نيبال تنتخب اليوم رئيس وزراء جديدًا وسط احتجاجات على الدستور

بناء على أمر من الرئيس للسياسيين بتشكيل حكومة أغلبية

نيبال تنتخب اليوم رئيس وزراء جديدًا وسط احتجاجات على الدستور
TT

نيبال تنتخب اليوم رئيس وزراء جديدًا وسط احتجاجات على الدستور

نيبال تنتخب اليوم رئيس وزراء جديدًا وسط احتجاجات على الدستور

ذكرت السلطات النيبالية أن سوشيل كويرالا، رئيس وزراء البلاد، استقال من منصبه أمس لتمهيد الطريق أمام انتخاب رئيس وزراء جديد في تصويت برلماني، حيث سلم كويرالا استقالته إلى الرئيس رام باران ياداف، طبقًا لمكتب الرئيس. وفي أعقاب استقالته قدم ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، حيث سيجرى تصويت في البرلمان اليوم الأحد.
وبموجب هذا التغيير سيصبح كيه بي شارما أولي، زعيم حزب «الماركسيين اللينينيين» النيبالي المتحد، أكبر منافس حقيقي لكويرالا، حيث من المتوقع أن يفوز في الانتخابات بأغلبية الثلثين.
وتأتي الانتخابات بناء على أمر من الرئيس للسياسيين بتشكيل حكومة أغلبية، بعد انقضاء موعد نهائي في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لتشكيل حكومة توافق وطني. وكان رئيس البرلمان قد ذكر أول من أمس أن نيبال سوف تنتخب رئيس وزراء جديدا في 11 من أكتوبر الحالي، تبعًا لتوجيهات الرئيس، مما دفع البرلمان إلى تحديد موعد لانتخاب رئيس وزراء جديد، وأوكل البرلمان مسؤولية القيام بالتجهيزات للأمانة العامة الخاصة به.
وكان كيه بي شارما أولي من بين الأسماء المطروحة للمنصب، لكن التخمينات تشير إلى احتمال أن يستعيد الكونغرس النيبالي الحاكم القيادة، حيث قال رئيس الوزراء الحالي سوشيل كويرالا إن حزبه لم يقل إنه سيدعم ترشح أولي.
وجاء قرار انتخاب رئيس وزراء بالأغلبية بعد فشل الأحزاب الكبرى في التوصل إلى اتفاق في الآراء مع انتهاء المهلة النهائية التي حددها الرئيس لتشكيل حكومة وحدة وطنية في الثامن من أكتوبر.
وكان رئيس الوزراء النيبالي سوشيل كويرالا قد اقترح أول من أمس تعديلا على دستور البلاد الجديد بشكل يراعي مطالب أحزاب جنوبي البلاد التي تحتج على الدستور، خاصة إقليم تيراي الذي شهد نحو 50 يوما من أعمال العنف، في الوقت الذي هاجم فيه المنتقدون إعادة الهيكلة الاتحادية، وقد أدت هذه الاضطرابات والاحتجاجات العنيفة إلى مقتل 47 شخصا.
وفى معرض حديثه إلى البرلمان، للمرة الأولى منذ سن الإصلاحات الدستورية في العشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي، وصف كويرالا الدستور بأنه شامل، مؤكدًا أن ميثاقا يراعي حقوق ومطالب كل فرد يمثل أولوية لدى الحكومة، وأنه تم تكليف وزارة العدل بالعمل على إجراء تعديل دستوري يراعي ويلبي مطالب المحتجين.
وطالب كويرالا بإنهاء الإضرابات، مطالبًا الهند بعدم تأجيل استئناف التجارة عبر الحدود، التي تم تجميدها ووقفها نتيجة للأحداث في نيبال.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»