التحالف الرباعي يخلط أوراق الحرب ضد «داعش»

مصدر سياسي عراقي مطلع: ليس بمقدور بغداد أن تكون خارج التفاهمات الإيرانية ـ الروسية بشأن سوريا

TT

التحالف الرباعي يخلط أوراق الحرب ضد «داعش»

أكد قيادي سني عراقي أن التحالف الرباعي الذي وصفه رئيس الوزراء حيدر العبادي بالاستخباري بين كل من «العراق وروسيا وسوريا وإيران» يقلق المكون السني في العراق بوصفه «الحلقة الأضعف اليوم على كل المستويات».
وكان العبادي أعلن أمس قبيل توجهه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة وحضور مؤتمر مكافحة الإرهاب «أنشأنا لجانًا استخبارية عدة مع دول إقليمية وأوروبية تضم روسيا وسوريا وإيران والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لجمع المعلومات الاستخباراتية عن التنظيم الإرهابي والتخلص من خطره على بلادنا وبلدان العالم اجمع».
وأضاف العبادي «إن هناك اهتمامًا من روسيا الاتحادية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بما يخص التصدي لـ(داعش) وقد رحبنا بهذا الاهتمام من خلال الخلية الاستخباراتية التي تشترك بها مع باقي الأطراف الدولية الأخرى». وقال العبادي إن تنظيم داعش «منظمة إرهابية وعلينا أن نوفر الجهد الاستخباري للقضاء عليها، وهذه الدول لها مصلحة في ذلك لأن التنظيم يهدد أمنها وأمن العالم بأجمعه».
لكن محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) يشاطر ما ذهبت إليه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية التي ذهبت إلى القول إن من شأن هذا التحالف الجديد إثارة مخاوف السنة في العراق، قائلا إن «العرب السنة في العراق هم الحلقة الأضعف سواء على صعيد القوة القتالية أو على صعيد القرار السياسي الذي هو شيعي بامتياز وبالتالي فإن أي تحالف بصرف النظر عن المضمون الذي يعبر عنه إنما تكون صناعة القرار ونتائجه ومعطياته في ظل هذه المعادلة غير المتوازنة لصالح الطرف الشيعي في السلطة وليس السنة الذين يقاتلون (داعش) بقوات بسيطة». ويرى الكربولي أن إيران «هي الطرف الأكثر استفادة من هذا التحالف».
سياسي عراقي مطلع قال لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق سواء في عهد حكومة نوري المالكي أو اليوم على عهد حيدر العبادي لم يكن بمقدوره أن يكون خارج التفاهمات الإيرانية - الروسية على صعيد الأزمة السورية لكن المتغيرات التي حصلت خلال الفترة الماضية هو زيادة التفاهم الأميركي - الروسي على صعيد سوريا والعراق هنا خارج هذه المعادلة كما أن العراق يجد نفسه في وضع سائب تجاه الحرب ضد (داعش) خصوصا في الأنبار بسبب عدم قدرة الحشد الشعبي والخبراء الإيرانيين على حسم المعركة هناك»، مشيرا إلى أن «غرفة العمليات الاستخبارية هي جزء من تفاهم أميركي - روسي - إيراني وكل من العراق وسوريا تابع لإيران وروسيا في هذه الجزئية».
من جهته, يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد الدكتور خالد عبد الإله أن «التمدد الروسي في العراق يعني الاعتراف بنظام بشار الأسد حيث إن الترابط بين هذه الدول هو ليس فقط مجرد عملية جمع معلومات استخبارية بل إن ذلك يقتضي أن يكون رؤساء أركان الجيوش في هذه الدول الأربع ممثلين في غرفة العمليات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.