الرئيس الأوكراني يعلن بدء هدنة حقيقية في الشرق.. ويؤكد: الحرب لم تنته بعد

واشنطن تشيد بتأجيل الانتخابات المحلية في دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين

شرطي من القوات الدولية يراقب عملية سحب الدبابات بالقرب من بلدة نيزينجي شرق أوكرانيا أول من أمس (رويترز)
شرطي من القوات الدولية يراقب عملية سحب الدبابات بالقرب من بلدة نيزينجي شرق أوكرانيا أول من أمس (رويترز)
TT

الرئيس الأوكراني يعلن بدء هدنة حقيقية في الشرق.. ويؤكد: الحرب لم تنته بعد

شرطي من القوات الدولية يراقب عملية سحب الدبابات بالقرب من بلدة نيزينجي شرق أوكرانيا أول من أمس (رويترز)
شرطي من القوات الدولية يراقب عملية سحب الدبابات بالقرب من بلدة نيزينجي شرق أوكرانيا أول من أمس (رويترز)

أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس بدء سريان «هدنة حقيقية» في شرق البلاد الانفصالي الموالي لروسيا، الذي يشهد منذ 18 شهرًا نزاعًا داميًا، لكنه أكد في المقابل أن الحرب لن تنتهي إلا مع تحرير الأراضي الأوكرانية من «المحتل» الروسي.
وقال الرئيس الموالي للغرب في خطاب أمام طلاب المعهد العسكري في كييف: «نشهد هدنة تامة خلال الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث لم تسجل أي طلقة نارية».
وأوقع النزاع في الشرق الانفصالي الموالي لروسيا أكثر من ثمانية آلاف قتيل منذ أبريل (نيسان) 2014، مع تزايد الاتهامات من كلا الجانبين حول من يتحمل المسؤولية في وقوع أي خرق للهدنة الموقع بين الطرفين.
وأضاف بوروشينكو مؤكدًا: «إنها هدنة فعلية. لكن هذا لا يعني السلام أو نهاية الحرب التي لن تكون إلا حينما يتم تحرير كل شبر من الأراضي الأوكرانية من العدو المحتل والمعتدي. لكن هذا ليس مجرد وقف إطلاق نار بل هدنة فعلية». ويتهم الغرب وكييف روسيا بدعم المتمردين في الشرق عسكريًا، ونشر قوات نظامية، وهو أمر ظلت موسكو تنفيه بشكل مستمر.
وقد اندلع هذا النزاع بعد شهر على ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وتبعه استفتاء مثير للجدل لم تعترف به المجموعة الدولية. وفي حين تم الالتزام إلى حد كبير بوقف إطلاق النار منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، اتفق المتمردون وكييف الأسبوع الماضي على سحب دباباتهم وقطع المدفعية من عيار يقل عن مائة ملليمتر (مللم) من خط الجبهة.
وقد انتهت هذه العملية في لوغانسك، إحدى الجمهوريتين المتمردتين المعلنتين من جانب واحد، حسبما أعلن الجيش الأوكراني والمتمردون أمس.
ومن المفترض أن يبدأ سحب الأسلحة في دونيتسك في 18 من أكتوبر الحالي، بعد أن تم التوصل إلى هذا القرار في إطار بادرة حسن نية، تهدف إلى ترسيخ الهدنة حتى وإن لم تنص عليه اتفاقات السلام المعروفة باتفاقات «مينسك 2» الموقعة في فبراير (شباط) الماضي بوساطة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبعد قمة باريس الجمعة الماضي بين القادة الثلاثة والرئيس الأوكراني، أقر هولاند بأن تطبيق عملية السلام سيتأخر ولن ينتهي في 2015 كما هو مقرر.
لكن حتى وإن وافق المتمردون على تأجيل الانتخابات المحلية المقررة في الخريف الحالي، إلى سنة 2016 نزولا عند رغبة الأوروبيين، إلا أن التفسيرات تختلف بشأن شروط تنظيمها، حيث قال وزير الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين أمس أمام النواب: «لقد اتفقنا في باريس على إلغاء هذه الانتخابات وليس تأجيلها». كما أكد الوزير أيضا أن الانتخابات لن تنظم إلا إذا انسحبت القوات الروسية واستعادت أوكرانيا السيطرة على حدودها مع روسيا، التي تمتد على 400 كلم، حيث يُنقل، وفقًا لكييف والغربيين، العتاد إلى الشرق المتمرد.
وأضاف وزير الخارجية في مداخلة أمام النواب أنه «طبقا لكافة معايير القانون الدولي والوطني لا يمكن تنظيم انتخابات في المناطق التي توجد فيها قوات أو أسلحة أجنبية».
لكن المسؤولين الأوروبيين لم يذكروا هذا الشرط، حيث قال هولاند ببساطة إن «الوقت عامل أساسي لمراقبة الحدود بشكل تام وسحب الوحدات الأجنبية»، مشيرًا إلى تبني كييف لقانون انتخابي جديد لجعل الاقتراع في المناطق المتمردة «غير قابل للجدل»، وذلك تحت مراقبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وعلى صعيد متصل بالنزاع في شرق أوكرانيا، أشادت الولايات المتحدة أمس بقرار منطقتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين بشرق أوكرانيا تأجيل «جولة أخرى من الانتخابات غير الشرعية»، إذ قال مارك تونر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: «إن السكان الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون يستحقون اختيار المسؤولين المحليين في انتخابات تلبي المعايير الدولية، وتتوافق مع القانون الأوكراني، وتراقبها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كما تنص عليه اتفاقات مينسك». وأفادت وكالة أنباء «تاس» الروسية في وقت سابق بأن قادة منطقتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين أعلنوا أول من أمس الثلاثاء عزمهم تأجيل الانتخابات المحلية المثيرة للجدل للعام المقبل.
وكانت حكومتا المنطقتين تعتزمان إجراء انتخابات في 18 من أكتوبر الحالي، والأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على الترتيب. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الإقليمية الاعتيادية في أوكرانيا في 25 من أكتوبر الحالي.



روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
TT

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

هاجمت القوات الروسية وسط العاصمة الأوكرانية بأسراب من الطائرات دون طيار ووابل من الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. وبدورها شنت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات على مناطق متفرقة داخل روسيا وتسببت في حريق اندلع بمستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو.

دمار يظهر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل 4 أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع باستخدام صواريخ «أتاكمز» التكتيكية الأميركية الصنع وصواريخ «ستورم شدو» البريطانية.

وتسبب الهجوم الروسي، السبت، في إغلاق محطة مترو لوكيانيفسكا، بالقرب من وسط المدينة، بسبب حجم الأضرار، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى عكس الهجمات السابقة على كييف، صدر تحذير بوقوع الغارة الجوية فقط بعد وقوع انفجارات متعددة وليس قبل شن الغارة.

وذكرت تقارير رسمية أنه تم استخدام صواريخ باليستية في الهجوم. وتقع محطة المترو المتضررة بجوار مصنع للأسلحة، تم استهدافه عدة مرات بضربات صاروخية روسية، كما أعلنت موسكو.

رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وطبقاً لبيان صادر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 39 طائرة دون طيار، من طراز «شاهد» وطائرات دون طيار أخرى و4 صواريخ باليستية. وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية صاروخين و24 طائرة دون طيار.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 3 آخرون في هجوم بصاروخ باليستي في وسط كييف، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، إن انفجارات دوت في سماء المنطقة قبيل الفجر بينما كانت الدفاعات الجوية تصد الهجوم. وأضاف أن 4 أشخاص لقوا حتفهم بينما أعلنت الشرطة مقتل 3. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أضراراً لحقت بمحطة مترو أنفاق وخط مياه. وواصل عمال الإنقاذ البحث وسط الحطام في شارع غمرته المياه.

وتعهدت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، بالرد، بعد أن ذكرت أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف على «منشآت» غير محددة، في منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود بين البلدين. ولم تؤكد أوكرانيا استخدام الأسلحة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، السبت.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وأظهرت صور متداولة على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيارات لحقت بها أضرار ومياه غزيرة ناجمة عن انفجار أنبوب مياه في المحطة. وفي أجزاء من كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، انقطعت إمدادات المياه بشكل مؤقت.

