بأغلبية 5 أصوات فقط.. البرلمان اليوناني يمنح الثقة لحكومة تسيبراس

المواطنون يتخوفون من إقدام السلطات على خفض الأجور والاستمرار في فرض الضرائب

رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس خلال إلقاء كلمته قبل حصوله على ثقة البرلمان أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس خلال إلقاء كلمته قبل حصوله على ثقة البرلمان أمس (رويترز)
TT

بأغلبية 5 أصوات فقط.. البرلمان اليوناني يمنح الثقة لحكومة تسيبراس

رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس خلال إلقاء كلمته قبل حصوله على ثقة البرلمان أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس خلال إلقاء كلمته قبل حصوله على ثقة البرلمان أمس (رويترز)

نالت حكومة رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، المؤلفة من حزبي «سيريزا» اليساري، و«اليونانيين المستقلين» اليميني، ثقة البرلمان في وقت مبكر من بداية أمس، وهو ما سيمكنها من بدء العمل على تنفيذ تدابير التقشف والإصلاحات، التي تعهد بها تسيبراس لدائني البلاد، مقابل الحصول على خطة إنقاذ مالي جديدة.
وحصلت الحكومة اليونانية الائتلافية الجديدة، التي تم تشكيلها إثر ظهور نتائج الانتخابات العامة في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، على ثقة 155 نائبا من أصل 300، كما صوتت المعارضة بكامل أطيافها على حجب الثقة، حيث برر فانجليس ميماراكيس، خصم تسيبراس اليميني المحافظ، قرار تصويته بحجب الثقة باتهام رئيس الوزراء بـ«النفاق السياسي»، وبالتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي في اليونان.
واختتمت عملية التصويت التي شارك فيها 299 برلمانيا، بعد ثلاثة أيام من النقاشات التي خلت من رهان حقيقي؛ إذ تبقى خريطة طريق الحكومة الجديدة محكومة بالاتفاق الذي أبرم في 13 يوليو (تموز) الماضي بين تسيبراس والجهات الدائنة، أبرزها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وآلية الاستقرار في أوروبا، بهدف تجنيب البلاد الغارقة في ديون طائلة، الخروج من منطقة اليورو.
وكان تسيبراس قد أكد مجددا قبل التصويت أن هدفه الأول هو الالتزام السريع بتعهداته تجاه الدائنين من أجل الحصول في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على ضوئهم الأخضر لإنجاز إعادة رسملة المصارف بحلول نهاية العام، والشروع في المفاوضات حول تخفيف عبء الديون عن البلاد. وتوقع تسيبراس أن تتمكن اليونان من معاودة اقتراض أموال من الأسواق الدولية في مطلع 2017، مؤكدا أن التطبيق السريع للتدابير التي طالب بها الدائنون يعد أفضل طريقة لإنهاء وصايتهم بشكل سريع، والسماح بخروج نهائي من الأزمة بحلول نهاية ولايته المكونة من أربع سنوات.
وأبلغ رئيس الوزراء اليوناني أعضاء البرلمان، أمس، أنه يجب على أثينا إتمام المراجعة الأولى لبرنامجها الدولي الجديد للدعم المالي خلال نوفمبر المقبل، من أجل أن تبدأ محادثات حول تخفيف أعباء الديون قبل نهاية العام الحالي 2015، على اعتبار أن اليونان وعدت بتنفيذ برنامج الإنقاذ المالي الثالث الذي اتفقت عليه مع مقرضيها في مقابل الحصول على مساعدات مالية بقيمة 86 مليار يورو، خاصة أن أثينا تأمل في أن حدوث تخفيف في أعباء الديون سوف يساعدها على العودة إلى أسواق الديون الدولية لاحقا.
وقبل أن يطلب دعم أعضاء البرلمان بمنحة الثقة، قال تسيبراس لمؤيديه: «لقد وضعنا أيدينا في النار، ونحن فخورون بذلك، لأن اليسار والتقدميين لعبوا دورا مهما، لكن ليس في إظهار المصاعب التي سنواجهها، وليس بالوقوف جانبا لمشاهدة المصاعب والحديث عنها وعن المعركة المقبلة، وإنما لتغيير الأمور وتصدر الخطوط الأمامية للجبهة»، ولكن جميع أحزاب المعارضة صوتت ضد منح الثقة لحكومة الائتلاف.
من جانبه، قال زعيم حزب الديمقراطية الجديدة فانجليس ميماراكيس لتبرير معارضته: «سوف نوافق على كل ما هو إيجابي، ولكننا سنقول لا لكل المقاربات التي تفرض هيمنة الدولة، وتكرس شراكة مضرة.. لا للسياسات التي تنال من المبادرة الخاصة، والتي تضر بالمزارعين وتؤدي إلى اختفاء المهن الصغرى».
وكان تسيبراس قد استقال في 20 أغسطس (آب) الماضي، عقب فقده الغالبية بعدما انشق المتشددون المعادون للاتحاد الأوروبي من حزبه «سيريزا»، احتجاجا على اتفاقه مع الدائنين بسبب مخالفته الوعود التي انتخب على أساسها في يناير (كانون الثاني)، والمبنية على سياسات الحد من إجراءات التقشف. ومع استقالة تسيبراس شهدت اليونان انتخابات جديدة مبكرة، فاز فيها بفارق كبير عن خصومه، وذلك بحصوله على 35.46 في المائة من الأصوات، مقابل 28.10 في المائة لحزب الديمقراطية الجديدة اليميني، الذي يمثل المعارضة الرئيسية.
وفي حكومته الجديدة المكونة من 44 وزيرا، احتفظ تسيبراس بوزرائه الأساسيين، بينهم وزير المال إفكيليديس تساكالوتوس الذي يلقى تقدير نظرائه الأوروبيين، خلافا لسلفه يانيس فاروفاكيس، وأيضا وزير الخارجية نيكوس كوتزياس.
لكن وفقا لبعض المحللين، فإن حكومة تسيبراس، التي حصلت على منح الثقة ببرلمانييها فقط، ستواجه تحديات حقيقية تلوح في الأفق، حيث يواجه الوزراء ضغطا شديدا في إعداد وتمرير كثير من مشاريع القوانين، التي تفرض غالبيتها أعباء كثيرة سوف تقع على كاهل المواطن اليوناني، أهمها خفض الأجور والمعاشات والاستمرار في فرض الضرائب، حتى تقدم الحكومة ما تم الاتفاق عليه مع دائني البلاد، وهو ما يثير مخاوف المواطنين الذين يعانون أزمات مالية خانقة.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا، اليوم السبت، مع انتخاب نواب حزب «الحلم الجورجي» اليميني المتطرف الحاكم مرشّحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي.

وتمت الدعوة إلى تظاهرة حاشدة صباح السبت أمام البرلمان حيث ستُجرى الانتخابات الرئاسية التي تعتزم المعارضة مقاطعتها.

ويُعد كافيلاشفيلي، المعروف بتهجّمه اللاذع على منتقدي الحكومة، المرشح الرئاسي الوحيد رسميا لأن المعارضة رفضت المشاركة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) وشُككت في نتيجتها، ولم ترشحّ أحدا لمنصب الرئيس.

ويتّهم المتظاهرون كافيلاشفيلي البالغ 53 عاما، بأنه دمية بين يدَي الملياردير بدزينا إيفانيشفيلي الذي جمع ثروته في روسيا وأسس حزب «الحلم الجورجي» ويحكم جورجيا من الكواليس منذ العام 2012.

المرشّح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وتتخبّط الدولة القوقازية في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم وطعنت بنتائجها المعارضة المؤيدة لأوروبا. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت الحكومة قرارا أرجأت بموجبه إلى العام 2028 بدء المساعي لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف منصوص عليه في الدستور.

واثار هذا القرار احتجاجات شعبية نظمها المؤيدون لأوروبا تخللتها صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

ومنذ صدور القرار تشهد جورجيا كل مساء تظاهرات احتجاجية تفرّقها الشرطة باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ويردّ عليها المتظاهرون برشق عناصر الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

ويقول المتظاهرون إنّهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تراجع الحكومة عن قرارها.

وللمرة الأولى منذ بدأت هذه الاحتجاجات، سارت في تبليسي الجمعة تظاهرة نهارية نظّمتها هذه التظاهرة الحاشدة قطاعات مهنية.

ودعت المعارضة التي تتّهم الحكومة باتباع نهج استبدادي موال لروسيا إلى عشرات التجمعات الاحتجاجية في العاصمة تبليسي مساء الجمعة.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

* الرئيسة المنتهية ولايتها

أعلنت الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بسلطات محدودة لكنّها على خلاف مع الحكومة وتدعم المتظاهرين، أنها لن تتخلى عن منصبها إلى أن يتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته الجمعة، قالت زورابيشفيلي إنّ الانتخابات الرئاسية المقررة السبت ستكون «غير دستورية وغير شرعية».

في جورجيا، صلاحيات رئيس الدولة محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاما، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا.

ومساء الجمعة، جرت التظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخللتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر.

وأوقفت السلطات خلال الاحتجاجات أكثر من 400 شخص، بحسب الأرقام الرسمية.

أوروبياً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة مصورة إنّ فرنسا تقف بجانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديموقراطية».

علم الاتحاد الأوروبي يتصدر مسيرة احتجاجية في تبيليسي (أ.ف.ب)

* تهديد الديمقراطية

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيرا إلى أنّ التظاهرات كانت أكثر هدوءا منذ أيام، وأنّ الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية.

وأعلنت واشنطن الجمعة أنّها فرضت على حوالى 20 شخصا في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات متّهمين بـ«تقويض الديمقراطية».

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيسا، شكك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه المرتقب، ومن بينهم أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه.

ويقول هذا الخبير الدستوري إنّ سبب هذا التشكيك هو أنّ البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافا للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وأضاف خمالادزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشددا على أنّ «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين، والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضا».