المعارضة لا ترى «وضوحًا» بالموقف الأميركي تجاه الدور الروسي

واشنطن وموسكو مستعدتان لاستئناف مباحثات حول أمن المجال الجوي

مواطن سوري يستقل دراجته الهوائية ناقلاً معه طفلتيه في ضاحية كفر بطنا التي تسيطر عليها قوات المعارضة بالغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
مواطن سوري يستقل دراجته الهوائية ناقلاً معه طفلتيه في ضاحية كفر بطنا التي تسيطر عليها قوات المعارضة بالغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
TT

المعارضة لا ترى «وضوحًا» بالموقف الأميركي تجاه الدور الروسي

مواطن سوري يستقل دراجته الهوائية ناقلاً معه طفلتيه في ضاحية كفر بطنا التي تسيطر عليها قوات المعارضة بالغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
مواطن سوري يستقل دراجته الهوائية ناقلاً معه طفلتيه في ضاحية كفر بطنا التي تسيطر عليها قوات المعارضة بالغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

لا ترى المعارضة السورية وضوحًا في الموقف الأميركي من التدخل الروسي العسكري في سوريا، وسط ترجيحات أن تكون لواشنطن «رؤية وحسابات مختلفة» من التركيز الروسي على تنفيذ ضربات في المناطق المحيطة بمشروع «سوريا المفيدة»، من غير التركيز على توجيه الضربات لتنظيم داعش.
يبني المعارضون رؤيتهم للموقف الأميركي على هذا النحو، إثر سلسلة تدابير اتخذتها واشنطن، كان آخرها ما أعلنته واشنطن أمس، عن عزمها استئناف مباحثات مع موسكو حول أمن المجال الجوي السوري، غداة إعلانها أنها ستنهي برنامجها لتدريب المعارضين المعتدلين السوريين لتركز الآن على تزويد مجموعات منتقاة بعناية بالأسلحة والمعدات. وهو البرنامج الذي بدأته مطلع العام الحالي بتكلفة 500 مليون دولار، وكان يتضمن تدريب نحو خمسة آلاف معارض سوري معتدل سنويا لقتال تنظيم داعش، لكن الفشل كان ذريعًا، إذ إنه لم يسمح سوى بتدريب عشرات المقاتلين.
سمير النشار، المعارض السوري البارز وعضو الائتلاف الوطني السوري قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تجربة التدريب، في الواقع، أثبتت فشلها، وذلك أن مقاتلين بالعشرات، يتلقون تدريبًا على أمل مقاومة (داعش)، في الوقت الذي أصبح الجيش العراقي مدعومًا بالحشد الشعبي وغارات جوية دولية وخبراء إيرانيين، ولذلك لم تعط نتيجة عملية في العراق»، متسائلاً: «كيف للعشرات من السوريين أن يقفوا وحدهم في مواجهة (داعش)».
وتابع النشار: «هذا نوع من أشكال العبث، لأن الأميركيين كانوا يفترضون أن المقاتلين ضد النظام والتدخل الإيراني والميليشيات الحليفة، هم فقط مخصصون لقتال (داعش)، ونسوا أن الثورة قامت ضد نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد للانتقال إلى نظام مدني وديمقراطي». وأردف: «التجربة المرّة، أوصلت واشنطن إلى قناعة بأن البرنامج فاشل ولا يمكن الاستمرار به، وسط اعتقاد راسخ لدى بعض أعضاء الكونغرس بأن البرنامج عبارة عن مزحة، وهو ما دفعها للتخلي عنه والتفكير في شيء آخر أكثر عملية». وأعرب النشار عن توقعاته أن تستعيض واشنطن عن ذلك البرنامج، بزيادة حجم الدعم العسكري للقوى المعتدلة التي تدعمها بعض الدول العربية الصديقة للشعب السوري.
غير أن التخلي عن البرنامج وحده، ليس مؤشرًا على «الالتباس» في الرؤية الأميركية تجاه النزاع السوري، إذ قال النشار إن «مقاصد موسكو من التدخل باتت معلومة، وسط غياب موقف أميركي واضح من التدخل». وأضاف: «صار واضحًا للأميركيين، بغضّ النظر عن التصريحات الروسية، أن التدخل ليس لضرب (داعش)، ذلك أنه لم يتلق إلا جزءًا يسيرًا من الضربات، بل جاء بالتنسيق مع إيران لمصلحة النظام والدفاع عنه، علمًا أنه لولا التدخل الروسي والإيراني، كان النظام سينهار». وإذ لفت إلى أن «كل الضربات والمعارك تجري في نطاق (سوريا المفيدة) والحدود المتاخمة لهذه المنطقة في حمص ودمشق وإدلب وحماه»، قال إن «هذا المشروع تعمل روسيا لتكريسه»، في إشارة إلى مشروع تقسيم غير معلن، يمتد من مدينة درعا جنوبًا إلى مدينة حلب شمالاً، وتبقى المناطق الواقعة غرب هذا الخط باتجاه الحدود اللبنانية والساحل السوري، بعهدة النظام السوري.
واستطرد النشار: «الموقف الأميركي من هذا المشروع ليس واضحًا، وقد تكون له رؤية وحسابات أخرى.. وقد تجد واشنطن نفسها مستفيدة في المحصلة من التدخل الروسي، ولكن ذلك سيكون على حساب تضحيات السوريين». ومن ثم، أكد النشار أن قوى المعارضة السورية «لا تزال تعول على بعض الأشقاء وأصدقاء الشعب السوري من العرب، وخصوصًا السعودية، لمواجهة الغزو الروسي والإيراني لسوريا».
بموازاة ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء الجمعة أن روسيا والولايات المتحدة باتتا مستعدتين لاستئناف مباحثات حول أمن المجال الجوي السوري، حيث تنفذ الدولتان عمليات عسكرية منفصلة. وعبر «البنتاغون» هذا الأسبوع عن قلقه بعدما تأخرت روسيا في الرد على مقترحات قدمت خلال محادثات أولية. لكن المتحدث باسم «البنتاغون» بيتر كوك، صرّح الجمعة بأن موسكو قدمت ردًا. وقال إن «وزارة الدفاع الأميركية تلقت ردًا رسميًا من وزارة الدفاع الروسية بشأن اقتراح لضمان أمن العمليات الجوية في سوريا.. وأن مسؤولي (البنتاغون) يدرسون الرد حاليا ويمكن أن تجري مفاوضات اعتبارا من نهاية الأسبوع الحالي».
الجدير بالذكر، أن المسؤولين الأميركيين استاءوا بعدما أبلغهم الروس بشكل مبهم بتدخلهم العسكري قبل ساعات قليلة من بدايته. أما مشكلة تأمين المجال الجوي السوري فطرحت مع دخول روسيا عسكريا في النزاع داخل سوريا في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، بينما تقود الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا ينفذ غارات في سوريا منذ سبتمبر 2014 على مواقع تنظيم «داعش».
وغداة الضربات الروسية الأولى، أجرى مسؤولون مدنيون وعسكريون أميركيون محادثات عبر الفيديو مع نظرائهم الروس «لخفض خطر التصادم»، العبارة التي يستخدمها الأميركيون. وتتركز هذه المحادثات حول إجراءات لضمان سلامة الطيران بما في ذلك اللغة التي يفترض أن تستخدمها طواقم الطائرات الحربية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.