الروس بدأوا يطرحون تساؤلات كثيرة حول بقاء بوتين زعيمًا لبلادهم

مقربون منه يقولون إنه زعيم معزول.. يؤمن بالدسائس ويعيش رهينة حاشيته

فلاديمير بوتين في اجتماع قمة باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من المسؤولين الأوكرانيين (رويترز)
فلاديمير بوتين في اجتماع قمة باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من المسؤولين الأوكرانيين (رويترز)
TT

الروس بدأوا يطرحون تساؤلات كثيرة حول بقاء بوتين زعيمًا لبلادهم

فلاديمير بوتين في اجتماع قمة باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من المسؤولين الأوكرانيين (رويترز)
فلاديمير بوتين في اجتماع قمة باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من المسؤولين الأوكرانيين (رويترز)

أتمّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عامه الـ63 هذا الأسبوع باستعراض الجرأة التي أصبحت معروفة عنه، وبإعطاء انطباع بأنه أصبح أكثر اطمئنانًا لقبضته على السلطة، خاصة بعد أن هزم الغرب خلال العامين الأخيرين في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا وسوريا، وبعد أن تبيّن بجلاء، أن العقوبات الغربية فشلت على ما يبدو في الحد من طموحاته. لكن خلف هذه الصورة المبهرة تختفي صورة أخرى غير معروفة للجميع.
فبعض حلفاء بوتين السابقين الذين فقدوا حظوتهم لديه خلال 15 عامًا قضاها في السلطة، بدأوا يرسمون صورة مختلفة للرئيس، وأصبحوا يقولون إن وضع بوتين زعيمًا لروسيا هو أبعد ما يمكن أن يكون مضمونًا، إذ أوضح سيرغي بوغاتشيف، الذي كان يعتبر بوتين صديقًا مقربًا لعائلته، لوكالة «رويترز»، أن «بوتين أصبح رهينة حاشيته».
ونظرًا للسرية التي تكتنف الكرملين، فمن المستحيل التأكد من رواية بوغاتشيف. لكن مقابلات مع رجال أعمال روس آخرين ودبلوماسيين أجانب، ترسم صورة مماثلة وإن كانت جزئية. فبالنسبة لبوغاتشيف فإن مفاتيح حل لغز مدى بقاء بوتين كزعيم مطلق لروسيا يكمن في مدى اقتناع بوتين نفسه بسلامته الشخصية، والعثور على خليفة له، وفي المعارك الدائرة بين زمرة المحيطين به على غنائم القوة العظمى السابقة. وفي هذا الشأن قال بوغاتشيف، إن «بوتين سيظل في السلطة حتى يعثر على مسار لترتيبات تضمن سلامته.. فهو لم يعد يملك ثقة في دائرته المقربة.. وما يقولونه أمامه مختلف تمام الاختلاف عما يقولونه عندما لا يكون موجودًا».
ومنذ أن عين الرئيس السابق بوريس يلتسين بوتين قائمًا بأعمال الرئيس عام 1999 ألصقت به أوصاف مختلفة، منها القيصر، والمصلح، والشرطي السري، وأغنى أغنياء روسيا. لكن في برقيات دبلوماسية نشرها موقع «ويكيليكس» عام 2010 وصف دبلوماسيون أميركيون بوتين بأنه حاكم روسيا المستبد، الذي يحكم من خلال السماح للمسؤولين الفاسدين والجواسيس بالسرقة. لكنّ الكرملين وصف تلك الفكرة بأنها سخيفة، في حين وصف أصدقاء وأعداء بوتين بأنه زعيم يحاول الجمع بين روسيا الحديثة والقوة العظمى السوفياتية السابقة، والتقاليد الأسطورية لقياصرة ما قبل الثورة البلشفية.
لكن وصف بوغاتشيف لبوتين بزعيم أقل شعورًا وإحساسًا بالأمان يتفق مع آراء ميخائيل خودوركوفسكي، الذي تصدر في فترة من الفترات قائمة أثرياء روسيا، وألقي عليه القبض عام 2003، حيث قال خودوركوفسكي، الذي أطلق سراحه عام 2013 بعد أن قضى عشر سنوات في السجون الروسية، إنه «مهما قالت آلة العلاقات العامة والدعاية الخاصة بالكرملين فالرئيس بوتين ليس رجلاً خارقًا. ومن الواضح أن الخريف قد وصل إلى بوتين».
أما بالنسبة لبوغاتشيف فإن التفسيرات لقوة بوتين تتناسى عدم الاستقرار الذي اكتنف روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث تحتم على بوتين أن يجتاز بكل حرص المعارك الدائرة بين زمرة المحيطين به على الثروة والتي تسودها الفوضى. وقد قال بوغاتشيف عن هذه الزمرة: «هؤلاء الناس سيخدمون أي واحد يدافع عن مصالحهم القائمة على الرشوة.. وهؤلاء الناس رهائن لجرائمهم.. فهم يحتاجون إلى شخص يمثل مصالحهم على أقل تقدير. وإذا تغير الوضع واعتبروا أن بوتين لا يدافع بدرجة كافية عن مصالحهم فأنا أعتقد أن أي شيء ممكن أن يحدث».
وطبقًا لهذا التحليل، فثمة خطر محدق ببوتين لأنه انتهج سياسة أدت إلى تعرض روسيا لعقوبات الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا، وهو ما أثر سلبًا على أرباح هذه الزمرة. وفي هذا الصدد قال مصدر دبلوماسي غربي، إن بوتين «لا يتلقى معلومات كافية، ومن غير الواضح طول الفترة التي سيقضيها في السلطة في ضوء مشكلات روسيا الاقتصادية. فقد انخفضت قيمة الروبل إلى النصف مقابل الدولار منذ عام 2012 الذي انتخب فيه بوتين رئيسًا لفترة ثالثة». في حين قال رجل أعمال روسي له نفوذ كبير، مشترطًا عدم نشر اسمه لأن مناقشة مستقبل بوتين من المحرمات في روسيا، إن «الاقتصاد في غاية السوء في روسيا.. والأوضاع هناك من المستحيل التنبؤ بها، لكنها يمكن أن تتغير بسرعة كبيرة».
وبخصوص تحول بوتين للمواجهة مع الغرب في أوكرانيا، أوضح بوغاتشيف، أن هذه الخطوة كانت نابعة من اعتماده على توجيه المتشددين في الكرملين، وقال موضحًا: «لقد وثق بالصقور ولم يكن قد حقق نجاحًا. فهو ليس زعيمًا للصقور، لكنه على مدى 15 سنة تنقل بين الدوائر المختلفة».
ووصف رجل أعمال روسي آخر له دراية بما يدور في الكرملين الرئيس بوتين بأنه زعيم معزول، يفهم أنه لا يمكنه قط أن يترك منصبه. لكن «لا أحد يقول الحقيقة له. فهو لا يمكنه الرحيل، وهو يدرك ذلك، كما أنه يؤمن بالدسائس».
من جهته، حذر سيرغي جوزيف، الاقتصادي الذي هرب من روسيا عام 2013 إلى فرنسا، من المبالغة في تقدير المعارضة الداخلية.
وقال إنه على «فلاديمير بوتين أن يأخذ في الحسبان مصالح أصحاب المصالح المختلفة.. ومع ذلك ففي النظام الحالي لا أحد داخل النخبة الروسية يستطيع الاقتراب منه من حيث السلطة والنفوذ. فإذا أراد هو شخصيًا أن يفعل كذا فلا زمرة ولا مجموعات نخبوية تستطيع أن تمنعه».
وردًا على سؤال حول ما إذا كان بوتين سيبقى في السلطة مدى الحياة قال بوغاتشيف: «من الصعب بالنسبة لي أن أقول كيف سينتهي كل شيء. لكن أعتقد أن الركود باقٍ لمدة طويلة على الأرجح».



