الائتلاف السوري يدعو لاجتماع طارئ للجامعة العربية.. ويحمّل موسكو مسؤولية نسف المسارات السياسية

الجيش الحر: القوات الروسية والإيرانية باتت هدفًا مشروعًا لمقاتلينا

أثار الدمار في مبنى بإدلب نتيجة القصف الجوي الروسي (رويترز)
أثار الدمار في مبنى بإدلب نتيجة القصف الجوي الروسي (رويترز)
TT

الائتلاف السوري يدعو لاجتماع طارئ للجامعة العربية.. ويحمّل موسكو مسؤولية نسف المسارات السياسية

أثار الدمار في مبنى بإدلب نتيجة القصف الجوي الروسي (رويترز)
أثار الدمار في مبنى بإدلب نتيجة القصف الجوي الروسي (رويترز)

دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية لبحث العدوان العسكري الروسي على الشعب السوري، وتقرير التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء، في وقت أعلنت الجبهة الجنوبية التي تضمّ كل فصائل الجيش الحرّ في محافظة درعا، أن القوات الروسية والإيرانية أصبحت «هدفًا مشروعا» لمقاتليها.
رئيس الائتلاف الدكتور خالد خوجة بعث أمس السبت، برسالة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، سلمه إياها رئيس اللجنة القانونية هيثم المالح بالتفويض، أكد فيها خوجة أن الاحتلال والتدخل الروسي العلني في سوريا يعتبر نسفًا لقرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات جامعة الدول العربية، وخصوصا بيان جنيف، ويدمر كل جهود الحل السياسي ويهدد الأمن والسلم الدوليين، كما أنه يهدد الأمن القومي العربي الذي تعتبر صيانته من أهم أهداف جامعة الدول العربية.
وبحسب جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض وعضو الائتلاف، على قاعدة «رُبّ ضارّة نافعة» فإن الدخول الروسي على خطّ النار في سوريا، شكّل دافعًا للتنسيق المطلق بين المعارضة السياسية والعسكرية، وحافزًا لوحدة كل الفصائل المقاتلة على الأرض. وأوضح صبرا لـ«الشرق الأوسط» أن الهجمة العسكرية الروسية قتلت المبادرة السياسية للأمم المتحدة التي يديرها دي ميستورا، وحمل موسكو «مسؤولية نسف كل المسارات السياسية»، قائلاً «لقد بدأ السوريون يعدّون أنفسهم لمقاومة العدوان الروسي، ونحن نناقش هذا الأمر مع حلفائنا الإقليميين والدوليين، صحيح أن هذا العدوان يصيب الشعب السوري، لكنه موجه لدول إقليمية وغربية، مثل الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية».
وتابع صبرا أننا «نضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وبرأينا المسؤولية الأولى على عاتق جامعة الدول العربية، لأن هناك أرضا عربية تحتل وشعبا عربيا يقتل، وهذا العدوان جاء به بشار الأسد». وإذ توقف عند أهمية قول الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن المسعى الروسي سيواجه الفشل، أشار إلى أن «المطلوب خطوات فعلية تقول للروس إن حربكم حمقاء، خاصة بعد أن صبّت الضربات الروسية الماء في طاحونة الأسد، بما يخدم ما يسمّى (سوريا المفيدة) وبما يسهّل على النظام وحلفائه تقسيم سوريا»، قبل أن يتساءل «من يمكنه أن يفكّر أنه إذا ما تقسمت سوريا، أن يبقى لبنان دولة واحدة أو العراق أو تركيا أو غيرها؟».
وعن تفسيره للصمت التركي حتى الآن حيال العمليات العسكرية الروسية، قال رئيس المجلس الوطني: «تركيا لها علاقات اقتصادية مع روسيا وإيران ونحن نتفهم ذلك، لكن تركيا التي شكّلت الحضن الأكثر دفئا ًللسوريين لن تتخلّى عنهم». وذكّر صبرا بأن «أنقرة هي عضو في الحلف الأطلسي، وأعتقد أنها بدأت تجري حساباتها وتدرس تحركاتها من وحي هذه العضوية، كما أنها تدرك حجم المخاطر التي تتهددها، وهي بالتأكيد معنية أكثر من غيرها في حقل النار الموجودة فيه سوريا».
