دخل اتفاق رابع لوقف النار في بلدتي كفريا والفوعة في شمال غربي سوريا، ومدينتي الزبداني ومضايا بريف دمشق الغربي، حيز التنفيذ منتصف ظهر أمس، بعد عمليات تفاوض غير مباشر بين تنظيم «حركة أحرار الشام الإسلامية» السورية المعارضة من جهة، ومفاوض إيراني، بدأت يوم الأربعاء الماضي، وانتهت ظهر السبت، قبل 24 ساعة من سريان الهدنة، بحسب ما قاله مصدر بارز في «أحرار الشام» لـ«الشرق الأوسط».
ويعد هذا الاتفاق الأول من نوعه غير المحدد بمهلة زمنية، كونه أتاح فرصة للتفاوض بين الطرفين، نجحت في ساعاتها الأولى بإيقاف القصف الجوي والصاروخي والمدفعي عن البلدات الأربع، على أن يُستكمل، في حال صموده، بفك حصار القوات الحكومية السورية ومقاتلي حزب الله اللبناني عن الزبداني ومضايا، وفك حصار «جيش الفتح» المعارض عن كفريا والفوعة، من غير أن يشمل إخراج المدنيين من البلدات الأربع، بحسب ما قالت مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط».
وبحسب مصادر «أحرار الشام»، لا يعد استخدام الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة خرقًا للاتفاق، بينما يعتبر استخدام رشاش من عيار 23 ملليمترا وما فوق، إضافة إلى المدفعية والصواريخ والغارات الجوية، خرقًا من شأنه أن ينهي الاتفاق. وقال: «لقد حمينا المدنيين من البراميل المتفجرة والألغام البحرية، وفي حال حصول أي خرق فإننا جاهزون لتنفيذ تهديدنا بالسيطرة على كفريا والفوعة اللتين باتتا تحت مرمى قناصاتنا أيضًا».
ودفعت التطورات الميدانية على جبهة بلدتي كفريا والفوعة اللتين تسكنهما أغلبية شيعية، باتجاه التوصل إلى اتفاق تعتبره المعارضة «يصب في مصلحتها»، نظرًا إلى انه لا يفرض على مقاتليها الانسحاب من خمس تلال بينها تلتين استراتيجيين هما تلة الخربة وتلة زغرب اللتين تطلان على البلدتين، وذلك إثر تقدم حققه قوات «جيش الفتح» الخميس والجمعة الماضيين.
ويأتي وقف إطلاق النار الأحد بعد هجوم عنيف شنته فصائل «جيش الفتح» في اليومين الأخيرين على بلدتي الفوعة وكفريا، بدأ الجمعة بتفجير تسع سيارات مفخخة على الأقل في محيط البلدتين، نفذ انتحاريون سبعة منها.
وبحسب المرصد، تسببت التفجيرات والمعارك بمقتل 66 مقاتلا من الفصائل المسلحة وأربعين من المسلحين الموالين للنظام وسبعة مدنيين.
وينتمي جزء كبير من المقاتلين داخل الزبداني وفي محيط كفريا والفوعة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية التي تقاتل إلى جانب فصائل «جيش الفتح» وأبرزها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن مدينة الزبداني وبلدتي الفوعة وكفريا شهدت هدوءا تاما منذ الساعة الثانية عشرة (09:00 تغ) من ظهر الأحد»، مشيرا إلى «الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار»، وإلى أن المفاوضات مستمرة للتوصل إلى اتفاق أوسع.
وبينما نفى مصدر بارز في «أحرار الشام» أن تكون مضايا ضمن الاتفاق، أكد المرصد السوري ووسائل إعلام تابعة لحزب الله اللبناني أن مضايا ضمن الاتفاق. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله صّعد عسكريًا في الساعات التي سبقت الاتفاق ضد مضايا، بهدف إدراجها ضمن الاتفاق، وهو أمر تستفيد منه المعارضة، ذلك أن الزبداني لم يبقَ منها إلا حي صغير بيد قوات المعارضة، لم يحسمه الحزب، منعًا للتصعيد ضد كفريا والفوعة».
