عميد مسجد باريس الكبير: استغلال حادث التدافع أمر يسيء للإسلام وغرضه تحقيق أهداف سياسية

الدكتور بوبكر قال لـ«الشرق الأوسط» إن تسييس الحج ينافي تعاليم الإسلام ويوفر الذرائع للتهجم عليه

الدكتور دليل بو بكر عميد مسجد باريس الكبير - مسجد باريس الكبير
الدكتور دليل بو بكر عميد مسجد باريس الكبير - مسجد باريس الكبير
TT

عميد مسجد باريس الكبير: استغلال حادث التدافع أمر يسيء للإسلام وغرضه تحقيق أهداف سياسية

الدكتور دليل بو بكر عميد مسجد باريس الكبير - مسجد باريس الكبير
الدكتور دليل بو بكر عميد مسجد باريس الكبير - مسجد باريس الكبير

قال الدكتور دليل بوبكر، عميد مسجد باريس الكبير والرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، إن استغلال المأساة التي حصلت في منى مؤخرا بسبب التدافع بين الحجاج «أمر يسيء لمصلحة الإسلام، وغرضه تحقيق أهداف سياسية بعيدة كل البعد عن الحج وعن معانيه».
وأضاف بوبكر، في حديث خص به «الشرق الأوسط» أمس، أن «تسييس الحج أمر ينافي تعاليم الدين الإسلامي الحنيف»، كما أنه يوفر للأطراف الخارجية الذرائع للتهجم على الإسلام.
من جهة أخرى، أشاد عميد مسجد باريس الكبير بما تقوم به السلطات السعودية من تدابير وإجراءات لتوسعة الحرم المكي وتسهيل تنقل الحجيج، وطالب بالمزيد من الرقابة والتشدد لمنع الذين أدوا فريضة الحج من قبل، لإفساح المجال للآخرين حتى يؤدوا هذا النسك.
وعن الاتهامات الإيرانية الموجهة للسعودية بالتقصير في إدارة الحج، رد بوبكر بالقول: «أعتقد أن السلطات السعودية فوجئت بضخامة الأعداد من الحجيج التي كانت موجودة في مكة، والتي زادت بنحو 1.2 مليون نسمة على ما كان مقدرًا أو ما كانت عليه في الأعوام الماضية. التنظيم كان بمستوى الحدث الضخم. ولكن أعتقد أن الحج هذا العام كان كثيفًا للغاية، رغم تحديد الأعداد والحصص الخاصة بكل بلد والتي أقرتها السعودية، ورغم الحد من مجيء الحجاج الذين قاموا بهذه الفريضة الكثير من المرات».
وأوضح: «رغم ذلك، فإن الحجاج وصلوا بأعداد كثيفة، والمشكلة أن بعضهم لم يحترم التعليمات التي أعطتها السلطات السعودية المختصة بحيث يتم موسم الحج على خير ما يرام. وآمل، على ضوء ما حصل، أن تعمد السلطات السعودية إلى فرض رقابة أدق على تدفق الحجاج للسنوات المقبلة، خصوصا أن التوقعات تفيد بأن أعداد الحجيج ستصل إلى خمسة ملايين شخص مستقبلا». وبالمقارنة، فإن هذا العدد يقارب عدد سكان مدينة بحجم باريس. إذن، وكما قلت، نحن بحاجة لفرض مزيد من الرقابة والانتظام للسنوات المقبلة بسبب ما هو متوقع من زيادة الحجيج.
وحول محاولات تسييس الحج واستغلال هذه المأساة التي تلجأ إليها بعض الأطراف خصوصًا الجانب الإيراني الذي يكيل الاتهامات الظالمة للسعودية، قال: «هذا الاستغلال يسيء لمصلحة الإسلام ويهدف كما هو واضح لتحقيق أغراض سياسية بعيدة كل البعد عن الحج وعن معانيه. كذلك أريد أن أؤكد أن تسييس الحج أمر ينافي تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ويناقض معاني الحج، وهذه العملية ستفضي، بالإضافة إلى ما سبق، إلى اختلالات ومشكلات من كل نوع. وأود أن أزيد أن ذلك يعطي الحجج لأطراف خارجية من أجل مزيد من إضعاف الإسلام والاستمرار في توجيه الاتهامات له عن طريق الخلط بين الأمور وتوجيه الانتقادات المجانية التي لا أساس لها ضد الإسلام».
وأكد بوبكر أن السعودية تقوم بجهود مشكورة من أجل تطوير وتوسعة المشاعر المقدسة والأماكن التي يرتادها الحجاج، وذلك على مستوى مسؤولياتها من جهة، وبقدر إمكانياتها الكبيرة من جهة أخرى. لكننا بأي حال نأمل من الجانب السعودي أن يعمد إلى زيادة الانتظام، وأن يفرض رقابة أشد بالنسبة للذين قاموا بالحج عدة مرات، وأنا شخصيًا أعرف بعض الأشخاص الذين قاموا بالحج عشرات المرات، والمطلوب أن تتاح هذه الفرصة للذين لم يتموا الحج ويرغبون في القيام به».
وقال إنه أدى فريضة الحج مرتين، وكانت المرة الأخيرة في عام 2002. وفي هذه الفترة لم يكن عدد الحجيج على ما هو في الوقت الحاضر.
وعن المشاريع والإجراءات والتدابير من قبل السلطات السعودية لتسهيل قيام الحجيج بأداء الركن الخامس، أوضح أن «الجهود التي تقوم بها السعودية كبيرة للغاية، ولقد شعرت حقيقة بالتغيير والتوسعات التي أجريت، كما شاهدتها في المرة الثانية قياسا لما كانت عليه في المرة الأولى. ويبدو ذلك بوضوح لجهة تنظيم الانتقال بين المشاعر، من خلال إقامة الطرق المختلفة وحفر الأنفاق وتسهيل السير وإقامة المنشآت، وكل ذلك لخدمة الحجاج وتسهيل إقامتهم وتيسير تنقلاتهم. لكن الارتفاع الشديد في أعداد الحجاج يحتاج لأن تتم مواكبته بخطط إضافية لتسهيل السير والتنقل وتلافي ما حصل من تدافع وارتباك».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».