفة «هآرتس» العبرية، فإن مسؤولين كبارًا في القدس ودبلوماسيين غربيين كثيرين، يفيدون بأن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، باشر العمل على إعادة المبادرة الفرنسية ويشيرون إلى أنه كان قد نطق بعبارة قصيرة خلال اجتماع لوزراء خارجية الرباعي الدولي في نيويورك قبل عشرة أيام. وحسب المصادر الإسرائيلية فإن نتنياهو، أعرب عن شديد القلق من هذا التطور، وأنه قد سارع بإبلاغ وزرائه المتطرفين وقادة مجلس المستوطنات بذلك، وأنه استخدم عبارة الوزير الفرنسي من أجل إقناع الوزراء الذين طالبوه بإعلان عدة مشاريع استيطانية ردًا على العمليات الفلسطينية، فقال لهم إنه سيكون ضربًا من الجنون الإعلان عن بناء في المستوطنات في هذه المرحلة وربحًا صافيًا لأعداء إسرائيل وخسارة شاملة وأضرارًا فادحة للسياسة الإسرائيلية في العالم.
وكان وزراء خارجية الرباعي الدولي قد عقدوا في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، اجتماعًا على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمناقشة الخطوات البناءة للثقة التي يجب على إسرائيل والفلسطينيين تنفيذها من أجل منع التدهور الأمني، وحضر اللقاء وزراء الأردن ومصر والسعودية. وحسب ما قاله دبلوماسيون غربيون ومسؤولون إسرائيليون كبار، فقد كانت لدى فابيوس خطة أخرى، حيث طلب المشاركة بنفسه في اللقاء ومارس الضغط على الأميركيين ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض. وفي أعقاب الضغط تقررت دعوة ممثلي فرنسا وبريطانيا والصين إلى الاجتماع كونهم دولاً دائمة العضوية في مجلس الأمن. وعندها طالبت دول أخرى كألمانيا والنرويج واليابان وإيطاليا وإسبانيا وغيرها بالمشاركة، ليتحول الاجتماع بالتالي إلى مؤتمر شارك فيه 30 وزير خارجية، بينما لم يشارك فيه أي ممثل إسرائيلي وفلسطيني على الرغم من كونه كرس للنظر في الصراع بينهما.
وقد أعد البيان الختامي للاجتماع في وقت سابق، وكان يفترض أن يشمل تصريحات قصيرة للمشاركين، إلا أن فابيوس فاجأ الحضور حين طرح خطة سياسية فرنسية تشمل خطوات لكسر الجمود السياسي، حسب رأيه. ووفقًا لدبلوماسيين غربيين ومسؤولين إسرائيليين، فقد قال فابيوس إنه يرغب بعقد مؤتمر في باريس يدعو إليه الدول المعنية بحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ولكن من دون مشاركة الطرفين. وعلى الفور قال عبارة تسبب منذ عشرة أيام حالة عصبية كبيرة في القدس. فقد قال: «هناك الكثير من الجهات التي تدفعنا لإجراء تصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يتعلق بالمستوطنات، ونحن نفحص الأمر». ووصل تقرير حول ما قاله فابيوس إلى الدبلوماسيين الإسرائيليين ومن ثم إلى رئيس الحكومة نتنياهو الذي وجود في حينه في نيويورك. وفوجئ نتنياهو بالخطوة الفرنسية، وسارع رجاله إلى التحدث مع رجال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ومع جهات أخرى شاركت في اجتماع الرباعي الدولي. وفي اليوم التالي ناقش نتنياهو الموضوع مع كيري، وأعرب عن قلقه الكبير. وأوضح كيري أنه لا يعرف عن مبادرة فابيوس ولا يملك معلومات حولها. وقال مسؤول إسرائيلي إنه تبين بعد الفحص بأن الخطوة الفرنسية كما يبدو لا تزال في مراحلها الأولى.
من جهة ثانية، كشف في تل أبيب عن أن الإدارة الأميركية تجري محاولات هادئة لوقف التصعيد في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن وزير الخارجية جون كيري، أجرى محادثتين هاتفيتين مع نتنياهو أولاً ثم مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ودعاهما إلى العمل من أجل تهدئة الأوضاع وإعادة الهدوء. وحسب مصادر إسرائيلية أعرب كيري عن قلق بلاده من موجة العنف الحالي واقترح المساعدة في جهود التهدئة. وأكد أنه من المهم جدًا شجب أعمال العنف ومحاربة التحريض وتنفيذ خطوات لتخفيف التوتر. وأضاف أنه يجب الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، ومنع تصريحات وأعمال محرضة، من شأنها زيادة التوتر فقط.
الجدير ذكره أن الجهود الدولية ستستأنف يوم الأربعاء المقبل، حيث يفترض وصول وفد من الدبلوماسيين الكبار من دول الرباعي الدولي – أميركا وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وسيجتمع أعضاء الوفد في القدس مع مستشار الأمن القومي يوسي كوهين، ومستشار نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو، ومسؤولين في الخارجية. ومن ثم يجرون لقاءات في رام الله مع مسؤولين فلسطينيين. وقال دبلوماسيون غربيون، إن الوفد يرغب بمناقشة الطرفين في الطرق التي يمكنها تهدئة الأوضاع وصياغة صفقة من الخطوات البناءة للثقة بين إسرائيل والفلسطينيين.
باريس تنشط مبادرتها لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. وفابيوس ضد بناء مستوطنات جديدة
تل أبيب تطلب من واشنطن مساعدتها للجمها
باريس تنشط مبادرتها لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. وفابيوس ضد بناء مستوطنات جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة