أشرقت شمس عيد الأضحى على اللاجئين المسلمين في فيينا صباحا لا يختلف عن باقي الصباحات، وهم في انتظار دورهم للحصول على بطاقات السفر والبحث عن سبل الوصول إلى البلدان التي ينشدونها منذ بداية رحلتهم. الأجواء الحزينة والفوضى هما سيدا الموقف، لكن يبقى بريق الأمل موجودا عند البعض.
الحاجة أم أحمد، التي جلست عند باب المحطة الجانبي، كانت دموعها تسبق كلماتها وهي تفتح قلبها لـ«الشرق الأوسط» بالحديث عن استقبالها للعيد: «أي عيد؟ فقد خسرنا أولادنا وحياتنا ونحن مشردون في البرد، أهلنا ليسوا بقربنا وكل شيء بعيد». لتعود لمكانها وهي تحمد الله على كل شيء.
أما هالة، ابنة الثلاثين عاما من العراق والتي تزوجت قبل خمسة أشهر، فرفضت التصوير خوفا على أهلها في العراق، وقالت وهي تقف إلى جانب زوجها وهما يحاولان التواصل مع الأهل والأصدقاء لتقديم التهاني بمناسبة العيد: «في العراق الاجتماع مع الأهل والأحباب هو العيد بحد ذاته. أجبرنا على تركهم لإنقاذ حياتنا.. ونأمل أن تزول الغمة كي نجتمع بهم من جديد وليصبح العيد عيدين».
بدورهم، قال ثلاثة شبان سوريين، يتوسطون المحطة والابتسامة لم تفارق وجوههم: «نحن مرتاحون، وإن شاء الله نجتمع بأهلنا، ونتمنى أن تتخلص سوريا من مشاكلها والعراق أيضا، وأن تعود البلدان العربية إلى الاستقرار، وأن يعود من في أوروبا إلى بلدانهم».
شاب عراقي آخر، ذو خمسة عشر عاما، كان ينتظر عند طاولة المحامي وسط المحطة والدموع والحيرة تملآن عينيه بعد أن قضى أسبوعين في الطريق إلى النمسا، وأوضح: «كل ما أتمناه من العيد هو أن يوافقوا على طلب لجوئي في النمسا، وأن أتمكن من إحضار أمي وأبي ليجتمع شملنا من جديد.. لقد باتت حياتنا فوضى».
وفي مركز اللاجئين القريب من محطة القطارات في فيينا، كانت العوائل تتبادل التهاني بقلب مكسور وهم يستذكرون أيامهم، كلٌّ في بلده وبين أحبابه، وكيف كانت تحل عليهم أيام العيد لتجمع العائلة. ويقول أحد اللاجئين، فضل عدم الإفصاح عن هويته: «لقد تركنا فرحة العيد خلفنا في حلب تحت ركام بيتنا الذي تهدم من جراء قصف قوات النظام، أما السعادة والفرحة فقد دفناهما مع أبي وأختي». أما الأطفال فقد كانت براءتهم تسبقهم في استقبال العيد، لا يريدون سوى الوصول إلى بر الأمان مع أهلهم والاستقرار وبدء حياة جديدة. تقول الطفلة سارة، بنت الأعوام العشرة، وهي تركب الدراجة: «كل ما يهمني الآن هو دخول المدرسة. يجب أن أصبح محامية كي أستطيع الدفاع عن المظلومين». وقد استقبلت المحطة الرئيسية في فيينا العيد بالصلاة، فيما قدّم متبرعون الحلوى للاجئين، وحملت بعض المنظمات الإسلامية وجبات الغذاء لمشاركتهم في هذا اليوم والتخفيف من وطأة الغربة عليهم. كما أسهمت الجالية المسلمة في فيينا بتقديم مختلف أنواع الأطعمة للاجئين متمنين لهم عيدا سعيدا.
وقد ذكرت مصادر في الشرطة النمساوية أن أعداد اللاجئين التي دخلت النمسا في ليلة العيد تجاوزت الأربعة آلاف لاجئ، وأن حركة القطارات تشهد زخما غير مسبوق حيث تحركت يوم أمس من المحطة الغربية أربعة قطارات مجانية لنقل ما لا يقل عن ألفين وخمسمائة لاجئ إلى مدينة سالسبورغ الحدودية مع ألمانيا. وما زالت الحافلات تنقل اللاجئين من معبر نيكلسدورف الحدودي مع المجر إلى مقاطعات النمسا على مدار الساعة.
من جهة أخرى، تخللت جلسة للبرلمان النمساوي، انعقدت يوم أمس، مناقشة لملف اللاجئين ونتج عنها انضمام حزب الشعب النمساوي، بخطوة يلفها الخجل، إلى حزب الحرية اليميني المتطرف في مواجهة تدفق اللاجئين. ويأتي هذا التغيير قبيل الانتخابات النمساوية التي ستبدأ الأسبوع المقبل.
لاجئو النمسا يستقبلون العيد وسط معاناة الهجرة والاغتراب المفروض
منظمات إسلامية ومتبرعون يحاولون التخفيف من معاناتهم
لاجئو النمسا يستقبلون العيد وسط معاناة الهجرة والاغتراب المفروض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة