الرئيس معصوم لـ {الشرق الأوسط}: سياسيون عارضوا زيارتي للسعودية.. والسيستاني دعمني

قال إن العبادي لم يشاوره في الإصلاحات وإن لديه مشروعًا للمصالحة بعد العيد

الرئيس فؤاد معصوم
الرئيس فؤاد معصوم
TT

الرئيس معصوم لـ {الشرق الأوسط}: سياسيون عارضوا زيارتي للسعودية.. والسيستاني دعمني

الرئيس فؤاد معصوم
الرئيس فؤاد معصوم

كشف الرئيس العراقي فؤاد معصوم لـ«الشرق الأوسط» أن سياسيين عراقيين كانوا قد عارضوا زيارته إلى السعودية، العام الماضي، التي أسفرت عن قيام الرياض بإعادة فتح سفارتها في بغداد، وتسمية السفير وطاقم السفارة.
وقال معصوم ردًّا على سؤال بشأن مباشرة السفير السعودي في بغداد وطاقم السفارة، إنهم ينتظرون أن تباشر السفارة السعودية عملها بعد عيد الأضحى، بعد منح التأشيرات لطاقم السفارة السعودية من قبل السلطات العراقية.
وفجر الرئيس معصوم خلال استقباله مجموعة من الكتاب والمحللين السياسيين والأمنيين في العراق معلومة ضد طبقة السياسيين العراقيين، إذ أعلن أنه حينما قرر زيارة السعودية العام الماضي للقاء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لفتح آفاق جديدة في العلاقة بين البلدين، واجهته معارضة شديدة من قبل بعض السياسيين العراقيين، الذين رفض الإشارة لهم أو تسميته، مكتفيا بأنهم يعرفون أنفسهم.
وأضاف الرئيس معصوم أنه وجد دعمًا كبيرًا من المراجع الدينية لتلك الزيارة، وقال: «توجهت إلى النجف، والتقيت المرجع الأعلى علي السيستاني وبقية المراجع هناك الذين أجمعوا على أهمية تلك الزيارة، وضرورة الانفتاح على دول الجوار وبالذات دول الخليج العربية».
وبين الرئيس معصوم أن رؤية المرجعية الدينية كانت متقدمة على رؤية الكثير من رجال الطبقة السياسية، حيث أكدوا أهمية الانفتاح على الدول العربية، وكذلك إيران وتركيا، وهو الأمر الذي عمل عليه الرئيس معصوم، وبدأ بالترتيب مع السلطات السعودية لإعادة افتتاح سفارتها في بغداد، وتسمية السفير، والإعلان عن مباشرتهم العمل في بغداد بعد عطلة العيد حيث كان الأمر تأخر بعض الشيء بسبب التغييرات التي حصلت في السعودية».
وأوضح الرئيس معصوم أن «اللقاء الذي جمعه مع الملك عبد الله، وكذلك مع الأمير مقرن ولي ولي العهد آنذاك، والراحل سعود الفيصل، كان إيجابيًا حيث كانت السعودية قد قدمت قبل زيارتنا لها مساعدات للعراق بشأن النازحين تبلغ 500 مليون دولار»، مما اعتبره موقفًا مشرفًا من الرياض لمساعدة العراق، ورغبة الرياض في مساعدة بغداد في المحنة التي تمر بها.
وأشار معصوم إلى أن انفتاح العراق على دول الخليج وإن تأخر مهم جدا لتكون في دائرة محيطها العربي، وقال: «حين قمت بزيارة دولة قطر ترتب على الأمر تسمية السفير القطري، وهو ما يعني أن علاقتنا مع أشقائنا في دول الخليج قد حققت نتائج مهمة، وهو ما يجعلنا أكثر حرصا على تنمية هذه العلاقات وإدامتها بما ينسجم مع مصلحة كل الأطراف في المنطقة»، مشيرا إلى أن ما يجمع العراق مع جيرانه صلات مشتركة، من أهمها الحرب على الإرهاب وتنظيم داعش الذي بات يشكل خطرا على الجميع.
