الصفقات العقارية على الفيلات السكنية تنخفض لأدنى مستوياتها منذ عقدين في السعودية

استمرار ارتفاع الأسعار ودخول الحكومة منافسًا أبرز أسباب التراجع

وزارة الإسكان السعودية بدأت في تنفيذ مشروعاتها بمختلف المناطق
وزارة الإسكان السعودية بدأت في تنفيذ مشروعاتها بمختلف المناطق
TT

الصفقات العقارية على الفيلات السكنية تنخفض لأدنى مستوياتها منذ عقدين في السعودية

وزارة الإسكان السعودية بدأت في تنفيذ مشروعاتها بمختلف المناطق
وزارة الإسكان السعودية بدأت في تنفيذ مشروعاتها بمختلف المناطق

زادت حدة انحسار الصفقات المبرمة حول الفيلات السكنية في السعودية، حيث لامس انخفاضها مقارنة بأداء الأرباع الثلاثة من العام المنصرم إلى ما يقارب 50 في المائة، وهي حركة متدنية جدا لم تحققها منذ سنوات طويلة، وبالتحديد منذ حرب الخليج الثانية أي منذ ما يزيد على عقدين من الزمان.
ويأتي هذا الانحسار الملحوظ في الحركة العقارية، تحت وطأة كثير من الضغوطات التي أفرزت الحركة المنخفضة في الأداء بحسب مؤشرات وزارة العدل في البلاد، والتي أفصحت عن تباطؤ ملحوظ في حركة العقار إلى مستويات جديدة لم يسبق لها تحقيقها.
وتتلخص أسباب هذا الانحسار في: ارتفاع أسعار الفيلات إلى مستويات مهولة لم يستطع كثير من المستهلكين مجاراتها، ودخول الحكومة منافسًا للقطاع التجاري في توفير الفيلات بخيارات أقل قيمة وسهولة في الدفع عبر أقساط ميسرة بغير فوائد، وهو أمر انعكس على تضاؤل الطلب عليها، في حين أن شريحة كبيرة من العقاريين أكدوا أن لائحة «ساما» أغلقت جميع المنافذ وتشددت في منح القروض العقارية التي انعكست بشكل مباشر على الطلب.
وفي هذا الشأن، يقول فهد الموسوي، الذي يدير شركة عقارية قابضة، إن «الطلب انخفض بشكل كبير كما هو متوقع، وأدخل السوق بذلك في دوامة من المشكلات، خصوصا الشركات التي تقوم حاليا ببناء وحدات سكنية، حيث كانت تنوي بيعها بطريقة القروض العقارية الممنوحة من قبل البنوك والممولين، إلا أن لائحة (ساما) قطعت الطريق عليهم، وأصبحوا في ورطة كبيرة خصوصا لمن هم مرتبطون بعقود معينة مع شركات الإنشاء والمتضامنون في المشاريع الذين يلتزمون بتاريخ معين في السداد، الأمر الذي سيوقع كثيرا من الشركات في مشكلات مالية، وقد نسمع في القريب العاجل أنباء عن خروج شركات عقارية من السوق أو تصفيتها واندماجها مع بعض الشركات القوية، وهو الأمر الذي سيضر القطاع العقاري بشكل عام».
وحول الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض، أكد الموسوي أن لائحة «ساما» التي تشترط وجود الدفعة الأولى المقدرة بـ30 في المائة كان لها الأثر الأكبر في ذلك، إذ إن السواد الأعظم من المشترين لا يمتلكون مبلغ الفيلا أو العقار كاملا، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام، مما يعني أن وجود الدفعة يعني وجود عقبة كبيرة لا يستطيع كثير تجاوزها، وهي نتيجة طبيعية لانخفاض الطلب، متوقعا أن تشهد السوق انخفاضات أكبر، فكلما تقادم الوقت زادت صعوبة تملك العقار.
يشار إلى أن الفيلات لا تزال تحتفظ بترتيبها ثانيًا من ناحية قوة أدائها، رغم انخفاض الطلب عليها لما يقارب النصف، حيث تأتي في ترتيب سلم الأكثر حركة في القطاع العقاري بعد الأراضي التي تتزعم الحركة العقارية في السعودية بما يزيد على 90 في المائة من المعدل العام لحركة العقار، إلا أن انخفاض الطلب عليها جعلها قريبة إلى حد كبير من حركة العمائر التجارية التي لا تزال تحتفظ بقسمتها من الحركة التجارية في المركز الثالث.
وفي شأن متصل، أبدى بدر السعيد، وهو مستثمر عقاري، انزعاجه من حال السوق إذ إنه يلاحظ في الآونة الأخيرة خروج كثير من المستثمرين المتخوفين من سقوط أسعار العقار، الذين اتخذوا القرار بتعزيز من التقارير الاقتصادية الأسبوعية التي توحي بانخفاض كبير في الطلب لن يستمر كثيرا حتى يسقط معه السعر، كما أن حال السوق - بحكم قربهم من الواقع - فإنه يوحي بأن هناك حركة بطيئة جدا في المبيعات، خصوصا الفيلات التي نُشر مؤخرا تقرير اقتصادي بانخفاض الطلب عليها إلى مستوى لم تسبق لها تحقيقيه منذ 9 سنوات.
ويرى التميمي أن هذه النسبة ليست الأخيرة، إذ إنه يتوقع أن هذا الانخفاض الذي لم يأت مثله منذ أزمة الخليج مطلع تسعينات القرن الماضي، موضحا أنه لا يستبعد انهيار أسعار العقار، خصوصا أن هناك نسبة انخفاض حاليا إلا أنها ليست كبيرة، إلا أنه يتوقع أن تصل إلى مدى أبعد وتكسب الرهان الذي طالما حاول كبار التجار طمأنة القطاع بأنه مستقر وقوي، إلا أن الواقع يقول غير ذلك.
وحول القطاعات العقارية الأكثر انخفاضا، أكد التميمي أن الفيلات تتسيد المشهد العقاري بلا منازع، ويلاحظ ذلك على العروض والانخفاضات التي يسوق لها أصحاب تلك الفيلات خصوصا الاستثمارية منها، كما أن الأراضي شهدت هي الأخرى انخفاضا في الإقبال إلى درجات كبيرة، إلا أنها لم تصل إلى الهاوية كما يحدث مع الفيلات. ويليها الشقق التي تأثرت بشكل ملحوظ، متوقعا أن يحدث تغيير كبير في رغبة المشترين نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على مجاراتها، حيث ستصبح الشقق هي الخيار الأفضل والأكثر طلبا خلال الفترة الأخيرة، خصوصا للشباب وهم الفئة الأكثر طلبا للعقار، ويلاحظ ذلك في طرح الشركات مخططات تصاميم جديدة للشقق تناسب كل الأذواق والطبقات الاجتماعية، وهي الاستثمار المقبل بحسب توجهات السوق.
وعلى الرغم من انخفاض الطلب على الفيلات وحركتها لما يزيد عن النصف، فإنها ظلت محتفظة بقيمتها المرتفعة ولم تبد أي تأثر في انخفاض يسجل على قيمتها، سوى بعض الانحدارات البسيطة التي لا تستحق أن تذكر ولا تليق بحجم الانخفاض في الحركة، إذ إنه من المفترض أن يكون الانخفاض أكبر من ذلك بكثير وهو ما يراهن عليه بعض المهتمين العقاريين.
من جهته، قال فاهد الودعاني، الذي يدير مكتبا للاستشارات العقارية، إن «النظام الجديد للتمويل العقاري فرض نفسه بقوة على القطاع العقاري عبر تحديد اختيارات العميل، خصوصا في ظل صعوبة جمع الدفعة الأولى للراغبين في الشراء بالآجل، الأمر الذي يفتح خيارات جديدة بالنسبة لقطاع الشقق الذي يلاحظ زيادة الإقبال عليه بشكل كبير، نتيجة تلاشي فكرة تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام، في الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى زيادة مهولة في بناء الوحدات السكنية لتلبية طلبات المواطنين، الذين تقع مشكلة الإسكان لديهم على رأس المطالب التي يطالبون بتوفيرها، في ظل سكن معظمهم في منازل مستأجرة».
وأضاف الودعاني: «يراهن كثيرون على أنه في حال استمرار العزوف، فإن السوق في طريقها نحو الانخفاض.. إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فمن الصعب أن يقبل العقاريون بالخسارة في مشاريعهم، إلا بعد أن يتم تعويضهم وضمانهم في الدخول مع الحكومة في مشاريعها وتعويض قيمة الانخفاض وهو السيناريو الأقرب للتحقيق»، موضحًا أن دخول الحكومة منافسا للعقار التجاري أثر كثيرًا على الطلب في ظل بقاء الأسعار مرتفعة على حالتها.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».