بوتين يكشف للمرة الأولى عن أسباب إرساله قوات إلى سوريا

لا يفهم دوافع أميركا لرفض تقديم معلومات بشأن أهداف «داعش»

بوتين يكشف للمرة الأولى عن أسباب إرساله قوات إلى سوريا
TT

بوتين يكشف للمرة الأولى عن أسباب إرساله قوات إلى سوريا

بوتين يكشف للمرة الأولى عن أسباب إرساله قوات إلى سوريا

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن وزارة الدفاع الروسية أرسلت إلى وزارة الدفاع الأميركية رؤيتها للتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وقال بوتين خلال حوار صحافي إن «هدف روسيا من هذه العملية استقرار السلطات الشرعية في سوريا، وخلق ظروف لإيجاد حل سياسي وسط، عبر القوة العسكرية بالطبع».
واعتبر بوتين أنه «عندما تكون (داعش) على مقربة من العاصمة السورية، عندها لن تكون هناك أية رغبة بالاتفاق مع السلطات السورية، التي تشعر نفسها - على الأرجح - تكاد تشعر نفسها محاصرة في قلب عاصمتها». وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها بوتين بوضوح عن أولويات عمليته العسكرية في سوريا، حيث كان قبل ذلك يركز أولا على محاربة «داعش» ومن ثم دعم «السلطات الشرعية».
إلى ذلك، بحث الخبراء في المؤسستين العسكريتين الروسية والأميركية خلال المؤتمر الثاني لهم عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، يوم أول من أمس، مسائل الأمن والسلامة خلال تنفيذ الطائرات من الجانبين لعملياتها على الأرضي السورية. وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى «تحقيق تقدم خلال المؤتمر في بحث تفاصيل اتفاق محتمل بين وزارتي الدفاع في البلدين حول ضمان سلامة الطائرات العسكرية خلال توجيه الضربات لمواقع الإرهابيين في سوريا».
إلا أن «ازدحام» أجواء المنطقة بالمقاتلات يبقي الخطر قائمًا باحتمال وقوع حوادث غير متعمدة تتحول إلى فتيل يفجر مواجهة بين روسيا وقوات التحالف ضد «داعش» بزعامة الولايات المتحدة.
وبينما لم يتضح المشهد بعد بشأن آليات التنسيق بين الجانبين لتفادي وقوع حوادث جوية، قالت صحيفة «ذا ديلي ستار صنداي» البريطانية، أمس، نقلا عن مصدر في وزارة الدفاع البريطانية، إن الناتو أصدر تعليمات لطياريه «بتفادي الاحتكاك مع الطائرات الروسية بأي ثمن، لكن على الطيارين أن يكونوا مستعدين لمهاجمة الطائرات الروسية في حال هددت حياتهم»، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التعليمات تخص بشكل رئيسي القوى الجوية البريطانية، التي ركبت على طائراتها في العراق صواريخ «جو - جو» تحسبا لهذا الأمر.
هذه التسريبات دفعت روسيا للتوجه بطلب من وزارة الخارجية البريطانية، عبر السفير الروسي في لندن، لتوضيح صحة المعلومات حول «إعطاء ضوء أخضر للطيارين البريطانيين بضرب الطائرات الروسية في الأجواء العراقية»، ولفت الجانب الروسي إلى أن طائراته لا تقوم بتنفيذ أي مهام في الأجواء العراقية. وبانتظار أن يتضح الموقف، أشار مراقبون إلى أن مثل هذا التحذير ربما صدر بالفعل من جانب الناتو، أو قد يكون الأمر مجرد تسريبات غربية لتحذير روسيا من توسيع عملياتها الجوية لتشمل العراق.
وإذا كانت احتمالات وقوع حوادث في الأجواء السورية ضئيلة، حاليا، لأن المقاتلات الروسية تقصف بشكل رئيسي مناطق المعارضة السورية المسلحة في محيط اللاذقية وحمص وحماة وإدلب، أي نادرا ما تقترب من منطقة عمليات طائرات التحالف في أجواء منطقة الجزيرة (شمال شرقي سوريا)، فإن دخول طائرات روسية الأجواء العراقية سيعني دون شك احتكاكها الدائم بطائرات دول التحالف ضد «داعش»، مما سيزيد من خطورة الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة بين الجانبين.
إلى ذلك، استبعد الرئيس بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية في عمليات برية في سوريا. وفي حديثه إلى برنامج «أخبار الأسبوع» على شاشة قناة «روسيا - 1» التلفزيونية، أمس الأحد، قال بوتين: «إن استخدام القوات المسلحة الروسية في أي عملية برية في سوريا أمر مستحيل مهما حصل، وهذا ما يعرفه أصدقاؤنا السوريون». مضيفا، أن مدة إجراء العمليات الجوية الروسية في سوريا ستحددها فترة العملية الهجومية التي ينفذها العسكريون السوريون، مؤكدًا في الوقت نفسه أن روسيا لا يمكنها أن تأخذ على عاتقها التزامات مفرطة، وهي لم تأخذها أبدا. وأعاد بوتين إلى الأذهان أن ما لا يقل عن 11 بلدا شاركت في توجيه ضربات جوية على أهداف في الأراضي السورية، قبل أن تبدأ روسيا عملياتها المماثلة.
وإذ أشار بوتين إلى أن «مكافحة الإرهابيين في سوريا تتطلب تبادلا كاملا للمعلومات التي تجمعها أجهزة الاستطلاع والمخابرات»، قال إن بلاده جمعت المعلومات من الفضاء ومن الجو، قبل البدء بالعملية العسكرية في سوريا. وأشار إلى أنه لا يفهم الدوافع الكامنة وراء رفض الولايات المتحدة تقديم معلومات لروسيا بشأن أهداف تنظيم داعش في سوريا.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن الرئيس فلاديمير بوتين، قوله، إن «روسيا لا تريد التورط في حرب دينية في سوريا».
وأضافت الوكالة نقلا عن مقابلة يبثها تلفزيون (فار إيست) الروسي، قول بوتين، إن موسكو لا ترى فرقا بين الجماعات السنية والشيعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».