وحول الأوضاع الحالية في العراق قال الرئيس معصوم: «المظاهرات الحالية في البلاد كانت ضرورية لإيقاظ السياسيين من سباتهم الطويل، نظرًا للأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد، يضاف إلى ذلك تأييد المرجعية الدينية لهذه المظاهرات، الأمر الذي منحها زخمًا كبيرًا.
وأشار معصوم إلى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي «لم يتشاور معنا فيما أقدم عليه من حزم إصلاحات، لكنها كانت ضرورية بهدف تحقيق مراجعة شاملة لكل شيء لا سيما أننا نمر في أوضاع بات من الصعب التعامل معها، دون إحداث مراجعة جادة لكل شيء، وفي مقدمة ما نعانيه من مخاطر هو الخطر الذي تمثله (داعش) في احتلالها لمساحات واسعة من العراق».
وأعرب معصوم عن قناعته بأن «هذا الخطر لا يزول دون حصول مصالحة حقيقية بين الأوساط السياسية والشعبية في العراق، كون (داعش) أدى إلى حصول انقسام مجتمعي خطير بحيث وصلت الانقسامات إلى كل الأماكن».
وأعلن معصوم عن وجود مشروع متكامل للمصالحة بين الأطراف العراقية تم الانتهاء منه، ومن المتوقع أن يتم طرحه بعد العيد ليكون هنالك مفهوم للمصالحة مع كل الفئات الداخلية، ويتضمن رؤية شاملة، خصوصا بعد أن تم حصر موضوع المصالحة بيد الرئاسات الثلاث بعد أن كان مشتتا بين عدة جهات.
وأكد الرئيس معصوم أن النقاش حول المصلحة الوطنية طوال السنوات العشر الماضية كان مجرد كلام لا طائل منه، وكان أشبه بالجدل البيزنطي، وأشار إلى أن الدعوات بإلغاء الدستور وما يرافقها من شعارات في المظاهرات كل يوم جمعة غير منصفة وقال: «الدستور العراقي الحالي رغم كل ما يقال بشأنه من ملاحظات هو الوثيقة الوحيدة الجامعة بين العراقيين، وفي حال تم إلغاء الدستور فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن أي عراق يمكن أن نتحدث»، نافيا ما يقال إن الدستور الحالي «كتبه الأميركان».
وفي حادثة أخرى فيما يخص الدستور، ذكر الرئيس معصوم أنه حينما أرادوا كتابة الدستور، وجدوا معارضة من السيستاني للإسراع في كتابته قبل إجراء انتخابات، وقال معصوم: «ذهبنا نحن الجهة المكلفة بكتابة الدستور إلى السيستاني لمعرفة رؤيته بهذا الشأن فقال لنا: (ولماذا أنتم مستعجلون في كتابة الدستور في وقت لم تحلوا مشكلاتكم بينكم)، قائلا إن العراق صار له 35 سنة بلا دستور ثابت فبإمكانكم الانتظار أربع أو خمس سنوات لكتابة دستور جديد، شريطة أن يكون من قبل جهة عراقية منتخبة».
ولم يكشف الرئيس معصوم الأسباب التي لم تجعل الكتل السياسية تقبل بنصيحة السيستاني، مكتفيا بالقول: «جرى انتخاب الجمعية الوطنية المؤقتة التي كان أمدها سنة، ومهمتها كتابة الدستور، وهو ما حصل بالفعل»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «التمثيل السني في لجنة كتابة الدستور لم يكن مناسبا لحجم العرب السنة في العراق». وبشأن ما إذا كان يؤيد تشكيل حكومة طوارئ قال معصوم إن «تشكيل حكومة طوارئ في الوقت الحالي لن يؤدي الغرض المطلوب، بل ما يجب عمله هو تأييد الحكومة الحالية التي يرأسها العبادي لتحقيق الإصلاحات الشاملة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.