«الأوروبي» يدعو لوقف تمدّد «داعش» في أفغانستان

«الأوروبي» يدعو لوقف تمدّد «داعش» في أفغانستان
TT

«الأوروبي» يدعو لوقف تمدّد «داعش» في أفغانستان

«الأوروبي» يدعو لوقف تمدّد «داعش» في أفغانستان

دعا الموفد الخاص للاتحاد الاوروبي في افغانستان فرانز-مايكل ملبين، اليوم (الاربعاء)، إلى وقف تقدم تنظيم "داعش" المتطرف "بسرعة" في هذا البلد وعدم تكرار الاخطاء التي ارتكبت في سوريا.
وكتب ملبين في مقال نشرته صحيفة "داي فيلت" الالمانية "تنظيم داعش ما زال لا يمثل تهديدا استراتيجيا (في افغانستان)؛ ولكنه يسهم في تعقيد الوضع السياسي لأنه يؤثر على موقف الحكومة والمتمردين ازاء عملية السلام ولهذا ينبغي وقفه وبسرعة".
وأضاف الدبلوماسي الدنماركي "في سوريا أسأنا تقدير قوة تنظيم داعش" الذي أعلن اقامة "خلافة" على جزء من العراق وسوريا، ولكن "في افغانستان، لا زال بامكاننا أن نقوم بما ينبغي بشكل صحيح" مع تصاعد القلق داخل قوات التحالف والحكومة في كابول من الاهداف التوسعية لتنظيم داعش في افغانستان حيث تحارب الحكومة طالبان منذ 2001".
ونفذ التنظيم الذي يزداد نفوذه بشكل خاص على حساب طالبان أول هجوم الاحد على الشرطة الافغانية في ننغرهار في شرق البلاد إدى إلى مقتل شرطيين.
وقال ملبين "نحتاج لوضع استراتيجية على الفور لتفادي الكلفة المرتفعة التي سيكون لا مفر منها إذا استمر التنظيم في التوسع والنمو"، مذكرًا بأنّ التنظيم "اجتاح مساحات في ننغرهار وقتل بطريقة وحشية زعماء عشائريين وقاتل إلى جانب طالبان وأسر عائلات بأسرها وفرض قيودا قاسية على النساء". مضيفًا "أنّ الخطر الأكبر هو أنّ يستوعب التنظيم عناصر طالبان الرافضين للخلافات الداخلية للجماعة أو الرافضين لعملية السلام لأنهم يفضلون مواصلة الجهاد الذي يدر عليهم قدرا أكبر من المال".
وفر مئات من سكان مدينة قندوز الافغانية مع احتدام القتال في وقت مبكر اليوم، في بداية اليوم الثالث من المعركة بين قوات الحكومة المدعومة بضربات جوية أميركية وبين متمردي طالبان الذين حققوا أحد اكبر نجاحاتهم في الحرب التي تعصف بالبلاد منذ 14 سنة.
كان مقاتلو طالبان قد سيطروا على قندوز بعد ان شنوا هجوما جريئا على المدينة يوم الاثنين.
وقال قدير خان أحد السكان الفارين من قندوز "قندوز مشتعلة نتيجة القتال خلال الايام القليلة.. الوضع سيئ جدًا وجميع السكان سئموا الوضع وآلاف الاُسر تفر من الإقليم".
يعتبر سقوط قندوز أكبر انتكاسة للرئيس الافغاني أشرف عبد الغني منذ أن تولى منصبه قبل عام؛ وهو أسوأ هجوم منذ أن غادرت معظم القوات الاجنبية أفغانستان العام الماضي.
وقندوز كانت آخر مدينة كبيرة تسقط عندما أطاحت قوات أفغانية بدعم أميركي بحكومة طالبان في أواخر 2001 بعد أسابيع من هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، التي خطط لها زعيم القاعدة أسامة بن لادن أثناء اختبائه في أفغانستان. وأصبحت أيضا أول مدينة رئيسة يسيطر عليها المتشددون الاسلاميون منذ ذلك الحين.
وقال مسؤول أمني إنّ نحو خمسة آلاف جندي أفغاني تجمعوا في مطار قندوز في وقت مبكر من صباح اليوم بعد قتال استمر طوال الليل، مضيفا أن مقاتلي طالبان طُردوا من المطار بمساعدة غارة أميركية ثانية.
وقال قاسم جانجال باغ رئيس شرطة قندوز "الوضع جيد وبعض المناطق تخضع لسيطرة القوات الافغانية الآن .. عملية التطهير مُستمرة واستعدنا مقر الشرطة والسجن وأجزاء أخرى من المدينة حتى الآن". وتابع "مني العدو بخسائر فادحة. قُتل حتى الآن 83 بينهم ثلاثة من العرب في الغارات الجوية".
واعترف قائد من طالبان بأن مقاتليه فقدوا السيطرة على المطار؛ ولكنه ذكر أنّ الحركة ما زالت تسيطر على المدينة.
من جهته، أفاد جهاز المخابرات الافغاني في بيان صدر في وقت متأخر يوم أمس، بأنّ ضربة جوية قتلت مولوي سلام الذي أعلنته طالبان محافظا لاقليم قندوز و15 آخرين على مشارف المطار. ولم يتسن التحقق من صحة التقرير من مصدر مستقل.
وشن الجيش الاميركي غارتين على قندوز منذ بدء القتال هناك يوم الاثنين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».