تبحث دوائر قانونية في مصر حاليا أزمة تلوح في الأفق، بشأن نص دستوري يلزم بعرض القوانين التي صدرت منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، العام قبل الماضي، على البرلمان المقبل في غضون أسبوعين. وبينما قال المستشار محمود فوزي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون البرلمانية ومجلس النواب، إن «الحكومة تترك حسم القضية لمجلس النواب فهو سيد قراره»، يتشكل اتجاه قوي داخل تكتلات برلمانية متنافسة للتمسك بحق البرلمان في مراجعة تلك القوانين.
وبالنظر لقصر الفترة الزمنية الممنوحة للبرلمان لمراجعة ما يقارب الـ300 قانون صدرت في عهدي الرئيس السابق عدلي منصور، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، قدم أعضاء في لجنة الإصلاح التشريعي تفسيرا قانونيا لتعليق العمل بنص المادة 156 من الدستور، والتي تلزم السلطات بعرض القوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية في غيبة المجلس للبت فيها وإلا اعتبرت «كأن لم تكن».
وتجيز المادة 156 من الدستور٬ الذي أقر مطلع العام الماضي٬ لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين في غياب البرلمان٬ على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يوما من انعقاد مجلس النواب الجديد. وتنص المادة أيضًا على أنه إذا لم تعرض (القوانين التي أصدرها الرئيس) وتناقش٬ أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس٬ زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، دون الحاجة لإصدار قرار بذلك.
وقال الدكتور صلاح فوزي، عضو لجنة الإصلاح التشريعي: «إن الحكومة لم تطلب من اللجنة مناقشة أزمة عرض القوانين على البرلمان، لكننا قدمنا رأيا قانونيا بهذا الخصوص». ويرى فوزي وأعضاء آخرون في اللجنة أن البرلمان غير ملزم بتطبيق نص المادة 156، إذ إن المادة «وضعت في مواجهة الظروف العادية، الأمر الذي لا ينطبق على الوضع السياسي خلال العامين الماضيين».
وحذر الناشط الحقوقي والمرشح البرلماني حافظ أبو سعدة من مخاطر التوجه لتعليق العمل بنص الدستور، قائلا إن «هذا الأمر يعرض القوانين للطعن على عدم دستوريتها، وهو أمر نحن في غنى عنه». وأضاف أبو سعدة، الذي جمد عضويته في المجلس القومي لحقوق الإنسان بسبب ترشحه، أنه «لا يجوز أن يتخلى البرلمان عن واجباته، كما أن هناك قوانين مثيرة للجدل يجب التوقف عندها مثل قانون التظاهر على سبيل المثال. صحيح أنه يمكن تمرير بعض القوانين مع بقاء حق المجلس في تعديلها وقت أن يشاء، لكن توجد قوانين أخرى محل خلاف وجدل وتحتاج أن نقف عندها فورا».
ويشاطر أبو سعد الرأي نفسه قادة تكتلات برلمانية وأحزاب متنافسة في الانتخابات البرلمانية التي تنطلق مرحلتها الأولى يوم 16 من الشهر الحالي. وقال عدد من قادة تلك التكتلات، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «متمسكون بحق المجلس في مراجعة القوانين».
وقال المستشار فوزي، المتحدث باسم وزارة الشؤون البرلمانية ومجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة جاهزة لكل الاحتمالات.. لا نعتقد أن هناك أزمة، المجلس القادم سيد قراره.. ويجب أن ننتبه إلى أن عددا غير قليل من تلك القوانين لا يمثل إشكالية، فبعضها قرارات مثل ربط الموازنة وما إلى ذلك». وأشار المستشار فوزي إلى أن وزارة الشؤون البرلمانية ستطرح على البرلمان وجهتي النظر (تفعيل المادة أو تعليق العمل بها) وعلى المجلس أن يتخذ قراره، لافتا إلى أن كلا الرأيين له وجاهته من الناحية القانونية.
وأوضح المستشار فوزي أنه «من غير الممكن طرح الأمر على المحكمة الدستورية العليا، لأنه لا يجوز طلب تفسير نص دستوري من المحكمة. قد تقدم المحكمة تفسيرا لنص دستوري، لكن ذلك لا بد أن يكون في سياق فصلها في قضية معروضة عليها».
وعلى ما يبدو يتمسك قادة تكتلات برلمانية بحق المجلس في مراجعة القوانين التي وضعت خلال العامين الماضيين. وقال البرلماني السابق مصطفى بكري، عضو قائمة «في حب مصر» التي تنافس على 120 مقعدا في الانتخابات المقبلة: «إن هناك ما يمكن اعتباره توافقا عاما على ضرورة عرض القوانين على البرلمان. سنراعي مسألة التوقيتات، لكن على المجلس القادم أن يحيل تلك القوانين للجان، ويمكن إجازة قوانين من حيث المبدأ، والقوانين التي ترد بشأنها اقتراحات بالتعديل من اللجان تناقش بالتفصيل في المجلس».
من جانبه، قال النائب السابق شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسي في حزب النور، إنه «يجب الالتزام بالنص الدستوري، وإذا كان لدى الحكومة سند قانوني تطرحه، لكن نحن من نؤكد على حق المجلس في مراجعة القوانين، ولدينا لجنة قانونية تعمل حاليا على مراجعتها للنظر في حاجة عدد منها للتعديل».
توافق في مصر على عرض قوانين السيسي ـ منصور على البرلمان المقبل لإجازتها
مسؤول حكومي: مجلس النواب سيد قراره.. وجاهزون لكل السيناريوهات
توافق في مصر على عرض قوانين السيسي ـ منصور على البرلمان المقبل لإجازتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة