قرار بتوقيف رئيس تحرير صحيفة تركية بتهمة «إهانة إردوغان»

قال لـ {الشرق الأوسط} إنه أنهى عدد اليوم

قرار بتوقيف رئيس تحرير صحيفة تركية بتهمة «إهانة إردوغان»
TT

قرار بتوقيف رئيس تحرير صحيفة تركية بتهمة «إهانة إردوغان»

قرار بتوقيف رئيس تحرير صحيفة تركية بتهمة «إهانة إردوغان»

أصدرت السلطات التركية أمس قرارًا بتوقيف بولند كينتش رئيس تحرير جريدة «تودايز زمان» المعارضة الصادرة باللغة الإنجليزية بتهمة إهانته الرئيس رجب طيب إردوغان، بعد اعتراض المدعي العام على قرار المحكمة بإخلاء سبيله بعد استجوابه الأولي أول من أمس.
وفي ساعة متأخرة من بعد ظهر أمس، اتصلت «الشرق الأوسط» بكينتش الذي أكد أنه ينتظر وصول رجال الشرطة إلى مبنى الصحيفة لتوقيفه، مشددا على أن ما يجري هو محاولة لكم أفواه الصحافة المعارضة لـ(الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان.
ونفى كينتش بشدة أن يكون قد أهان رئيس البلاد، لكنه اعترف بأنه وجه «انتقادات قاسية» له. وقال: «الديمقراطية التركية تعيش أوقاتا صعبة ووضعا سيئا، فكل معارض لإردوغان يصبح تحت الضغط، وإذا لم يتهم باتهامات جنائية، يتهم بإهانة الرئيس، وهي عبارة فضفاضة قد تستخدم من أجل الضغط على الصحافيين والأكاديميين المعارضين لمنعهم من رفع الصوت، تحت طائلة تفسير أي انتقاد للرئيس على أنه إهانة». وأضاف: «لقد تمت إدانة بعض الصحافيين والأكاديميين بتهمة إهانة الرئيس وبعضهم نال حكما بالسجن لـ11 شهرا. اليوم اختاروني أنا، ولا أعلم من سيكون التالي».
وكرر كينتش تأكيده أنه لم يهن الرئيس. وقال: «إذا ترجمت تغريداتي للإنجليزية فسيجد الجميع أنها لا تحوي أي إهانات، وكل ما فيها هو انتقادات حادة، بعضها غير مباشر، وقد اعتبرها إردوغان موجهة له شخصيا، رغم أني لم أسمه» وشدد على أن «جريمة الإهانة غير متوفرة فيما أورده من تغريدات»، مشيرا إلى أن بعض التغريدات التي واجهه بها القضاء في التحقيق الأول الذي جرى معه هو عبارة عن تغريدات لآخرين، أعدت تغريدها، بينها ما هو صادر عن رئيس حزب الشعب الجمهوري (المعارض). وأضاف: «أنا أعلم ما كتبت، وليس فيه أي إهانة، لكني مدرك أنهم (الحكومة) غير سعداء بتغطية صحيفتنا للوضع التركي ويحاولون الضغط علينا».
وعما إذا كان يعتبر أن قرار توقيفه مرتبط بنشاطات حركة «خدمة» التي يرأسها الداعية فتح الله غولن، أكد كينتش أن هذه الحركة هي حركة غير سياسية، ولا تمارس أي نشاط سياسي أو انتخابي، بل فقط التعليم والمدارس وما شابه. واعتذر كينتش عن الاسترسال في الحوار بسبب اضطراره لمتابعة التفاصيل الأخيرة لعدد السبت من الصحيفة، موضحا أنه يريد إنهاء الطبعة في أسرع ما يمكن لإنهاء عمله قبل وصول الشرطة. وأضاف: «تركت خبر استدعائي للتوقيف مفتوحا، وربما ينهيه زملائي» مشيرا إلى أنه جاهز نفسيا وجسديا للتوقيف، وأضاف ضاحكا: «مع هذا فالانتظار ليس جيدا والوقت لا يمر سريعا». واستدرك «إنه أمر يحدث في تركيا هذه الأيام. أوقفوا زملاء لي قبل ذلك، واليوم دوري».
وكانت النيابة العامة اتهمت كينتش بإساءة الرئيس إردوغان في تغريدات نشرها في أوقات مختلفة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وأحالته إلى المحكمة بطلب الاعتقال، إلا أن دائرة الصلح والجزاء الرابعة في إسطنبول رفضت الطلب وأفرجت عنه قيد المحاكمة مع حظر سفره إلى خارج البلاد. وبعد اعتراض المدعي العام على قرار المحكمة، أصدرت دائرة الصلح والجزاء الخامسة مساء أمس قرارًا بإلقاء القبض على كينتش.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».