كما قصفت روسيا مدينة زابوريجيا في جنوب شرق البلاد، حيث قال حاكم المنطقة إن 10 أشخاص أصيبوا ولحقت أضرار بمكاتب منشأة صناعية. وذكر مسؤولون، الجمعة، أن هجوماً صاروخياً شنته روسيا على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن مقتل 4 وتدمير أجزاء من منشأة تعليمية.

بدورها اعترضت منظومات الدفاع الجوي الروسية ودمرت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق أراضي مقاطعات عدة، خلال الليلة الماضية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية نقلته، السبت، وكالة «سبوتنيك»: «تم تدمير 18 طائرة مسيّرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و11 مسيّرة فوق أراضي مقاطعة كورسك، و7 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و5 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة تولا، و3 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتين مسيّرتين فوق أراضي مقاطعة فورونيج».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

كانت السلطات الروسية قد ذكرت في وقت مبكر، السبت، أن حريقاً اندلع في مستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة.

وكتب حاكم المنطقة دميتري ميلييف على تطبيق «تلغرام» أن الهجوم على المنشأة لم يسفر عن وقوع إصابات. وقال ميلييف إنه تم تدمير 5 مسيّرات. يذكر أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

وقالت السلطات المحلية إن تولا، الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب موسكو، تعرضت للاستهداف بعد ساعات فقط من هجوم مماثل بطائرات مسيّرة في منطقة كالوجا، جنوب غربي العاصمة، تسبب أيضاً في نشوب حريق في منشأة لتخزين الوقود.

وصباح الخميس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يقوم بزيارة في كييف لإبرام شراكة أمنية تمتدّ على 100 عام مع أوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

من جانب آخر اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي منافسيه في الانتخابات العامة المقبلة بتضليل الناخبين في ألمانيا عمداً في النزاع حول منح مساعدات إضافية بمليارات اليوروات لأوكرانيا. وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش،

في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «يتصرف (التحالف المسيحي) و(الحزب الديمقراطي الحر)، ولسوء الحظ (حزب الخضر) أيضاً، بشكل غير مسؤول، ويخدعون الجمهور فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الممكن توفير أموال إضافية لأوكرانيا».

وذكر موتسنيش أن هناك فجوة في الميزانية العامة الحالية تصل إلى عشرات المليارات من اليوروات، وقال: «إذا كان من المقرر زيادة مساعدات الأسلحة بأموال إضافية قدرها 3 مليارات يورو، فيجب توفير هذه التكاليف من مكان آخر».

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

وأشار إلى أن الأحزاب الأخرى لم تقدم أي إجابة في هذا الشأن، وقال: «من يتصرف بهذه الطريقة المشكوك فيها وغير المسؤولة فيما يتعلق بالسياسة المالية لا يمكن أن يكون جاداً حقاً في المطالبة بدعم إضافي لأوكرانيا، ولكنه يحاول فقط إثارة الانتباه في الحملة الانتخابية».

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تظل دولة مستقلة في ظل الهجوم الروسي عليها دون دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ورأت ميركل أن الشراكة عبر الأطلسي أصبحت اليوم لا يمكن الاستغناء عنها بصورة أكبر من أي وقت مضى.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال كلمة ألقتها المستشارة الألمانية السابقة كضيفة شرف في حفل استقبال العام الجديد، نظمه «الحزب المسيحي الديمقراطي» بولاية شمال الراين-ويستفاليا في مدينة دوسلدورف (عاصمة الولاية)، وذلك قبل مراسم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين. وصرحت ميركل، التي تنتمي لـ«الحزب المسيحي»، بأن الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تعطيل المبدأ الأساسي لنظام ما بعد الحرب في أوروبا، والخاص بحرمة الأراضي السيادية للدول. وقالت ميركل إن من غير الممكن «منع بوتين من الانتصار في الحرب والحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة» إلا بدعم الولايات المتحدة والعمل ضمن إطار حلف «الناتو».