«سي آي إيه» تقر بوجود 30 ألف أجنبي من 100 دولة في صفوف «داعش»

الرئيس أوباما يتحدث أمام الأمم المتحدة عن جهود الحملة الدولية ضد التنظيم المتطرف غدًا

ضابط شرطة إسبانيون يقودون مغربية متهمة بتجنيد عناصر لحساب «داعش» الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
ضابط شرطة إسبانيون يقودون مغربية متهمة بتجنيد عناصر لحساب «داعش» الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
TT

«سي آي إيه» تقر بوجود 30 ألف أجنبي من 100 دولة في صفوف «داعش»

ضابط شرطة إسبانيون يقودون مغربية متهمة بتجنيد عناصر لحساب «داعش» الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
ضابط شرطة إسبانيون يقودون مغربية متهمة بتجنيد عناصر لحساب «داعش» الشهر الحالي (نيويورك تايمز)

تدفق حتى الآن قرابة 30 ألف مقاتل أجنبي إلى داخل سوريا، حيث يرغب الكثيرون منهم في الانضمام لتنظيم داعش، مما يشير إلى تضاعف أعداد المتطوعين في صفوف التنظيم في غضون الـ12 شهرًا السابقة فقط، ويعد دليلاً دامغًا على إخفاق الجهود الدولية الرامية لإحكام السيطرة على الحدود والتشارك في المعلومات الاستخباراتية وفرض قوانين مكافحة الإرهاب، في تقليص أعداد المنضمين حديثًا إلى «داعش».
من بين من دخلوا أو حاولوا الدخول إلى الصراع الدائر بالعراق أو سوريا أكثر من 250 أميركيًا، بارتفاع بمعدل يقارب 100 شخص عن العدد المناظر عن عام مضى، تبعًا لما ذكره مسؤولون بمجالي الاستخبارات وفرض القانون.
ومن المقرر أن يتناول الرئيس أوباما في كلمته أمام الأمم المتحدة، الثلاثاء، جهود الحملة الدولية ضد «داعش»، في وقت يعكف محللون استخباراتيون أميركيون على إعداد تقييم سري يتضمن الإشارة إلى سفر نحو 30 ألف مقاتل أجنبي إلى سوريا والعراق قادمين من أكثر من 100 دولة منذ عام 2011. منذ عام مضى، قدر المسؤولون أنفسهم أعداد المتدفقين على البلدين بنحو 15 ألف مقاتل من 80 دولة، يرغب معظمهم في الانضمام لـ«داعش».
وتتزامن هذه التقديرات الكئيبة مع اقتراب الموعد المحدد للكشف عن نتائج تحقيق يجريه أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري داخل الكونغرس، تحديدًا غدا، بخصوص تحركات الإرهابيين والمقاتلين الأجانب. وقد خلص التحقيق إلى أنه «رغم الجهود الدءوبة لوقف التدفق، أخفقنا بصورة كبيرة في منع الأميركيين من السفر للخارج للانضمام إلى المتشددين».
والملاحظ أن جوانب أخرى من سياسات إدارة أوباما تجاه سوريا ومحاربة «داعش» عانت انتكاسات كبرى هي الأخرى.
على سبيل المثال، لم تفلح جهود «البنتاغون» في تدريب قوات معارضة بإمكانها التغلب على «داعش»، بتكلفة بلغت 500 مليون دولار، سوى في توفير حفنة من المقاتلين. كما تحدت روسيا المحاولات الأميركية الرامية للحيلولة دون بناء موسكو قاعدة جوية جديدة بها طائرات حربية داخل سوريا - وهي قضية من المقرر أن يناقشها أوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائها داخل الأمم المتحدة، الاثنين.
جدير بالذكر أن الجنرال جون آر. ألن، الذي عمل منذ سبتمبر (أيلول) 2014 مبعوثًا دبلوماسيًا لشؤون تنسيق جهود التحالف ضد «داعش»، قد أخبر البيت الأبيض بأنه سيتنحى عن منصبه بحلول نهاية العام الحالي.
ويزداد التركيز على عيوب الجهود العالمية لمحاربة «داعش»، مع فرار عشرات الآلاف من اللاجئين من الاضطرابات المشتعلة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينهم الكثيرون ممن يسعون من النجاة من أعمال العنف الدائرة في سوريا والقمع القائم بمناطق تقع تحت سيطرة «داعش».
منذ عام مضى، بذل أوباما وعدد من كبار المسؤولين الأميركيين جهودًا دبلوماسية كبيرة لحشد التأييد لاستصدار قرار ملزم قانونيًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من شأنه إجبار جميع الدول الأعضاء الـ193 بالأمم المتحدة على اتخاذ خطوات «لمنع ووقف» تدفق مواطنيها على جماعات يعتبرها المجتمع الدولي تنظيمات إرهابية.