كوريا الجنوبية: القضاء يمدّد توقيف الرئيس المعزول ومحتجّون يقتحمون مقر المحكمة

أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
TT

كوريا الجنوبية: القضاء يمدّد توقيف الرئيس المعزول ومحتجّون يقتحمون مقر المحكمة

أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)
أنصار رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول خارج المحكمة (أ.ف.ب)

مدّدت محكمة كورية جنوبية، يوم الأحد بالتوقيت المحلي، توقيف رئيس البلاد يون سوك يول، المعزول على خلفية محاولته فرض الأحكام العرفية، في قرار أثار حفيظة مناصرين له سرعان ما اقتحموا مقر المحكمة.

وعلّلت محكمة سيول، حيث مثل الرئيس المعزول، القرار بـ«تخوّف» من أن يعمد الأخير إلى «إتلاف أدلة» في تحقيق يطاله، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومثل يون أمام القضاء للبتّ في طلب تمديد احتجازه، بعد توقيفه للتحقيق معه في محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد.

وتجمع عشرات الآلاف من أنصاره خارج قاعة المحكمة، وبلغ عددهم 44 ألفاً بحسب الشرطة، واشتبكوا مع الشرطة، وحاول بعضهم دخول قاعة المحكمة أو مهاجمة أفراد من قوات الأمن جسدياً.

وأفاد مسؤول في الشرطة المحلية، «وكالة الصحافة الفرنسية»، باعتقال 40 متظاهراً في أعقاب أعمال العنف. وردد المتظاهرون شعارات مؤيدة للرئيس المعزول، وحمل كثير منهم لافتات كُتب عليها «أطلقوا سراح الرئيس».

وتحدث يون الذي أغرق كوريا الجنوبية في أسوأ أزماتها السياسية منذ عقود، مدّة 40 دقيقة أمام المحكمة، بحسب ما أفادت وكالة «يونهاب».

وكان محاميه يون كاب كون، قد قال سابقاً إن موكّله يأمل في «ردّ الاعتبار» أمام القضاة. وصرّح المحامي للصحافيين بعد انتهاء الجلسة بأن الرئيس المعزول «قدّم أجوبة وتفسيرات دقيقة حول الأدلّة والأسئلة القانونية».

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث من ديسمبر (كانون الأول) عندما أعلن الأحكام العرفية، مشدداً على أن عليه حماية كوريا الجنوبية «من تهديدات القوى الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المناهضة للدولة».

ونشر قوات في البرلمان لكن النواب تحدوها وصوتوا ضد الأحكام العرفية. وألغى يون الأحكام العرفية بعد 6 ساعات فقط.

وفي 14 ديسمبر، اعتمدت الجمعية الوطنية مذكّرة للإطاحة به، ما تسبّب في تعليق مهامه. لكنه يبقى رسمياً رئيس البلد، إذ إن المحكمة الدستورية وحدها مخوّلة سحب المنصب منه.