قمة دبي تؤكد: الاقتصاد الإسلامي ضمان فعلي للأزمات المالية العالمية

دعوا إلى تكامل بين القطاعات الإسلامية الاقتصادية لإيجاد منظومة دولية

محمد يونس خلال مشاركته في القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
محمد يونس خلال مشاركته في القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

قمة دبي تؤكد: الاقتصاد الإسلامي ضمان فعلي للأزمات المالية العالمية

محمد يونس خلال مشاركته في القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
محمد يونس خلال مشاركته في القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أمس في دبي («الشرق الأوسط»)

أجمع خبراء اقتصاديون عالميون على أن الاقتصاد الإسلامي ضمان فعلي من الأزمات الاقتصادية المتوالية خلال العقود الأخيرة، حيث أثبت الاقتصاد الإسلامي على مكامن قوى بإمكانها منع الأزمات المختلفة لكونه أسلوبًا أخلاقيًا يعمل على إنتاج القيم التي تحقق رفعة الإنسان وتطور الأمم.
وقال الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إن منظومة الاقتصاد الإسلامي هي منظومة تتناغم فيها الأخلاق مع الإبداع في العمل، والالتزام العالي بغايات التنمية الحقيقية لتعطي نتائجها بحجم آمال وتطلعات كافة شعوب الأرض مهما اختلفت الساحات أو العوامل والظروف.
وأضاف خلال افتتاح القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي: «نريد للعالم أن يكون أفضل، ليس بمقاييس الماضي، بل بالمقاييس التي نريدها وهي مقاييس التطور والتقدم كما لم نعرفها من قبل، فالاقتصاد الإسلامي ليس وسيلةً لإنتاج السلع ونمو الثروات فحسب، بل هو حاضنة إنتاج القيم والأخلاق التي تحقق رفعة الإنسان وتطور الشعوب. ولا أظن أننا بحاجة لبذل جهد كبير في إقناع العالم بجدوى الاقتصاد الإسلامي، لأنه وبكل بساطة بات يشكل ضرورة موضوعية ملّحة للخروج من الأزمة الاقتصادية المتواصلة حتى اللحظة».
وأشار إلى أن الاقتصاد الإسلامي ليس وسيلة لعلاج الأزمات فحسب، بل هو الضمانة الأكيدة لعدم تشكلها من جديد، وزاد: «هذه المنظومة الاقتصادية التي نرعاها ونطورها اليوم هي تعبير مكثف عن جميع القيم الإسلامية التي تنشر العدالة والرحمة والمساواة في الأرض، وهي أداتنا الحكيمة في تجفيف منابع التطرف والتعصب، عبر تحقيق التنمية والارتقاء بالمستوى الثقافي والوجداني للبشر».
واعتبر الشيخ محمد بن راشد خلال تدشين النسخة الثانية من القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أمس، والتي حملت عنوان «دعم الابتكار، استحداث للفرص»، أن هذه القمة تخط المسار الصحيح لإحداث تغيير جوهري في الخارطة الاقتصادية على مستوى العالم.
وشدّد على أن استدامة الإنجازات المبدعة، تقاس بحجم مساحات فعلها وتأثيرها، وقال: «عندما فكرنا في إطلاق مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، وضعنا نصب أعيننا أن تكون هذه المبادرة إسهامًا منا في صناعة منظومة اقتصادية مستدامة، تفرض نفسها بما تحمله من ميزات على خارطة الاقتصاد العالمي».
من جهته، اعتبر محمد القرقاوي رئيس مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أن القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي «ستنقل العالم إلى مرحلة اقتصادية جديدة تشكل فيها الاستثمارات الإسلامية العصب الحيوي للنشاط الاقتصادي العالمي»، منوهًا بدور الإمارات في تطوير مسيرة الاقتصاد الإسلامي التي تترجم رؤية الشيخ محمد بن راشد والتي ارتقت بهذه المنظومة الاقتصادية إلى العالمية، لأنها تملك كل مقومات البقاء والتفوق لإحداث تغيير حقيقي وجوهري في الخريطة الاقتصادية العالمية.
وأضاف القرقاوي: «على مدى السنوات القليلة الماضية، استطعنا الانتقال من مرحلة الدراسة والتمهيد، إلى مرحلة التفاعل العالمي مع قطاعات الاقتصاد الإسلامي، من المنتجات الحلال إلى الصيرفة والتمويل الإسلامي، مرورًا بكل الركائز والقطاعات التي تلاقي رواجًا عالميًا وطلبًا متزايدًا كل يوم».
وزاد: «إن هذا التنامي السريع للاقتصاد الإسلامي كمًّا ونوعًا، لهو خير دليل على صوابية الرؤية، ودقة التوقيت، وعلمية الطرح الذي شكل بوصلة مسيرتنا في تطوير هذه المنظومة الاقتصادية».
من جهته قال حمد بوعميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي خطة الاقتصاد الإسلامي تتضمن ثلاث مراحل، المرحلة الأولى داخلية والثانية إقليمية والثالثة عالمية، وخلال العامين الماضيين أعلن محافظ البنك المركزي أنه في المراحل الأخيرة من إعلان وجود هيئة تشريعية للمصارف الإماراتية بحيث تكون المنتجات الإسلامية في القطاعات المالية لها مرجعية موحدة، وهذا الأمر لم يكن موجودًا في السابق، واليوم وصل لمراحل نهائية وسيكون إنجازًا كبيرًا.
وبما يتعلق بصناعة الحلال لفت إلى أن هيئة المواصفات خرجت بمشروع لتوحيد جميع المعايير وسيكون على مستوى البلاد، وستكون هناك مرجعية موحدة، وأضاف: «نتمنى أن يكون ذلك على مستوى الخليج وأيضا أن يكون على المستوى العالمي، وهو الأمر الذي يحتاج مدة طويلة، ولكن أعتقد أننا في الطريق الصحيح».
وزاد: «كان هناك مطالبات بمعلومات عن القطاع الإسلامي، واليوم تم إطلاق منصة معلومات وهذا الأمر سيساعد لتطوير الصناعة، في السابق طالبنا في موضوع الابتكار في الصناعة الإسلامية، وهو ما أعتقد أنه سيكون طويلاً جدًا، ولكن نحن نعمل على دعم الابتكار ولدينا مسابقات ومؤسسات التي تدعم في هذا الجانب، وأعتقد أننا في الطريق السليم وبدأنا نلمس نتائج للخطط التي تم وضعها، وأعتقد أن هذه بدايات وأتوقع أن نلمس نتائج أكثر في الدورات المقبلة».
وعن كيفية التكامل بين قطاعات الاقتصاد الإسلامي قال بوعميم في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس على هامش القمة: «التكامل مهم واليوم الحديث عن اقتصاد إسلامي ويكون التركيز على جزئية واحدة ويمكن أهم جزء هو موضوع التمويل الإسلامي والذي يعمل على دعم القطاعات الأخرى كالسياحة العائلية والتعليم والحلال، ونؤكد أن موضوع المعلومات سيساعد بشكل كبير، ونحن نركز على موضوع الابتكار في المنتجات، لأن كثيرًا من المنتجات الإسلامية لم تطور وتحد من النمو في القطاعات الأخرى، وبما أن التعليم يصب في جميع القطاعات، نتطلع أن تتزايد البرامج التعليمية التي تخص الاقتصاد الإسلامي، ونحن نركز أيضا على ريادة الإعلام وهو ما سينعكس على جميع القطاعات».
وحول تفاعل المهتمين من حول العالم بقمة الاقتصاد الإسلامي، قال مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي: «هناك تفاعل كبير من حول العالم والدليل حضور نحو 3700 شخص في القمة، متحدثين من 60 دولة وهناك اهتمام كبير، والقمة عبارة عن منصة لسماع المعلومات عن تطورات الاقتصاد الإسلامي، من خلال النقاش مع الخبراء من حول العالم».
وأشار إلى أن القمة تدعم تسليط الضوء على دبي بأن تكون منصة المرجعية، موضحًا أن الموضوع سيأخذ وقتًا، مؤكدًا أنهم مستمرون بالعمل على دعم هذه المبادرة.
ولفت إلى أن التحديات التي تواجههم في تنفيذ خطط الاقتصاد الإسلامي، قال إن التحديات موجودة، وأحدها توحيد المعايير والقوانين العالمية وهو أمر مهم جدًا للاقتصاد الإسلامي، إضافة إلى الابتكار والارتقاء بالتشريعات إلى مستوى الصناعات التقليدية، وقال: «ما زلنا متأخرين في هذا المجال إلى حد ما، وأعتقد أنه من المهم جدًا للأشخاص القائمين على مجال الشريعة والفتوى أن تكون لديهم انفتاحية أكثر ضمن إطار الشريعة يفيد المستهلك وغيره».
وعن قدرة الاقتصاد الإسلامي أن يكون بديلا للاقتصاد التقليدي، بين بوعميم إلى أن الاقتصاد الإسلامي سيكون مكملاً للاقتصاد العالمي، خاصة في ظل تشكيل المسلمين ربع سكان العالم، ولكن من الممكن ما تبقى من الشعوب أن تستخدم أدوات الاقتصاد الإسلامي، حيث إنه في الأزمة الأولى - الأزمة المالية العالمية في 2008 - أثبتت النتائج أن صناعات الاقتصاد الإسلامي أكثر قوة من الصناعات التقليدية، وهذا أدى إلى نمو تطور الاقتصاد الإسلامي أكثر خلال السنوات المتلاحقة.
وتابع: «أعتقد أن المشوار يحتاج إلى فهم أكثر ووقت وأنه اقتصاد مكمل للاقتصاد العالمي».
وفي الجلسة الافتتاحية من القمة، والتي ناقشت تفعيل النمو الاقتصادي الوطني من خلال فرص الاقتصاد الإسلامي، قال سلطان المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي: «لقد أصبحت مزايا الاقتصاد الإسلامي واضحة للعالم بأسره، عندما انهار النظام المالي التقليدي في عام 2008 وتسبب في اندلاع الأزمة المالية العالمية. لقد بقيت الأصول الإسلامية والأصول في منأى عن التأثر الكبير الذي أصاب النظام الاقتصادي التقليدي مما شجع كبرى المراكز المالية في العالم على النظر باهتمام بالغ إلى منظومة الاقتصاد الإسلامي. اليوم تشكل القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي التي تنظمها دبي منصة لإرساء الدعائم الأساسية للتوجهات الاستثمارية الصحيحة وللابتكار في الاقتصاد الإسلامي من أجل تحقيق مستقبل أكثر استدامة تديره وتحكمه منظومة تشريعية وأخلاقية متكاملة تضمن النمو والازدهار في العالم».
وأضاف المنصوري: «لقد أثبتت الإمارات نجاحها في استقطاب الاستثمارات الإسلامية وشكلت دبي نموذجًا مثاليًا لقيادة مسيرة نمو الاقتصاد الإسلامي من خلال تطويرها لقطاعات مختلفة على رأسها التمويل الإسلامي، حيث تبوأت المركز الأول عالميًا في إدراج الصكوك، كما تفوقت في عقد الشراكات التجارية التي ارتقت بقطاع الحلال بمجالاته كافة، وانسجاما مع إطلاق عام 2015 عام الابتكار في الإمارات، فإن القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي تمثل حاضنة الابتكار في الاقتصاد الإسلامي».
من جانبه بين عيسى كاظم، أمين عام مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: «لقد أثبت الاقتصاد الإسلامي حضوره كرافد أساسي للاقتصاد العالمي وسيواصل بالتأكيد دعمه هذا، في السنوات العشر المقبل، وعلى الرغم من المفاهيم السائدة التي تحصر الاقتصاد الإسلامي في قطاعي التمويل الإسلامي والأغذية الحلال، تواصل هذه المنظومة نموها وتطورها لتُبلورَ فرص أعمال جديدة تلبي الطلب المتنامي على المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. الاقتصاد الإسلامي يمتلك كل المقومات ليتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية والدينية وليجذب مختلف الثقافات والإثنيات إلى قيمه وآلياته ومفاهيمه الاقتصادية ومنتجاته المتميزة.
وأضاف: «اليوم، يعود الفضل في تطور الاقتصاد الإسلامي وإنجازاته إلى الرؤية والأهداف التي يلتزم بها رواد هذا القطاع. لكن ذلك لا يعني أن المستقبل ليس محفوفًا بالتحديات التي قد تؤخر انتشار الاقتصاد الإسلامي محليًا وإقليميًا وعالميًا. ولعل أبرز هذه التحديات التي تواجه الدول الإسلامية اليوم في مسيرة تطويرها لمنظومة الاقتصاد الإسلامي هو توحيد المعايير وتطوير منظومة تشريعية متكاملة إضافة إلى ابتكار برامج التدريب والتأهيل لبناء جيل جديد من المهارات والكفاءات».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.