وبينما تحدثت معلومات عن أن الاتفاق «بلورته اتصالات إيرانية – تركية»، نفى المصدر في «أحرار الشام» أي دور لحزب الله ونظام الرئيس السوري بشار الأسد في هذه المفاوضات، إذ «حصرت الأمور بمفاوض إيراني، يتواصل مع الأحرار بشكل غير مباشر، وعبر اتصالات هاتفية، وعرض الاتفاق منذ الأربعاء مع الأحرار»، مشيرًا إلى أنه «عندها.. تم التصعيد عسكريًا بهدف إحراز مكاسب ميدانية، وخوض التفاوض بشروطنا، وذلك بعد حيازته على موافقة من مجلس شورى الأحرار، أقر أخيرًا الموافقة على التفاوض».
وفي مقابل إشارة عضو في المجلس المحلي لمدينة الزبداني إلى «تكتم شديد على تفاصيل الاتفاق»، وقوله «لم يحدد موعد لانتهاء الهدنة»، أوضح المصدر في «أحرار الشام» أن الطرف الإيراني «كان أرسل رسائل إلى الداعية عبد الله المحيسني منذ الأربعاء، بهدف الحث على التوصل إلى اتفاق، وذلك قبل الهجوم على الفوعة، طالبًا إيقاف العمليات ضد البلدتين». وقال إن الهدف من الضغط على البلدتين هو حماية المدنيين أيضًا في الزبداني ومضايا. وأضاف: «الخطوتان الأوليان تتمثلان في منع الغارات وفك الحصار، لكننا نعتبر أن إخراج المدنيين هو تهجير للسكان، ونرفضه بشدة ونعتبره خارج التداول».
وسبق أن تم التوصل إلى اتفاقي هدنة مماثلين الشهر الماضي في الزبداني والفوعة وكفريا، لم يستمر العمل بهما أكثر من أيام بسبب تعثر المفاوضات حول بنودهما. ومن أبرز العراقيل التي واجهت المفاوضات السابقة، الاتفاق على بند انسحاب جميع المقاتلين من الزبداني، وتأمين ممر آمن لجميع المدنيين الراغبين في مغادرة الفوعة وكفريا، وتأمين المساعدات الغذائية والطبية للذين يريدون البقاء.
ونفى المصدر في «أحرار الشام» أن يكون تولي مهند المصري موقع قائد الحركة قد ساهم في إقرار اتفاق متطور عن الاتفاقات السابقة، لجهة عدم حصره بمهلة زمنية، مؤكدًا أن «خطط التفاوض لطالما كانت موجودة، واختبرت في تفاوض في خناصر في ريف حلب وغيرها من المناطق»، مشيرًا إلى أن مسار القيادة «لا يتعلق بشخص، بل يأتي عن طريق مجلس الثورة وهم يفاوضون على موضوعات مصيرية».
وبدأت قوات النظام وحزب الله اللبناني منذ الرابع من يوليو (تموز) هجوما عنيفا على مدينة الزبداني، آخر مدينة في المنطقة الحدودية مع لبنان لا تزال بيد الفصائل المقاتلة، وتمكنت من دخولها ومحاصرة مقاتلي المعارضة في وسطها، بحسب ما يقول المرصد. وردا على تضييق الخناق على الزبداني، صعد مقاتلو المعارضة عمليات القصف على بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين واللتين يقيم فيهما مواطنون شيعة.
وقف إطلاق نار رابع في الزبداني والفوعة
رتبه مفاوض إيراني مع {أحرار الشام}

مقاتلون على جبهة الفوعة بريف إدلب كما بدت أمس قبل سريان الاتفاق (صفحة الثورة السورية)
وقف إطلاق نار رابع في الزبداني والفوعة

مقاتلون على جبهة الفوعة بريف إدلب كما بدت أمس قبل سريان الاتفاق (صفحة الثورة السورية)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة