شاشة الناقد: 34 سنة على فيلم «القادسية»

سعاد حسني وطعمة التميمي في «القادسية»
سعاد حسني وطعمة التميمي في «القادسية»
TT

شاشة الناقد: 34 سنة على فيلم «القادسية»

سعاد حسني وطعمة التميمي في «القادسية»
سعاد حسني وطعمة التميمي في «القادسية»

* الفيلم: القادسية
* إخراج: صلاح أبو سيف (1981)
* العراق - تاريخ / حروب.
* تقييم الناقد: (***) من خمسة.

خلال الحرب العراقية - الإيرانية قررت مؤسسة السينما العراقية في بغداد تحقيق فيلم عن موقعة سعد بن أبي وقاص التي خاضها ضد الفرس في زمنه، فألحق بهم الهزيمة بعد ثلاثة أيام متواصلة من القتال.
الأطماع الفارسية في بلاد العرب المجاورة غير خافية اليوم ولم تكن خافية آنذاك. مؤسسة السينما طلبت من المخرج المصري العريق صلاح أبو سيف تحقيق هذا الفيلم، ومنحته 15 مليون دولار لهذه الغاية. أبو سيف كان من بين أهم المخرجين الوطنيين في تلك الفترة، واعتبر أن منحه هذه الفرصة إنما يلتقي وخطّه العروبي والوطني وفي فترة كان العراق يواجه فيها عدوًّا مشتركًا لكل العرب.
للغاية، عمد أبو سيف للاستعانة بسيناريو لمحفوظ عبد الرحمن وقصّة لعلي أحمد باكثير، وقام هو بوضع السيناريو النهائي جالبًا للمشروع، آنذاك، الممثل عزت العلايلي في دور سعد بن أبي وقّاص، وسعاد حسني في البطولة النسائية لجانب الكويتي محمد المنصور والعراقية سعدية الزيدي ورهط كبير من الممثلين الآتين من دول عربية مختلفة، مثل ليلى طاهر وعمر خلفة وحسن الجندي وشذى سالم وطعمة التميمي، وأوجد بذلك نوعًا من جامعة عربية سينمائية في بغداد قبل وخلال فترة تحقيق الفيلم التي استغرقت نحو سنة.
للأسف، لم ينجز الفيلم الكثير بعد حدود موضوعه ومبرر وجوده. إذ نجح في غايته العاطفية والحماسية حيث النصر على العدو مقترن بالتفاصيل الكثيرة التي حشدها الفيلم في مسار أحداثه، أخفق في حمل نظرة معاصرة تكون سببًا رديفًا للسبب الأساسي الذي من أجله أعيدت المعركة إلى الوجود. الربط بين الموقعة الكبيرة والأطماع الفارسية في العراق، وجواره كان استنتاج يتم في البال خارج الفيلم. أما الفيلم نفسه فاكتفى بالعرض التاريخي لما حدث (مزوّدًا بالطبع بكل ما هو ضروري لتفعيله دراميًا) ومتوقفًا دون إضافة السبب الذي من أجله نشاهد هذا التاريخ الآن.
كذلك وفي الوقت الذي يكثف الفيلم من الطاقات العاملة فيه لإعادة بناء التاريخ بناء مكلفًا، يقع السرد في نمطية سريعة، فإذا به ثلاث ساعات ونيف من قعقعة السلاح من دون أن تنجح العناصر الأخرى (التي أريد لها أن تشكل مرتكزات درامية ومواقف تثري العمل وتنوعه) في شد اهتمامنا إلى المستوى المأمول لها. هناك الكثير مما كان يمكن أن يُضاف، ولو أن العمل في نواحيه التقنية والفنية جاء على نحو مقبول. من تلك الإضافات منح الشخصيات فرص التقليل من نمطياتها، إيجابية كانت أو سلبية، وتطوير بعض الأحداث بعيدًا عن جبهة القتال.
(*) : لا يستحق | (**) : وسط | (***) : جيد | (****) : ممتاز | (*****) : تحفة



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.