يستقبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ظهر اليوم، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قبل أيام من توافد رؤساء دول وحكومات العالم إلى نيويورك بمناسبة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما يرافقها من لقاءات ثنائية وجماعية تكون غالبًا أكثر أهمية من أعمال الجمعية نفسها.
وتكتسي زيارة أبو مازن لباريس، التي ستعقبها يوم الأربعاء زيارة لموسكو، بأهمية خاصة، كونها تتم في ظروف سيئة بالنسبة للجانب الفلسطيني، مع توقف عملية السلام منذ ربيع عام 2014، وتراجع الاهتمام الأميركي والدولي بها، وهيمنة ملف الإرهاب والهجرات الجماعية باتجاه البلدان الأوروبية على النقاشات واللقاءات المنتظرة. أما فرنسيًا، فإن تراجع الخطة الفرنسية السابقة التي كانت ستفضي إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يؤكد على محددات السلام، ويضع إطارًا زمنيًا للمفاوضات، أصاب آمال الفلسطينيين الذين فشلوا، نهاية العام الماضي، في تمرير مشروع القرار العربي الهادف إلى وضع حد للاحتلال الإسرائيلي. وبحسب المعلومات المتوافرة في باريس من مصادر غربية وعربية، لن يطرح على مجلس الأمن أي مشروع قرار، بينما تواصل باريس مساعيها لتشكيل «مجموعة دعم» من «الرباعية الدولية»، بضم دول أوروبية وعربية والجامعة العربية إليها، من غير أن يعني ذلك حل الرباعية. وتشير المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن المساعي الفرنسية لم تحقق الكثير من التقدم، إذ ما زال موقف واشنطن ولندن تجاهها «فاترًا»، فيما تعارض إسرائيل قيامها.
وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيسين «سيتشاوران» فيما يمكن القيام به لتحريك قطار السلام المتوقف منذ عام ونصف العام، وانسداد الأفق السياسي، فضلا عن الوسائل الممكنة لاحتواء العنف المتفجر في القدس وباحات المسجد الأقصى. وتتخوف باريس من أن يعم العنف ويأخذ أبعادًا أكبر في باحات ومحيط المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية بمناسبة عيد الأضحى. وحرص قصر الإليزيه، الأسبوع الماضي، على إصدار بيان يعرب فيه عن معارضته لأي تغيير «للوضع القائم» بخصوص المسجد الأقصى، لأنه يرى في ذلك إذكاء للعنف.
ولم يعرف أمس، ما إذا كان أبو مازن سيكشف للرئيس الفرنسي محتوى «القنبلة» التي ينوي تفجيرها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتدور تكهنات في باريس، حول ما يمكن أن تحمله كلمة محمود عباس الذي من المنتظر أن تكون له مجموعة لقاءات في نيويورك بينها مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ولعل «السيناريو» المرجح، هو إعلان أبو مازن عن رغبة السلطة في الانضمام إلى المنظمات الدولية كافة المتفرعة عن الأمم المتحدة، مثلما حصل مع المحكمة الجنائية الدولية وقبلها مع «اليونيسكو». وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن بادرة كهذه من شأنها «إحراج واشنطن بالدرجة الأولى» التي سيكون عليها، بموجب قانون قديم صوت عليه الكونغرس، حجب التمويل عن هذه المنظمات وحتى الانسحاب منها. أما «السيناريوهات» الأخرى، فتتراوح ما بين إعلان وقف بعض جوانب اتفاقية أوسلو، مثل التعاون الأمني أو إعلان فلسطين «دولة تحت الاحتلال».. أو ما شابه من الطروحات التي تعني، بالدرجة الأولى، فشل المشروع السياسي القائم على الحصول على الدولة الفلسطينية، عبر المفاوضات وبالارتكاز إلى الشرعية والمؤسسات الدولية والوساطة الأميركية.
في ظل هذه المعطيات التي لا تبشر بتطور إيجابي، يبدو تكريم أبو مازن رسميًا، أمس، في مقر بلدية باريس، العلامة الإيجابية الوحيدة، إذ إن لفتة كهذه مقصورة فقط على الرؤساء. وتأتي بادرة عمدة العاصمة آن هيدالغو، بعد أسابيع قليلة من الجدل الذي أثاره قرار البلدية تخصيص يوم للاحتفال بتل أبيب، في إطار النشاطات الصيفية للمدينة على ضفاف نهر السين.
وفي الكلمة التي ألقتها، أشادت هيدالغو بأبو مازن ووصفته بأنه «أحد فاعلي السلام»، وأنه «رغم الصعوبات والعوائق ما كفّ مرة عن العمل من أجله، والتمسك بالحوار رغم كل ما يحصل»، مضيفة أن السلام «يحتاج إلى الإصرار والالتزام والإرادة الحسنة وأنت تجسد كل ذلك». كذلك شددت هيدالغو على أن المجلس البلدي للعاصمة باريس، قرر بالإجماع، العام الماضي، الطلب من السلطات الفرنسية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن باريس «يمكن أن تلعب دور الجسر» بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل السلام. ومنحت هيدالغو الرئيس الفلسطيني، بمناسبة اليوم العالمي للسلام، أمس، أعلى ميدالية خاصة بالعاصمة.
وفي رده، نوه أبو مازن بعلاقات الصداقة التي تربط فرنسا بفلسطين، وبحرصه على تنميتها وتطويرها لتكون في مصلحة الطرفين والشعبين، شاكرا فرنسا على «مواقفها الثابتة» التي هي «محل احترام وعرفان منا ومن شعبنا»، ومشيدا بدعمها السياسي وبمساعدتها في إقامة المؤسسات الفلسطينية. وسياسيًا، أعرب محمود عباس عن «تأييد» السلطة للمبادرة الفرنسية بتشكيل «مجموعة الدعم الدولية».
وقال أبو مازن إنه سيضع هولاند اليوم في «صورة الوضع في بلدنا، وسوف نسترشد بآرائه»، مكررا أن أيدي الفلسطينيين «ممدودة للسلام»، ومحذرا مما يجري في ساحات المسجد الأقصى والقدس.
وحضر الاحتفال في بلدية باريس، عدد من السفراء العرب المعتمدين في العاصمة الفرنسية، بينهم سفراء مصر، والأردن، وعمان، ومدير مكتب الجامعة العربية القائم بأعمال السفارة اللبنانية، وممثل عن السفارة القطرية، والعديد من السفراء الأجانب. وأشارت هيدالغو إلى حضور أربعة سفراء إسرائيليين سابقين «يؤيدون السلام».
عباس يعلن تأييده لخطة باريس بتشكيل مجموعة دعم دولية للدفع باتجاه المفاوضات
منحته عمدة باريس أعلى ميدالية للعاصمة.. واقترحت لعب «دور الجسر» بين الفلسطينيين والإسرائيليين
عباس يعلن تأييده لخطة باريس بتشكيل مجموعة دعم دولية للدفع باتجاه المفاوضات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة