مكافحة الإرهاب في أوروبا.. والتحديات الصعبة

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: أبرزها حماية البيانات الشخصية ومكافحة تهريب الأسلحة والتصدي للقرصنة الإلكترونية

ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
TT

مكافحة الإرهاب في أوروبا.. والتحديات الصعبة

ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})

أصبح وجود نظام أوروبي حاسم لمكافحة الإرهاب أقرب إلى الواقع أكثر من قبل، وذلك بعد أن صوت أعضاء لجنة الحريات المدنية في البرلمان الأوروبي قبل أسابيع قليلة لصالح مقترحات أعدها البرلماني البريطاني تيموثي كيرخوبي، وتتعلق باستخدام سجلات المسافرين في الاتحاد الأوروبي.
هذا على الصعيد الأوروبي، أما في ما يتعلق بتبادل البيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين مع أطراف خارجية ومنها الولايات المتحدة الأميركية في إطار مكافحة الإرهاب، فيبدو أن الأمر مختلف من وجهة نظر كثير من الخبراء في بروكسل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أكدوا فيها على أن الأمر يواجه عراقيل لعل آخرها الحكم الذي صدر من المحكمة الأوروبية للعدل وتتيح للدول الأعضاء في الاتحاد الحق في تعليق نقل البيانات إلى الطرف الأميركي.
يقول فردريك بلاتو الخبير البلجيكي لـ«الشرق الأوسط»: «بصرف النظر عن وجود هذا الاختلاف بين الأمرين، تواجه عملية مكافحة الإرهاب عراقيل أخرى تتمثل في التجارة غير الشرعية للأسلحة النارية، وأيضًا عمليات القرصنة على الإنترنت واختراق مواقع حكومية قد تتضمن معلومات هامة أمنية أو دفاعية أو غيرها».
وفي ما يتعلق بالسماح أوروبيا باستخدام سجلات سفر المواطنين الأوروبيين، قالت مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين في البرلمان الأوروبي إن الاقتراح الأصلي سبق أن رفضه أعضاء البرلمان في 2013، وطالبوا بمواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق حول هذا الصدد، وخصوصا في أعقاب التهديد الذي شكله ما أطلق عليهم «المقاتلون الأجانب»، ومخاوف من عودتهم إلى أوروبا من سوريا والعراق.
وقال بيان للكتلة البرلمانية للإصلاحيين والمحافظين الأوروبيين إن نظام سجلات الركاب يسمح بتخزين المعلومات من قبل السلطات، وخصوصا في ما يتعلق بأنماط السلوك، التي تشير إلى وجود سلوك إرهابي أو إجرامي مما يسمح لسلطات إنفاذ القانون بالاعتماد على مثل هذه المعلومات، لمساعدتها في مواجهة التهديدات. ويسمح النظام الجديد بالاحتفاظ بجزء من بيانات الركاب لفترات تصل إلى خمس سنوات في قضايا ذات صلة بالإرهاب وتصل إلى أربع سنوات في الجرائم الخطيرة، مع ضمانات بأن يتم حذف البيانات الحساسة في غضون 30 يوما، هذا إلى جانب ضمانات إضافية لحماية البيانات الشخصية. وجرى تعزيز ذلك من خلال مفاوضات مع المجموعات السياسية داخل البرلمان الأوروبي، كما جرى التوصل إلى اتفاق لحذف الرحلات الداخلية من الاقتراح.
وقال تيموثي كيرخوبي، وهو وزير داخلية بريطاني سابق: «إن نظام البيانات الشخصية ساهم في الفترة الماضية في اكتشاف كثير من الجرائم الخطيرة في الدول الأعضاء، ومنها على سبيل المثال كشف السلطات البلجيكية لـ95 في المائة من قضايا المخدرات، كما ساعد السلطات في السويد على الكشف عن 85 في المائة من جرائم خطيرة، ولكن كان لا بد من نظام لحماية البيانات الشخصية، ويسمح باستخدام التفاصيل الأقل حساسية، واستخدامها بطريقة منتظمة بناء على أنماط السلوك، ومع مرور الوقت يمكن تقليل استخدام البيانات التي تتعلق بالرحلات والركاب»، وأضاف أنه من دون هذا النظام ستعمل دول في الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد، وتكون هناك أنظمة خاصة لكل دولة، مما يتسبب في ثغرات، «ولهذا كان لا بد من نظام واحد على المستوى الأوروبي، وإنشاء نهج مشترك لحماية البيانات، مع وجود معايير عالية لضمان حماية البيانات في جميع أنحاء أوروبا».
وأضاف البرلماني الأوروبي بأن التهديد الذي يشكله ما يعرف بملف المقاتلين الأجانب سوف يقل خطره مع استخدام النظام الجديد، لأنه سيجعل الأمر أكثر صعوبة للمقاتلين الأجانب في طريق العودة إلى أوروبا، على الأقل من خلال المطارات الأوروبية. واختتم البيان بالقول إن نظام استخدام البيانات الشخصية للمسافرين في الاتحاد الأوروبي لا يجب النظر إليه على أنه العصا السحرية، ولكن يمكن أن يكون سلاحا إلى جانب أمور أخرى. وسوف تنطلق محادثات مفتوحة الآن مع الحكومات الوطنية، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية العام الحالي، حسب ما جرى الإعلان عنه في البرلمان الأوروبي.
وفي الأسبوع الماضي وافق المجلس الوزاري الأوروبي على إطلاق مفاوضات مع البرلمان الأوروبي، وتحت إشراف الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، حول حماية البيانات الشخصية للمواطنين، التي تستخدم من قبل رجال الشرطة والقضاء في إطار عمل مشترك، لإجراء تحريات أو تقصٍّ أو ملاحقة، تهدف إلى تفادي أي مخاطر قد تهدد الأمن العام. وقال المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل، الذي يمثل الدول الأعضاء، إن هذا الاتفاق حول الخطوط الأساسية لنقاط التفاوض مع البرلمان يفتح الطريق أمام الرئاسة اللوكسمبورغية الحالية للاتحاد لفتح نقاش مع المؤسسة التشريعية الأوروبية حول هذا الجزء من حزمة حماية البيانات. أما في ما يتعلق بالجزء الخاص بتنظيم حماية البيانات فقد بدأت بالفعل المناقشات مع البرلمان الأوروبي بعد أن أقرها المجلس الوزاري الأوروبي في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، ولا تزال المناقشات جارية.
أما في ما يتعلق بالبيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين وتبادلها مع أطراف خارجية، فقبل أيام قليلة قال البرلمان الأوروبي إن نظام الملاذ الآمن الذي ينظم نقل البيانات الشخصية الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية يجب أن يتم تعليقه بشكل فوري. وجاء ذلك على لسان كلود مورايس رئيس لجنة الحريات المدنية والعدل في البرلمان الأوروبي، الذي أضاف بأن أعضاء البرلمان يريدون أيضًا وجود قواعد أوروبية جديدة لحماية البيانات، ولضمان حقوق وخصوصية المواطنين الأوروبيين.
ومن جانبها قالت كورنيليا إرنست مسؤولة ملف حماية البيانات الشخصية والشؤون الداخلية في تكتل أحزاب اليسار والخضر في البرلمان الأوروبي، عقب قرار حول هذا الصدد لمحكمة العدل الأوروبية، إنه يوم جيد للحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي، ويفتح آفاقا جديدة. وأضافت في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن قرار المحكمة يعتبر هزيمة للمفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، وهي التي تفاوضت مع واشنطن حول الاتفاق الملغى.
وجاء ذلك بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبية بأن الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد يمكن لها أن تقرر إذا ما كانت تريد تعليق نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية، وعلاوة على ذلك فإن قواعد نظام الحماية أو ما يعرف باسم الملاذ الآمن، الذي توصلت المفوضية الأوروبية إلى اتفاق بشأنه مع الولايات المتحدة في عام 2000، هو نظام غير صالح. وهو الاتفاق الذي جاء في إطار العمل المشترك على طريق مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. ورحب مورايس بقرار المحكمة، وعلق قائلا: «أخيرا هناك من استمع إلى دعوات البرلمان الأوروبي من أجل تعليق هذا النظام الذي لا يتفق مع القوانين الأوروبية التي تتعلق بحماية البيانات».
