تقرير اقتصادي: السياحة السعودية ستشكل 5.7 % من الناتج المحلي غير النفطي في 2020

إعلانات حكومية عن توفر أكثر من 400 ألف وظيفة في القطاع للأعوام المقبلة

تقرير اقتصادي: السياحة السعودية ستشكل 5.7 % من الناتج المحلي غير النفطي في 2020
TT

تقرير اقتصادي: السياحة السعودية ستشكل 5.7 % من الناتج المحلي غير النفطي في 2020

تقرير اقتصادي: السياحة السعودية ستشكل 5.7 % من الناتج المحلي غير النفطي في 2020

توقع تقرير اقتصادي صدر مؤخرًا أن يستمر القطاع غير النفطي في السعودية بالمحافظة على النمو القوي خلال عام 2015، وذلك نتيجة لحجم الإنفاق الحكومي وإقراض الشركات وقوة الاستهلاك المحلي، والذي سيؤثر إيجابيًا على القطاع غير النفطي، في الوقت الذي توقع أن تنعكس استمرارية هذه الفوائد على قطاع الضيافة كمساهم رئيسي في القطاع غير النفطي.
وذكر التقرير لمجموعة سدكو القابضة أن السياحة المحرك الرئيسي لقطاع الضيافة، وحسب الخبراء في الهيئة العامة للسياحة والآثار، فإنه يُتوقع أن تسهم السياحة بنسبة 5.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال العام الحالي 2015، والمتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 5.7 في المائة بحلول عام 2020.
وأعلن صندوق تنمية الموارد البشرية عن توفر أكثر من 400 ألف وظيفة في قطاع السياحة بالمملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، وفي هذا الصدد قال أنيس مؤمنة الرئيس التنفيذي لمجموعة سدكو القابضة: «يشهد قطاع السياحة الدينية ارتفاعا مستمرًا، وبات يشكل بيئة جذابة للمستثمرين ويتيح الكثير من الفرص الوظيفية للشباب السعودي. كما أن النجاح الذي تحقق من حيث الكفاءة المتمثلة في البنى التحتية الشاملة لهذا القطاع يؤكد متانة اقتصاد الدولة، ومع تعدد مشاريع في البنى التحتية بالإضافة إلى عدد من المؤشرات الأخرى الإيجابية مثل زيادة حركة السياح، وتنامي سياحة الأعمال والترفيه إلى جانب دعم الحكومة لهذا النمو عن طريق بناء شبكة النقل العام ومنشآت البنية التحتية».
وأضاف مؤمنة: «تحظى إمكانيات النمو في هذا القطاع بإجماع الجهات الحكومية. فقد أدركت كل من وزارة العمل والهيئة العامة للسياحة والآثار حجم القوى العاملة وبأن فرص سعودة الوظائف في القطاع السياحي باتت عالية. في الوقت الذي تم تطوير برامج تدريب مهني بدعم من وزارة العمل، كل الدلائل والعلامات تشير إلى إمكانية عالية للنمو في هذا القطاع. ومع التوسع الذي تشهده مجموعة إيلاف، فإننا نهدف إلى تحقيق 75 في المائة زيادة في إجمالي عدد الوظائف». وفي هذا الخصوص أشار زياد بن محفوظ الرئيس التنفيذي لمجموعة إيلاف إلى أن «موسم الحج يلعب دورًا جوهريًا في السياحة الدينية، كما شهدنا تدفق كبير للحجاج في السنوات الأخيرة إذ وصل عددهم إلى أكثر من مليوني حاج في عام 2013 ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 5 ملايين حاج بحلول عام 2025، وقد وصلت نسبة الأشغال لدى مجموعة إيلاف خلال موسم الحج الماضي في مكة المكرمة إلى 95 في المائة. وأضاف زياد «مجموعتنا تتوسع بالتوازي مع التطور السريع للسياحة الدينية، ونحن نخطط لتوفير 5 آلاف غرفة في السنوات الخمس المقبلة، لنضاعف القدرة الإجمالية. ورغم علمنا بأن الفنادق من فئة خمس نجوم تهيمن وتسود في الحرمين الشريفين، ما زال هناك مجال كبير للشقق والفنادق الاقتصادية ذات العلامات الشهيرة. ونظرًا لإدراكنا التام بهذه السوق».
إلى ذلك تطلق الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع الكثير من الجهات الحكومية والخاصة، أكثر من 30 مهرجانًا وفعالية سياحية في مختلف مناطق المملكة، خلال إجازة عيد الأضحى واليوم الوطني الحالية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».