سوريا: بعد وقف إطلاق النار.. الخطوات التنفيذية لـ«اتفاق الزبداني» تبدأ بإجلاء عشرات المقاتلين

قائد معارض اعتبره انتصارًا ومصادر معنية بالمفاوضات لا تستبعد أن ينسحب على مناطق أخرى

سوريا: بعد وقف إطلاق النار.. الخطوات التنفيذية لـ«اتفاق الزبداني» تبدأ بإجلاء عشرات المقاتلين
TT

سوريا: بعد وقف إطلاق النار.. الخطوات التنفيذية لـ«اتفاق الزبداني» تبدأ بإجلاء عشرات المقاتلين

سوريا: بعد وقف إطلاق النار.. الخطوات التنفيذية لـ«اتفاق الزبداني» تبدأ بإجلاء عشرات المقاتلين

سلكت الخطوات التنفيذية لاتفاق الهدنة في سوريا طريقها في كل من مدينة الزبداني في ريف دمشق وبلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب، بشمال غربي البلاد. إذ بعد وقف إطلاق النار، بدأ يوم أمس إجلاء عشرات الجرحى والمقاتلين من الزبداني، على أن يتم في الأيام المقبلة بدء إخراج المدنيين المحاصرين في كفريا والفوعة. ولقد تحقق ذلك، بعد الاتفاق الذي توصل إليه حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلو الزبداني و«حركة أحرار الشام» من جهة أخرى، برعاية تركية وإيرانية، وبضمان من الأمم المتحدة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
«أبو المهاجر»، القائد الميداني في الزبداني، وصف الاتفاق بـ«النصر الكبير»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «العالم كلّه اجتمع لقتالنا في الزبداني وعجزوا عن إسقاط المدينة، وكنا قادرين على حسم المعركة إذا اتخذنا قرار حسم معركة الفوعة وكفريا، لكن كنا نعلم أن الزبداني ستباد. وبالتالي، وبعد هذا الاتفاق يكفينا أن نخرج معتقلة واحدة من سجون النظام فهذا بالنسبة إلينا هو انتصار». وتحدث عن توثيق مقتل 315 عنصرا من حزب الله و58 آخرين، بين مفقود ومعتقل إضافة إلى 46 جريحا.
كذلك، أعلن «أبو المهاجر» أنه تم أمس إجلاء 130 مقاتلا، إلى مدينة إدلب حيث يخضعون للمعالجة في المستشفيات، على أن يلحق بهم البقية الذين يبلغ عددهم 270 في الأيام المقبلة إضافة إلى إخراج المدنيين. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الخطوات التنفيذية تسير في موازاة بعضها بالزبداني وكفريا ومضايا، على أن يبدأ العمل على المرحلة الثانية المتعلقة بشكل رئيسي بإطلاق سراح 500 معتقل، باتت أسماؤهم جاهزة لتسليمها إلى الإيرانيين عبر الأمم المتحدة، التي تقدّمها بدورها إلى النظام. وأشار إلى أنّ اللائحة تتضمن أسماء 180 معتقلا بينهم مقاتلون و320 معتقلة، موزعين بين مناطق سورية عدّة».
ومن جانب آخر، لفت «أبو عبد الرحمن»، المقاتل في الزبداني، إلى أنّ «وقف إطلاق النار لا يزال ساري المفعول من دون تسجيل أي خرق في الساعات القليلة الماضية»، معتبرا أنّ «الهدنة فُرضت فرضا هذه المرة على حزب الله بعدما كنا نحن نطلبها في السابق». وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المدينة باتت ركامًا بحيث لم يعد بإمكان الأهالي العودة إليها، وتساءل «ماذا سيكون مصير عائلات الزبداني التي هجّرت ويقيم معظمها الآن في مضايا؟». ثم لفت إلى أنّ عدد أهالي الزبداني كان يبلغ قبل بدء المعارك 40 ألف نسمة، بينما لا يزيد عدد الموجودين اليوم عن الخمسين عائلة، وهم عائلات المعتقلين، بعدما نزح نحو 20 ألفا منهم إلى مضايا التي باتت تضيق بقاطنيها والمئات منهم مشردون في الطرقات».
