«قوات وهمية» تحمي قادة الخط الأول في العراق

المتحدث باسم العبادي: شكلنا لجنة خاصة للتحقيق

«قوات وهمية» تحمي قادة الخط الأول في العراق
TT

«قوات وهمية» تحمي قادة الخط الأول في العراق

«قوات وهمية» تحمي قادة الخط الأول في العراق

مع بدء أولى الخطوات الخاصة بتقليص أفواج حمايات الرئاسات الثلاث في العراق استنادا لحزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد القيام بالإجراءات الخاصة بإعادة أفواج الحمايات الخاصة بالرئاسات الثلاث تم التوصل إلى ملف فساد يجري التحقيق فيه من قبل جهة مختصة يتضمن ما معناه وجود أسماء وهمية في هذه الأفواج لا وجود لها إلا في الرواتب والامتيازات».
وقال الحديثي إن لجنة خاصة شكلت لهذا الغرض من قبل رئيس الوزراء، وتأكدت من وجود هؤلاء الذين بات يطلق عليهم في العراق اسم فضائيين من بين من يتولون حماية هؤلاء المسؤولين الكبار. وأضاف الحديثي إن «التحقيق الجاري حاليا لا سيما بعد كشف كامل خيوط هذا الملف يتضمن الوصول إلى المتورطين بهذا الملف وأين تذهب رواتب وامتيازات هؤلاء الفضائيين الذين يعدون بالآلاف هل من بين المسؤولين من يعرف ذلك أم من الضباط والعسكريين الذين يتولون مسؤولية هذه الأفواج».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هناك امتيازات لبعض كبار المسؤولين من بينهم نوري المالكي رئيس الوزراء السابق وعمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي وقادة آخرون قال الحديثي إن «الجميع سوف يشمل بهذه الإجراءات دون استثناء لأحد مهما كان، على أن يتم تنفيذ هذا الأمر على شكل خطوات بدأت الخطوة الأولى منه والتي تم من خلالها إعادة الألوية الرئاسية ممن تم جرد محتوياتها ومعداتها وآلياتها وإلحاقها بوزارتي الدفاع والداخلية حيث لم تعد خاضعة من حيث الأوامر إلى أي من المسؤولين الذين كانت تتولى حمايتهم». وأوضح الحديثي أنه: «بعد الكشف عن وجود فضائيين في هذه الألوية والأفواج الرئاسية فإن العمل بدأ يأخذ صيغة التحري والدقة» موضحا أن «هناك مواقع مهمة متاخمة للمنطقة الخضراء في منطقتي الكرادة والجادرية لا تزال بحاجة إلى حمايات لكن كمواقع وليست أشخاصا وتحت إمرة الداخلية والدفاع، حيث تقرر أن تبقى أعداد من هؤلاء لتوفير الحماية إلى هذه الأماكن».
لكن مصدرا مسؤولا أبلغ «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه إلى أن «هناك مسؤولين وزعماء سياسيين هم ليسوا جزءا من الرئاسات الثلاث ولكنهم يعدون من قادة الخط الأول من بينهم زعامات في التحالف الوطني تتوزع مقرات عملهم ومساكنهم في محيط المنطقة الخضراء ضغطوا على العبادي في إبقاء أعداد كبيرة من الحمايات المخصصة لهم من منطلق أن هذه المناطق مستهدفة من قبل الإرهاب وبالتالي فإن سحب الحمايات منها بهذه السرعة يمكن أن يجعلها هدفا سهلا للعمليات الانتحارية والتفجيرات التي نشطت في العاصمة بغداد في الآونة الأخيرة». وأضاف المصدر إلى أن «العبادي وافق على مبدأ توفير الحماية لهذه الأماكن شريطة أن تتلقى القوات الخاصة بالحماية أوامرها من وزارتي الدفاع والداخلية حسب العائدية». على صعيد متصل أعلنت رئيس حركة «إرادة» النائبة حنان الفتلاوي أن نحو 600 مليار دينار تخصص سنويا فقط للرواتب والوقود. وقالت الفتلاوي في بيان صحافي لها إن «أكبر ملف فساد هو ملف الأفواج الخاصة (حمايات المسؤولين)، والذي كانت ترفض كل الجهات تزويدنا بأي أوليات عنه أو الحديث به»، مشيرة إلى أن «تقرير ديوان الرقابة المالية الذي صدر في شهر حزيران (يونيو) 2015 أصبح دليل إدانة، ولذلك كان أحد ملفات الاستجواب لوزارة الدفاع لكون هذه الأفواج تابعة للدفاع ورواتبها وتجهيزها وتسليحها من موازنة الوزارة». وأوضحت الفتلاوي أن «عدد الأفواج الخاصة يبلغ 28 فوجا، وبعضها لمسؤولين سابقين، وكذلك رئيس إقليم كردستان الذي يبلغ عدد عناصر فوج حمايته 628 عنصرا تبلغ رواتبهم 622 مليون دينار شهريا، وعدد عناصر حماية نائب رئيس الإقليم 429 عنصرا وغيرهم آخرون»، لافتة إلى أن «رواتب الأفواج الخاصة تكلف الدولة 169 مليار دينار سنويا». وأضافت أنه «حسب الجدول رقم واحد وحسب كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء يفترض أن يكون عدد منتسبي كل فوج 60 منتسبا، لكن الموجود الفعلي يتراوح بين 500 - 600، ما يعني زيادة 500 في كل فوج»، منوهة إلى أن «كل فوج يعطى 36 ألف لتر وقود سنويا، ومجموع مبالغها إذا ضربناها في 28 فوجا وسنويا تساوي 420 مليار دينار».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.