من ناحية أخرى، أدان الائتلاف في بيان أصدره ما سماه «العدوان الروسي على الشعب السوري»، وقال: «نطالب المجتمع الدولي بإدانته، وبخروج كل القوات الأجنبية من سوريا، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين كخطوة ضرورية لأي عملية سياسية وبدء مرحلة انتقالية دون الديكتاتور بشار الأسد، ومن ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا»، معتبرًا أن «الاحتلال الروسي لسوريا أرضا وسماء بدأ بشكل واضح ومباشر بعد أن كان خلال السنوات الخمس السابقة من الثورة السورية مستترًا في دعم النظام عسكريًا بالسلاح والعتاد والذخائر».
وعبّر الائتلاف عن خشيته بعد قصف مناطق محددة في حمص وحماه، وريف اللاذقية «بدء مخطط روسي يهدف لتغيير ديموغرافي يؤدي إلى تقسيم سوريا، ورسم حدود دويلة علوية يلجأ إليها الأسد وأركان حكمه كحل أخير لهم بعد فشلهم في القضاء على ثورة الشعب السوري فيما أصبح يطلق عليه في الخطابات الروسية، وفي إعلام النظام بـ(سوريا المفيدة)».
إلى ذلك، نددت الجبهة الجنوبية التي تضم جميع فصائل الجيش السوري الحر في محافظة درعا، في بيان نشرته على موقعها في شبكة الإنترنت، بما وصفته الاحتلال الروسي المتمثّل بالضربات الجوية التي تشنّها الطائرات الروسية منذ ثلاثة أيام على مواقع تابعة للمعارضة المسلحة في سوريا.
واتهمت بعض الدول في مجموعة «أصدقاء سوريا» بـ«التلاعب في مواقفها ولعبها دورًا مناهضًا لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة وبناء دولته المدنية التعدّدية». وأكدت الجبهة الجنوبية أن القوات الروسية والإيرانية أصبحت هدفًا مشروعًا لقواتها، وأنها ترفض أي شكل من أشكال التقسيم الذي تُخطّط له بعض الدول الإقليمية وأبرزها حُلفاء النظام السوري.
ومن جانبه، قال عضو الائتلاف ميشال كيلو، في حديث لموقع «النشرة» اللبناني، أن «الدخول الروسي في الحرب أدخل الصراع السوري في منعطف الصراعات الدولية».
وأردف كيلو أن «كل التسويات السياسية سقطت كما كل المفاوضات، والأولوية الآن لاحتواء العنصر الروسي المستجد وإلحاق الخسائر به»، وكشف أن الائتلاف «سيطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بإرسال لجنة تحقيق دولية لتؤكد أن ما تقصفه الطائرات الروسية هم المدنيون وليس تنظيم داعش».
وأكد أنّه «سيكون هناك في الأيام المقبلة ردود أفعال مرضية ومناسبة من دول الخليج ودول (أصدقاء سوريا) ردا على الحملة العسكرية الروسية والاحتلال الروسي للأراضي السورية»، لافتا إلى «استعدادات كبيرة في صفوف الجيش السوري الحر وميل لتوحيد القوى العسكرية والجبهات استعدادًا لأي هجوم منسق بين الطائرات السورية والقوات التابعة للنظام وعناصر حزب الله الموجودة على الميدان».
إلى ذلك، أعلن السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» سلم الأمانة العامة للجامعة العربية رسالة تتعلق بعقد جلسة طارئة لوزراء الخارجية العرب للمطالبة بوقف العدوان الروسي على الشعب السوري، وفق نص الرسالة، وأوضح في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» على الهاتف أن الأمر سيبحث قريبًا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.