المعارضة تستعد لإطلاق هجمات ضد القوات الحكومية في الشمال بانتظار وصول أسلحة جديدة

قيادي في «الحُر» : كبرى الفصائل وضعت الخطط.. ولن نكون في موقع الدفاع

رجل يقود دراجته وحيدا في الحلوانية بمنطقة الباب في ريف حلب أمس (رويترز)
رجل يقود دراجته وحيدا في الحلوانية بمنطقة الباب في ريف حلب أمس (رويترز)
TT

المعارضة تستعد لإطلاق هجمات ضد القوات الحكومية في الشمال بانتظار وصول أسلحة جديدة

رجل يقود دراجته وحيدا في الحلوانية بمنطقة الباب في ريف حلب أمس (رويترز)
رجل يقود دراجته وحيدا في الحلوانية بمنطقة الباب في ريف حلب أمس (رويترز)

قالت مصادر بارزة في المعارضة السورية، إن قواتها تتحضر لشن هجمات واسعة ضد القوات الحكومية السورية وحلفائها في شمال البلاد، يُرجح أن تبدأ اليوم، وذلك «ردًا على التدخل العسكري الروسي والضربات التي استهدفت قوات الجيش السوري الحر» في وسط وشمال البلاد.
وتزامنت هذه المعلومات مع أنباء عن دخول دفعة جديدة من الأسلحة إلى سوريا، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، كشفت عنها وسائل إعلام عالمية، وهو ما نفته المعارضة السورية، قائلة إن «كل شي ممكن»، لكن «لم ينفذ أي شيء مما يحكى عنه حتى الآن».
وقال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار بهذا الحجم، «تتخذه الولايات المتحدة وتركيا وحلفاء لها في الغرف المغلقة»، مشيرًا إلى غياب أي معلومات عن اتخاذ قرار من هذا النوع حتى الآن. وأضاف: «القرار لم يؤخذ بعد. نحن موعودون بمرحلة تسليح جديدة، مختلفة ومتطورة عما قدم في السابق كمًا ونوعًا، لكني أؤكد أن الأسلحة لم تصل بعد».
بدوره، أكد القيادي السوري المعارض في ريف حلب أبو أحمد حريتاني، أن أيًا من الأسلحة النوعية لم يصل بعد إلى سوريا، قائلاً إن هذه الأنباء «غير دقيقة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات المعارضة اليوم «بأمسّ الحاجة للأسلحة النوعية لصد الهجمات الروسية»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «تطالب بأسلحة مضادة للطائرات كي نتمكن من صد الهجمات الروسية». وأوضح أن «الضربات التي نفذتها روسيا، تستهدف الجيش السوري الحر بشكل أساسي وهو الذي يكتسب صفة شرعية في محاربة النظام، لذلك نطالب بتزويدنا بصواريخ أرض جو لنمنع عملية استهداف الجيش السوري الحر ونمنع ضرب أهلنا والمدنيين كون الضحايا حتى الآن، هم من المدنيين».
وبموازاة التأكيد في الميدان بأن أيًا من الأسلحة لم تصل بعد إلى سوريا، انسحب الأمر على القيادة السياسية التي نفت علمها بوصول أسلحة جديدة، لكنها قالت إن الأمر «متوقع».
وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري هشام مروة لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل الظروف التي تمر بها سوريا، والتعنت الروسي الذي لا يحترم أي محاولة للتفاهم والحفاظ على المدنيين وعلى حقوق الشعب السوري، بات كل شيء متوقعًا من أميركا وغيرها». وقال مروة إن تسليح المعارضة «هو مطلبنا في الأساس، وتحدثنا عن الأمر علنًا في اللقاءات السياسية، وطالبنا العالم وأصدقاء الشعب السوري بأنه إذا لم يكونوا قادرين على الوقوف بمواجهة الروس وإقناعهم بالانسحاب، فإن البديل يجب أن يكون منحنا فرصة ولأصدقائنا للدفاع عن أنفسنا، تتمثل في تسليح المعارضة»، مضيفًا: «حماية المدنيين اليوم باتت ملحة، فإذا لم يتم حمايتهم الآن، فمتى ستكون حمايتهم؟». كما أشار إلى توقعات بموقف إيجابي.
وفي انتظار تقديم السلاح للمعارضة، تستعد الفصائل المقاتلة في الشمال لشن هجمات «مؤلمة» ضد القوات الحكومية وحلفائها، بحسب ما قال مصدر بارز في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن الهجوم «سيبدأ الاثنين»، مشيرًا إلى أن تحضيرات للهجوم على أكثر من جبهة في ريف إدلب «بينها الهجوم على مواقع في جبال اللاذقية الشرقية». وقال: «نسعى اليوم للوصول إلى مرتفعات اللاذقية، بهدف إطلاق صواريخنا ضد المقرات والتمركزات الروسية في الساحل».
من جهته، لم يكشف أسامة أبو زيد عن طبيعة الهجمات المتوقعة، ولا توقيتها، قائلاً إنها ستكون «خلال اليومين المقبلين». وأوضح أن «نطاق عمل الروس، هو سلاح الجو، ما يمنعنا من رده، بغياب منظومة دفاع جوي، لكننا نمتلك معلومات عن مناطق ستشهد حشودًا برية للنظام وحلفائه، وعليه، بدأنا استعداداتنا لتنفيذ هجمات برية».
وكشف عن اجتماعات عقدتها الفصائل العسكرية المعارضة «على مستويات عالية» خلال اليومين الماضيين «توصلت إلى وضع خطط وبنوك أهداف، لمواجهة التمدد الروسي والنظامي». وقال إن الاجتماعات العسكرية «تمخضت عنها الكثير من الإجراءات التي ستتوضح خلال اليومين الماضيين، واتخذ القرار بأننا لن نكون في موقع الدفاع، وسيكون اليومان المقبلان ساخنين جدًا».
بالموازاة، أعلنت عدة فصائل إسلامية من ضمنها «حركة أحرار الشام الإسلامية» و«جبهة النصرة» و«فيلق حمص»، عن تشكيل «غرفة عمليات ريف حمص الشمالي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.