في عالم يهيمن عليه الرجال.. نساء الصين يخضن حربًا شرسة لنيل كامل حقوقهن

الحكومة المركزية لا تزال تتخذ موقفًا متشددًا تجاه الحراك النسوي

جينها تيان جيان مع ابنتها شينغ آنكسيانغ في منزلهما بمدينة نانجينغ (واشنطن بوست)
جينها تيان جيان مع ابنتها شينغ آنكسيانغ في منزلهما بمدينة نانجينغ (واشنطن بوست)
TT

في عالم يهيمن عليه الرجال.. نساء الصين يخضن حربًا شرسة لنيل كامل حقوقهن

جينها تيان جيان مع ابنتها شينغ آنكسيانغ في منزلهما بمدينة نانجينغ (واشنطن بوست)
جينها تيان جيان مع ابنتها شينغ آنكسيانغ في منزلهما بمدينة نانجينغ (واشنطن بوست)

عندما اجتمعت سيدات من شتى أرجاء العالم في بكين لحضور المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة في سبتمبر (أيلول) 1995، كانت الصينية جينها تيان جيان أُمّا في الـ38 من عمرها، تتولى بمفردها تربية طفلة قوية الإرادة وشديدة النشاط.
جيان لم تستمع حينها للخطبة القوية التي ألقتها هيلاري كلينتون حول قضايا المرأة، ولم تقابل ناشطات احتشدن بمختلف أرجاء العاصمة. لكنها سردت في كتابها «دماء وعظام» قصص نضال صينيات استمعت إليها من جدتها، التي عايشت حقبة الاحتلال الياباني، ومن أمها أيضا. لكن بعد مرور 20 عامًا على المؤتمر التاريخي، لا تزال تيان تشعر كسائر كثير من الصينيات بقلق حيال المستقبل، رغم اعترافهن بالتقدم النوعي الذي تحقق للسيدات في بلدها.
ورغم أن للصين كل الحق في التباهي بالتحسينات التي طرأت على مستوى عيش النساء ورفاهيتهن وصحتهن، فإن الصورة العامة تعتبر أكثر تعقيدًا، فبينما أصبحت الصينيات في المتوسط أكثر ثراءً وتعليمًا وصحة مقارنة بأي وقت مضى، إلا أن خبراء يشيرون إلى أن وضعيتها في تراجع مقارنة بالرجال، وفي الوقت ذاته تتخذ الحكومة المركزية، التي يهيمن عليها الرجال من أواسط العمر موقفًا متشددًا على نحو متزايد تجاه الحراك النسوي، بما في ذلك المنظمات النسوية. وكمثال على ذلك فقد جرى في الربيع الماضي احتجاز خمسة شابات قبيل اليوم العالمي للمرأة، لتخطيطهن لتنظيم حدث فني، وما زلن بعد شهور من ذلك يتعرضن لمضايقات وتهديدات من قبل الشرطة.
من جانبه قال وانغ زهنغ، البروفسور المساعد بجامعة ميتشيغان والمتخصص في حركة المرأة الصينية، إنه «رغم نشاط الجمعيات النسويات التي عملت بجد كبير في الصين، فإن الصورة ليست وردية على الإطلاق بعد مرور 20 عامًا على انعقاد المؤتمر».
وبالنسبة لتيان جيان، البالغة حاليًا 58 عامًا، فيبدو أن الأمور بدأت في التراجع والتقهقر بالنظر إلى مسيرة حياتها الشخصية والمهنية، فقد ولدت تيان عام 1957، ودخلت سن الشباب خلال حقبة الجوع واليأس التي أعقبت «قفزة الصين العظيمة للأمام»، وقد نجحت أسرتها في البقاء على قيد الحياة خلال فترة الحرب التي عصفت بنانجين، لكن سرعان ما سقطت مجددًا في براثن الفقر. وفي عام 1980 جرى تكليف تيان بوظيفة في مصنع للآلات، ثم جرى نقلها إلى مركز ثقافي، ثم إلى متحف بعد ذلك، وهناك ظلت هناك حتى بلغت سن التقاعد.
لكن في عهد ماو الذي تم فيه إقرار قانون التوظيف والأجر المتكافئ، الذي عرف انفتاح الصين وخصخصة المصانع، وجدت نسبة كبيرة من النساء أنفسهن دون عمل، وعاجزات عن المنافسة في العالم الجديد للمؤسسات الخاصة. وفي عام 1990 كان 77.4 في المائة من السيدات يعمل داخل المناطق الحضرية، لكن بحلول عام 2010 تراجعت النسبة إلى 60.8 في المائة.
ومع بلوغها سن النضج، تتذكر تيان «الكتاب الأحمر الصغير» الذي أصدره ماو، وكذا إعلانه أن «النساء يرفعن لأعلى نصف السماء»، لكن عندما انهار زواجها وتقدمت بطلب للحصول على الطلاق، تبين لها زيف هذه المقولة، بعد أن تعرضت لاحتقار وازدراء الآخرين لاعتمادها على نفسها ونضالها بقوة للبقاء لتربية ابنتها التي أسست شركة ناشئة في مجال التقنية، وأصبحت تتمتع بخيارات أكثر مما كان متاحًا لوالدتها.
منذ سنوات الصعاب في ثمانينات القرن الماضي، نجحت مئات الصينيات في الخروج من براثن الفقر، كما أصبح احتمال وفاة الأمهات أثناء الولادة قليلا اليوم، وتضاعفت احتمالات حصولهن على قسط من التعليم. ومع ذلك بدأ الإحباط يساور كثيرا من النساء، حيث خلق التحول الاقتصادي بالصين ثروات هائلة، لكن جرى تقسيمها على نحو غير متكافئ، بل إنه يعد الأكثر تطرفًا على مستوى العالم، مع وجود النساء في ذيل القائمة.
وتكشف الإحصاءات الحكومية أن نساء المدن حصلن على 77.5 في المائة مما يحصل عليه أقرانهن من الرجال عام 1990، وتراجعت النسبة إلى 70 في المائة عام 1999، ووصلت إلى 67.3 في المائة عام 2010. والواضح أن الفجوة في الدخل تعد مجرد جزء من المشكلة، إذ تعاني النساء من مكانة متدنية كذلك على صعيد ملكية العقارات.
والواضح أن تفاوت التوازن الهائل بين النوعين جراء سياسة الطفل الواحد التي تتبعها الصين دفع الحكومة لممارسة مزيد من الضغوط على النساء اللائي يتسمن بنقص أعدادهن بشدة مقارنة بالرجال، كي يتزوجن ويشرعن في بناء أسرة ببلوغهن 27 عامًا.
* خدمة {واشنطن بوست}
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.