في المقابل، لم تستبعد مصادر معنية بالمفاوضات من جهة النظام وحزب الله، أن يكون اتفاق الهدنة هذا مقدّمة لاتفاقيات أخرى في مناطق سورية، وادعت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية نحن دعاة الحلّ السلمي وهذه وجهة نظرنا وشجعنا عليها»، واصفة ما تمّ التوصل إليه بـ«اتفاق المصلحة» الذي سيجري بموجبه إجلاء المدنيين بشكل رئيسي. وسألت «إذا كانت المعارضة تعتبره انتصارا فلماذا كانت في الهدن السابقة هي التي تقوم بخرق وقف إطلاق النار؟» وأيضًا، أكد مصدر سوري قريب من النظام ومطلع على المفاوضات لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «بعد التزام الأطراف بالبند الأول الذي ينص على وقف إطلاق النار، تم الاتفاق على أن يبدأ السبت أو الأحد تنفيذ بند آخر وهو إخراج نحو عشرة آلاف مدني من بلدتي الفوعة وكفريا إلى مناطق تحت سيطرة النظام مقابل خروج 500 مسلح من الزبداني، على أن يتوجهوا حصرًا إلى محافظة إدلب».
هذا، ووفق «المرصد» فإن الاتفاق تضمن مرحلتين، تبدأ الأولى فور الإعلان الرسمي عن الاتفاق المبرم، بين الطرفين، وتشمل وقف إطلاق النار في الزبداني ومضايا وبقين وسرغايا والقطع العسكرية المحيطة بها في محافظة ريف دمشق، وكذلك في الفوعة وكفريا وطعوم ومدينة إدلب ومعرة مصرين ورام حمدان وزردنا وبنّش وتفتناز وشلخ في محافظة إدلب. وأهم البنود التي شملها وقف إطلاق النار هي: وقف كامل للعمليات العسكرية وإطلاق النار والتوقف عن تحصين الدشم والمقرات على الخط الأول من الجبهات، إضافة إلى وقف أي تقدم في المناطق الفاصلة على خطوط التماس.
وتتضمن المرحلة الأولى خروج كامل المقاتلين من مدينة الزبداني، مع الراغبين بالخروج من عائلاتهم من مناطق الزبداني وبقين وسرغايا ومضايا، على أن تكون الوجهة الوحيدة لخروج كل الشرائح من منطقة الزبداني (مسلحون – جرحى – عوائل) هي محافظة إدلب حصرًا، وتعمل الحكومة الإيرانية مع الحكومة اللبنانية، على إخراج عائلات الزبداني التي لجأت إلى لبنان وإعادتهم إلى سوريا مباشرة أو إلى تركيا، شرط أن يكون العدد بين 40 و50 عائلة فقط. كذلك تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق خروج الراغبين من النساء والأطفال دون سن الـ18 والرجال فوق سن الـ50 من الفوعة وكفريا والجرحى، الذين لا يمكن علاجهم في البلدتين، بحيث لا يزيد عدد الذين سيغادرون البلدتين عن عشرة آلاف مواطن سوري. ويتضمن الاتفاق خروج المسلحين من مدينة الزبداني بالسلاح الفردي الخفيف وينفذ الاتفاق بضمان وإشراف وحضور الأمم المتحدة. ومع انتهاء المرحلة الأولى، تبدأ المرحلة الثانية التي تشمل إطلاق سراح 500 معتقلة ومعتقل، وتثبت هدنة لمدة 6 أشهر.
وللعلم، بدأت قوات النظام وحزب الله اللبناني منذ الرابع من يوليو (تموز) هجوما عنيفا على الزبداني، آخر مدينة في المنطقة الحدودية مع لبنان لا تزال بيد الفصائل المعارضة، وتمكنت من دخولها ومحاصرة المقاتلين في وسطها. وردا على تضييق الخناق على الزبداني، صعّد مقاتلو المعارضة عمليات القصف على بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين واللتين يعيش فيهما مواطنون شيعة في محافظة إدلب. وينتمي جزء كبير من المقاتلين داخل الزبداني وفي محيط كفريا والفوعة إلى «حركة أحرار الشام الإسلامية» بينما يقتصر وجود النظام في الفوعة وكفريا على ميليشيات الدفاع الوطني واللجان الشعبية.
وتسيطر فصائل معارضة عدة على بلدة مضايا التي تؤوي نحو عشرين ألف شخص بين مقيمين ونازحين، وتفرض قوات النظام والمسلحين الموالين لها حصارا محكما عليها، وفق «المرصد». وسبق أن تم التوصل لمرتين إلى وقف لإطلاق النار في البلدات الثلاث خلال الشهر الماضي لكن الهدنتين انهارتا مع فشل المفاوضين في الاتفاق على كامل البنود المطروحة، خصوصا ما يتعلق بخروج المسلحين والمدنيين.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.