من جهتها، أوجزت تينا إس. كايدانو، المسؤولة المعنية بترأس جهود مكافحة الإرهاب داخل وزارة الخارجية، مشكلة المقاتلين الأجانب على النحو التالي: «لا يزال التوجه في تزايد. ويقف وراء ذلك مجموعة من الأسباب». واستطردت بأن السبب الرئيس يكمن في قدرة «داعش» غير المسبوقة على التجنيد وبث الأفكار الراديكالية في أتباعها عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
يذكر أنه خلال اجتماع الأمم المتحدة، الثلاثاء، الذي يترأسه الرئيس، من المقرر أن يلقي رؤساء العراق ونيجيريا والنرويج كلمة خلاله. وقد جرت دعوة 104 دول إلى الحدث. وذكر مسؤولون أميركيون أن إيران لم توجه لها دعوة.
ورغم التقارير الواردة من «البنتاغون» حول أن هجمات التحالف قتلت نحو 10 ألف مقاتل من «داعش»، فإن المتطوعين لا يزالون يتدفقون على التنظيم، بمتوسط بلغ قرابة ألف مقاتل شهريًا. وكانت آخر مرة أعلنت فيها الحكومة عن تقييم لأعداد المتدفقين على «داعش» منذ بضعة شهور، وذكرت خلالها أنهم بلغوا أكثر من 25 ألفا، بينهم 4.500 على الأقل من الغرب. وبالنظر إلى الحدود المفتقرة إلى سيطرة قوية داخل الشرق الأوسط، يؤكد مسؤولون أميركيون على أن هذه الأرقام مجرد تقديرات تخمينية تفتقر إلى الدقة، تعتمد على تقارير واردة من دول حليفة حول وجهات سفر مواطنيها ومعلومات استخباراتية أخرى تختلف من دولة لأخرى.
من جهته، علق دانييل بيمان، خبير شؤون مكافحة الإرهاب والبروفسور بجامعة جورج تاون وزميل معهد بوركنغز، بقوله: «الآن، هناك ما يعرف باسم تأثير الشبكة حيث يجذب الشخص آخرين من أصدقائه وأقاربه».
وفي إطار تقرير جديد شارك في وضعه أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بعد تحقيق استمر ستة شهور، انتقدت لجنة شؤون الأمن الداخلي التابعة لمجلس النواب الإدارة الأميركية وحلفاءها لإخفاقهم في بذل مزيد من الجهود لمكافحة التهديد الصادر عن المقاتلين الأجانب.
ويقول التقرير الصادر في 85 صفحة: «لا يزال الشركاء الأجانب يتشاركون في المعلومات حول الإرهابيين المشتبه بهم على نحو خاص ومتقطع وغالبًا ما يكون غير كامل»، مضيفًا أنه: «لا تتوافر حاليًا قاعدة بيانات عالمية شاملة بأسماء المقاتلين الأجانب. وبدلاً من ذلك، تعتمد دول بينها الولايات المتحدة على منظومة واهنة متقطعة لتبادل هويات الأفراد المتطرفين».
في المقابل، أشار محللون بمجال مكافحة الإرهاب إلى توجهات أكثر إيجابية، منها أن الضربات الجوية التي وجهها التحالف ضد «داعش» في العراق وسوريا والتي تجاوز عددها 7 آلاف ضربة نجحت في احتواء التنظيم بدرجة كبيرة وإبقائه داخل الجزء الرئيس من الأراضي التي يسيطر عليها. كما أوضحوا أن الجهود الدولية الرامية لتعزيز أمن الحدود والتشارك في المعلومات نجحت بصورة كبيرة في الحيلولة دون توسع «داعش» بوتيرة متسارعة على غرار ما فعلت في صيف 2014. كما توحي مؤشرات أخرى بأن قدرة «داعش» على تجنيد والاحتفاظ بتابعين لها قد تشهد تباطؤًا. من بين هذه المؤشرات أن عددًا صغيرًا، لكنه في تزايد، من المنشقين عن «داعش» يجازفون بإمكانية التعرض للانتقام والسجن ويتحدثون صراحة عن صدمتهم تجاه حقيقة التنظيم الإرهابي، تبعًا لما أفاده تقرير نشر هذا الشهر من قبل المركز الدولي لدراسة التحول إلى الراديكالية التابع لكينغز كوليدج لندن.
من جهته، علق بيتر نيومان، مدير المركز وبروفسور الدراسات الأمنية لدى «كينغز كوليدج»، بقوله: «لم يعد لدى (داعش) زخم داخل المناطق الرئيسة الخاضعة لسيطرته من سوريا والعراق. ولم يعد الآن اليوتوبيا الجهادية الآخذة في الاتساع الأبدي كما كان يبدو من قبل».

*خدمة: «نيويورك تايمز»



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».