جاء إعلان مجلس الاتحاد الروسي (مجلس الفيدرالية) عن موافقته على طلب تقدم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام القوات العسكرية الروسية خارج البلاد في سوريا، ليفرض الكثير من التساؤلات حول مستقبل الوضع في هذه البلاد في ظل عدم وضوح المشهد سياسيًا.
وأتى هذه القرار الروسي بعد أقل من يومين على لقاء في نيويورك بين بوتين وأوباما، ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانا قد توصلا خلاله إلى أي تفاهمات حول التنسيق العسكري في سوريا، أم أن هذا الأمر متروك للاتصالات عبر قنوات وزارة الخارجية والدفاع في البلدين. ومع أن مدير الديوان الرئاسي سيرغي إيفانوف أكد أن بلاده ستبلغ الدول الأخرى بهذا القرار، ولم يوضح وجود أي تنسيق بين قوات التحالف ضد الإرهاب والقوات الروسية في سوريا، مما يدعو للاعتقاد أن روسيا حتى الآن تتحرك دون تنسيق.
كما لم يتضح موضوع التنسيق مع القوات الروسية في تصريحات الجانب الأميركي. وفي أول رد الفعل أميركي قال ويليام ستيفنس، المتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية في موسكو، إن بلاده متفقة مع روسيا في وجود مصلحة مشتركة بالتصدي للإرهاب، و«اتفق الرئيسان على فتح قنوات اتصال بين العسكريين من الجانبين لتفادي حوادث صدام بينهما» إلا أن الموقف الأميركي واضح «الأسد ليس شريكًا مناسبًا في الحرب ضد الإرهاب في سوريا»، حسب قول ستيفنس. مع كل ما سبق يُرجح أن يكون هناك تنسيق في العمليات بين الطائرات الروسية وطائرات قوات التحالف ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، إذ لا يريد أي منهما مواجهة عسكرية مفتوحة في سماء سوريا. إلا أن هذا التنسيق لا يعني تجاوز كل المشكلات التي قد تنشأ على الأرض وفي الأجواء السورية.
هنا تجدر الإشارة إلى أن موسكو قالت بوضوح إنها قررت دعم النظام عسكريا كي تتفادى سقوطه وتفكك مؤسسات الدولة وسيطرة «داعش» على سوريا. لكن كيف ستتصرف القوات الروسية في حال اشتدت حدة هجمات فصائل المعارضة السورية على مواقع النظام، لا سيما في محيط دمشق، وزيادة احتمالات تمكنها من دخول العاصمة والسيطرة عليها؟ لقد قالها بوتين بوضوح، هو لا يريد تكرار سيناريو ليبيا، وفي هذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن المقاتلات الروسية ستضطر إلى قصف مواقع المعارضة أيضًا، سيما وأن روسيا تتجاهل في تصريحات قياداتها وجود شيء اسمه معارضة في المشهد الميداني العسكري السوري، الذي توصفه بأنه مواجهة بين «الإرهاب» والقوات النظامية. وفي حال قصف الطائرات الروسية لمواقع المعارضة، فإن الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة للمعارضة السورية لن تقف هذه المرة مكتوفة الأيدي، وأقل ما ستفعله تقديم مضادات جوية مناسبة للمعارضة، تجعل من مهمة الطائرات الروسية والسورية مغامرة محفوفة بالمخاطر.
من جانب آخر، يُتوقع أن تنفذ الطائرات الروسية عملياتها بالتعاون مع الطائرات السورية، وهذا يهدد برفض قوات التحالف ضد الإرهاب لأي تنسيق، ذلك أن كل الدول الأعضاء في التحالف، وإن قبل بعضها ببقاء الأسد لفترة محدودة، فهي ترفض حتى الآن التنسيق معه في الحرب على الإرهاب. فهل وضعت روسيا هذه العوامل وغيرها في ميزان حساباتها عند اتخاذها قرار التدخل العسكري في سوريا؟
المغامرة الروسية قد تدفع بحلفاء المعارضة لمدها بالمضادات
التنسيق مع واشنطن لا يعني تجاوز كل المشكلات في الأجواء السورية
المغامرة الروسية قد تدفع بحلفاء المعارضة لمدها بالمضادات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة