حرب ثالثة بين الروس والشيشان تحت ستار النزاع في سوريا

مناطق القصف الجوي تضم غالبية المقاتلين من القوقاز والجمهوريات السوفياتية السابقة

تلميذة سورية تجتاز الأبنية المدمرة للوصول إلى مدرستها في مدينة كوباني (عين العرب) التي حررت من «داعش» على أيدي قوات كردية بداية هذا العام (أ.ف.ب)
تلميذة سورية تجتاز الأبنية المدمرة للوصول إلى مدرستها في مدينة كوباني (عين العرب) التي حررت من «داعش» على أيدي قوات كردية بداية هذا العام (أ.ف.ب)
TT

حرب ثالثة بين الروس والشيشان تحت ستار النزاع في سوريا

تلميذة سورية تجتاز الأبنية المدمرة للوصول إلى مدرستها في مدينة كوباني (عين العرب) التي حررت من «داعش» على أيدي قوات كردية بداية هذا العام (أ.ف.ب)
تلميذة سورية تجتاز الأبنية المدمرة للوصول إلى مدرستها في مدينة كوباني (عين العرب) التي حررت من «داعش» على أيدي قوات كردية بداية هذا العام (أ.ف.ب)

تشمل الغارات التي ينفذها الطيران الروسي في سوريا، خصوصا تلك التي تستهدف مواقع جبهة النصرة، آلاف الشيشان الروس القادمين من القوقاز الذين يقاتلون نظام الرئيس بشار الأسد منذ 2012، ولو أن ذلك لا يشكل الهدف الأول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولا تدع دراسة عمليات القصف التي تقوم بها المقاتلات الروسية منذ 30 سبتمبر (أيلول) مجالا للشك. فبضرب مواقع في محافظات اللاذقية (غرب) وحلب (شمال) وإدلب (شمال غرب)، يسعى الروس إلى صد المجموعات المسلحة التي تواصل الضغط على الجيش السوري. إلا أن هذه المناطق هي التي تضم العدد الأكبر من المقاتلين القادمين من القوقاز الروسي من شيشانيين وداغستانيين خصوصا، ومن الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى خصوصا أوزبكستان وطاجيكستان. وبالتالي، فإن استهدافهم يشكل نتيجة مباشرة للاستراتيجية الروسية.
ويرى المحاضر في جامعة إدنبره توماس بييريه، المتخصص في الشؤون السورية، أن وجود هؤلاء المقاتلين الشيشان الروس بمعظمهم «لا يشكل على ما يبدو عاملا حاسما في اتخاذ القرار الروسي»، لكن «معركة روسية شيشانية» تجري على الأرض السورية.
وفي سوريا، ظهر أوائل المقاتلين القادمين من القوقاز في صيف 2012 خصوصا خلال معركة حلب. وكان معظم هؤلاء قاتلوا في وقت سابق في العراق وأفغانستان، وهم معروفون بقدرتهم القتالية العالية، ويسميهم العرب والأفغان «الشيشان»، وإن كانوا قادمين من مناطق أخرى في القوقاز الروسي. وذكر غريغوري شفيدوف، رئيس تحرير موقع «www.kavkaz-uzel.ru» المتخصص بالقوقاز، بالعلاقات التاريخية بين هذه المنطقة من الشرق الأوسط والقوقاز.
ويقدر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، الذي يملك شبكة واسعة من المصادر في سوريا «عدد المقاتلين الذين قدموا من الشيشان وداغستان ومناطق أخرى إلى سوريا بألفين على الأقل».
وكان مدير مركز مكافحة الإرهاب لرابطة الدول المستقلة أندري نوفيكوف تحدث عن وجود ألفي روسي فقط في صفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق. وقال إنهم «يتمركزون خصوصا في محافظات إدلب وحلب واللاذقية»، لا سيما في صفوف جماعة «جند الشام الشيشان» التي تقاتل إلى جانب جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وتوجد جماعة أخرى تحمل اسم «أجناد القوقاز» في محافظتي إدلب واللاذقية. وانقسمت مجموعة موجودة في محافظة حلب، وتضم شيشانيين وأوزبكيين وطاجيكيين وتحمل اسم «جيش المهاجرين والأنصار»، تدريجيا ليلتحق غالبية أعضائها بتنظيم داعش، بينما أعلن آخرون ولاءهم لجبهة النصرة.
وقال الخبير في التيارات الإسلامية رومان كاييه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «يقول الروس إنه من الأفضل التركيز على جبهة النصرة التي تضم شيشانيين وقوقازيين، لأنهم يرون أن التحالف (الذي تقوده الولايات المتحدة) يهتم أصلا بتنظيم داعش حيث يقاتل أغلبية الشيشان الموجودين في سوريا». ولم يأت الروس على ذكر هذا الوجود القوقازي حتى الآن. إلا أن بوتين صرح في اليوم الأول من الضربات قائلا: «يجب التحرك بسرعة لمكافحة وتدمير المقاتلين والإرهابيين على الأراضي التي لا يسيطرون عليها وألا ننتظر حتى يصلوا إلينا». ومن غير القوقازيين يمكن أن «يصل» إلى روسيا التي استهدفتها مرات عدة اعتداءات نفذتها مجموعات من القوقاز خلال العقد الماضي وفي 2013؟



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.