وقال مورايس إن نظام الملاذ الآمن لم يوفر الحماية والضمانات الكافية، ولمح إلى أن القوانين الأوروبية توفر وبشكل أكبر نظام الحماية للبيانات الشخصية، كما أدان مورايس استخدام البيانات الشخصية من جانب أجهزة الاستخبارات. وقال نواب البرلمان الأوروبي: «ينبغي الآن التحرك من جانب المفوضية الأوروبية نحو إطار بديل لنظام الملاذ الآمن بحيث يتم التأكد من الحماية من عمليات نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية وفقا لقوانين الاتحاد الأوروبي». وأضاف بأن المفوضية الأوروبية كانت قد أجرت مفاوضات لمدة عام مع واشنطن حول مسألة تعديل نظام حماية البيانات الشخصية، ولكن تجمد الأمر ولم يتم الإعلان عن تحقيق أي تقدم في هذا الصدد.
أما في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة النارية فقد اتفق مجلس وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي على زيادة التعاون، وتعزيز استخدام وسائل مواجهة تهريب الأسلحة النارية لمكافحة «الإرهاب». وأشاروا في بيان صدر في ختام الاجتماعات الجمعة الماضي في لوكسمبورغ إلى أن الهجمات الإرهابية في كل من باريس وبروكسل وكوبنهاغن في وقت سابق من هذا العام، وكذا الهجوم الأخير على قطار تاليس الذي تم إحباطه في 21 أغسطس (آب) 2015، قد أظهرت الحاجة إلى مواصلة تعزيز استخدام وسائل مكافحة تهريب الأسلحة النارية.
ومن جهته قال وزير الداخلية والدفاع في لوكسمبورغ اتيان شنايدر في مؤتمر صحافي: «جرى تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء وفي وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) والشرطة الدولية (إنتربول) وتم الاتفاق على تعزيز التعاون». وأضاف أن «الوكالات تبحث في قابلية التشغيل البيني للأنظمة المختلفة وعلى وجه الخصوص في قواعد بيانات اليوروبول والإنتربول.. وسنركز أيضًا أكثر على التدابير اللازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع في الأسلحة النارية في شبكة الإنترنت».
وفي ما يتعلق بالقرصنة على الإنترنت واختراق مواقع حكومية في دول الاتحاد الأوروبي وأيضًا مواقع إعلامية، والخطير في الأمر هو إعلان أشخاص من أنصار تنظيم داعش مسؤوليتهم عن عمليات القرصنة والاختراق، فقد قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إنه عقب هجوم الإنترنت الذي تم شنه على الحاسوب المركزي لشبكة «تي في 5 موند» التلفزيونية الفرنسية، والذي تبناه مساندون لتنظيم داعش، يتحقق الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي حاليا مما إذا كان قد تمت مهاجمة شبكة أخرى في أوروبا أم لا، وفقا لتصريحات نشرتها صحيفة ألمانية على لسان غونتر أوتينغر مفوض الأجندة الرقمية.
يأتي ذلك بينما اعتبر الخبير البلجيكي في أمن المعلومات جان جاك كيسكواتر أن عملية القرصنة التي تعرضت لها محطة التلفزيون الفرنسي (تي في 5) تعد مؤشرًا لعمليات أخرى قادمة أكثر خطورة، حسب تصريحاته لإذاعة محلية. وقبلها عبرت المفوضية الأوروبية عن تصميمها الاستمرار في العمل من أجل الدفاع عن وسائل الإعلام وحرية التعبير ومحاربة كل أشكال الجريمة والإرهاب، خصوصا على شبكة الإنترنت. وقالت: «ليس لدينا تعليق خاص، سوى أننا سنستمر في محاربة كل أشكال القرصنة والجريمة عبر الإنترنت»، وفق كلام المتحدثة باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي ناتاشا برتود. وأوضحت المتحدثة أن المفوضية تقدمت باقتراحات لتعزيز إجراءات الأمن المعلوماتي، مشيرة إلى المداولات الجارية في هذا الشأن بين البرلمان والدول الأعضاء.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.