تراجع مستوى دخل المواطن الروسي إلى مستويات الأزمة المالية في 2008

موسكو تخطط لسد عجز الموازنة بحلول 2018 عبر الاقتراض من السوق

تراجع مستوى دخل المواطن الروسي إلى مستويات الأزمة المالية في 2008
TT

تراجع مستوى دخل المواطن الروسي إلى مستويات الأزمة المالية في 2008

تراجع مستوى دخل المواطن الروسي إلى مستويات الأزمة المالية في 2008

قال نائب وزير المالية الروسي ماكسيم أورشكين، أمس، إن الوزارة تريد سد عجز الموازنة بالكامل بحلول 2018 من خلال الاقتراض من السوق والحد من استخدام صندوق الاحتياطي التابع لها في السنوات الثلاث المقبلة.
وأضاف أورشكين أن روسيا تعتزم تنفيذ برنامجها الخاص بالاقتراض لهذا العام بالكامل ومن المرجح أن تصدر سندات حكومية جديدة مرتبطة بالتضخم هذا العام.
ويمر الاقتصاد الروسي بأزمة حادة منذ ربيع العام الماضي 2014، تركت أثرها المباشر على شتى قطاعات الاقتصاد الوطني، من صناعة وتجارة وأعمال، كما وضربت بشكل مباشر بجيب المواطن البسيط. هذا ما تؤكده دراسة أجرتها شركة إرنست ويونغ (E&Y) العالمية للاستشارات المالية التي كشفت عن انخفاض على مستوى الدخل الحقيقي للمواطن الروسي في الآونة الأخيرة إلى مستويات قياسية أدنى مما كانت عليه خلال الأزمة المالية العالمية سنوات 2008 - 2009. ويشير الخبراء من إرنست ويونغ إلى أن غالبية الشركات الروسية رفعت قيمة المعاشات الشهرية لموظفيها، لكن هذه الزيادة جاءت في مستوياتها الدنيا، ما يبقي الدخل الحقيقي للمواطن في حالة عجز أمام التضخم الاقتصادي في البلاد. فضلاً عن ذلك أظهرت قاعدة بيانات شركات التوظيف تقلصًا ملموسًا على قيمة الدخل الحقيقية التي يعرضها أرباب العمل مقابل وظائف جديدة يطرحونها في السوق.
وتشير الدراسة إلى أن 81 في المائة من الشركات التي جرى استطلاع نشاطها المهني في هذه المرحلة قد قامت بزيادة القيمة الحقيقية لدخل موظفيها بنسبة 8.3 في المائة، بينما بلغ التضخم نسبة 16.3 في المائة، ما يعني أن الدخل الحقيقي للعامل والموظف الروسي انخفض واقعيًا بقدر 8.2 في المائة، وهذا مؤشر قياسي لمستوى الدخل، تجاوز هبوطًا مستوى الدخل في أوج الأزمة المالية عام 2008.
يُذكر أن الاقتصاد الروسي يعاني منذ النصف الثاني من العام الماضي 2014 أزمة حادة جاءت نتيجة أسباب عدة، في مقدمتها العقوبات الأميركية والأوروبية ضد روسيا على خلفية إعلانها ضم شبه جزيرة القرم إلى قوام الاتحاد الروسي، وتحميل روسيا مسؤولية النزاع المسلح في جنوب شرقي أوكرانيا، فضلاً عن هبوط أسعار النفط في السوق العالمية، ذلك أن الاقتصاد الروسي يقوم بشكل أساسي على «دولار النفط»، ومع هبوط سعر خام برنت سجل الروبل هبوطًا حادًا بلغ ذروته يوم 16 2014، أو اليوم الذي أصبح يعرف باسم «الثلاثاء الأسود» حين أغلقت سوق العملات على سعر بلغ في بعض المدن 80 روبلاً للدولار، مقابل 33 روبلاً تقريبًا للدولار مطلع العام ذاته. ويعتبر عام 2014 الأسوأ في تاريخ الروبل الروسي، حيث خسر 46 في المائة من قيمته أمام الدولار، بينما لم تتجاوز هذه الخسارة عام 2008 أكثر من 17 في المائة.
وكان من المنطقي أن ترتفع أسعار المواد بشكل عام والخدمات في السوق الروسية، إلا أن العقوبات «الجوابية» الروسية على العقوبات الغربية، والتي شملت حظرًا روسيًا على استيراد المواد الغذائية واللحوم والحليب ومشتقاته والفاكهة والخضار من الدول الأوروبية، وتحول روسيا نحو الاعتماد على الإنتاج المحلي والتعويض بالاستيراد من أسواق الدول المجاورة، معطيات خففت من حجم التأثير السلبي الذي كان متوقعًا على سوق المواد الغذائية، وغيرها من مواد في روسيا. الأمر الذي ساهم في تخفيف وقع أثر الأزمة على المواطنين.
بعيدًا عن لغة الأرقام، وبالانتقال إلى لغة المواطن البسيط فإن القدرة الشرائية لدى المواطن الروسي قد شهدت تراجعًا ملحوظًا على خلفية ارتفاع أسعار المواد بشكل عام بنسبة تزيد مرتين عن قيمة الزيادة على دخله الشهري، في هذا السياق كشفت الهيئة الفيدرالية الروسية للإحصائيات عن نتائج دراستها لحركة السوق وبينت أن غالبية المواد الغذائية لم تعد متاحة للمواطن الروسي كالسابق، وعلى سبيل المثال إذا كان بوسع العامل الروسي أن يشتري بالقيمة الحقيقية لدخله الشهري 951 كغ من اليخنة، فلن يتمكن حاليًا من شراء سوى 560 كغ من اليخنة بقيمة دخله الحالي. وهذه معيار يشمل مختلف المواد الغذائية باستثناء الخبز والمعكرونة ولحم الضأن.
لملامسة هذا الواقع تحدثت «الشرق الأوسط» مع عدد من المواطنين الروس يعملون في مجالات مختلفة. سائق التاكسي «غريغوري» أقر بأن دخله الحالي لم يعد كافيًا لشراء ذات القدر من الأغذية التي كان يشتريها منذ عام أو عام ونصف، مشيرًا إلى أن أصعب مرحلة كانت بالنسبة له في مطلع العام، أي بدايات الأزمة، حين هبط سعر صرف العملة الوطنية (الروبل) خلال شهر من 35 روبلاً للدولار حتى 80 روبلاً مقابل الدولار. «لكن بعد ذلك – حسب قول غريغوري - أخذنا نتأقلم، ولم يحدث ارتفاع مفاجئ على الأسعار، بل جاء تدريجي وهو مستمر حتى اليوم، وبصورة رئيسية على المواد المستوردة. على سبيل المثال السجائر التي أدخنها كنت أشتريها بـ55 روبلاً، وارتفع ثمنها تدريجيًا ليصل اليوم حتى 85». ويوضح سائق التاكسي الذي يسمع يوميًا من الناس الذين يقلهم حكايات كثيرة، أن «الارتفاع الحالي على الأسعار ليس بالكارثي، لكن هناك صعوبات لأن الدخل لم يرتفع بالقدر المطلوب، لكننا اجتزنا مراحل كهذه وسنجتاز هذه المرحلة أيضًا».
الشابة «أوكسانا» العاملة في واحدة من شركات الاتصالات أكدت أن أسرتها تأثرت طبعا بالأزمة، وقالت: «لكن الحياة مستمرة بوتيرة طبيعية، ونحاول التأقلم مع الوضع الحالي». إلا أن ما يزعج هذه الشابة الجميلة ارتفاع قالت إنه يقدر وسطيا بنسبة 20 في المائة على أسعار المواد التجميلية والعطور»، لكنها لم تتوقف رغم ذلك عن شراء المواد التجميلية، وإنما بكميات أقل. وأكدت هي أيضًا أنها تذكر كيف كان الوضع خلال الأزمة المالية عام 2008، وأن عائلتها تمكنت من الاستمرار حينها دون أن يترك ذلك الوضع أثرًا ملموسًا على نمط حياتهم، على الرغم من الصعوبات حينها والتي يواجهونها حاليًا. وختمت «أوكسانا» حديثها بثقة قائلة: «سنتصرف كما يجب وسنجد مخرجًا من الوضع على الرغم من صعوبته».
النتائج السلبية للأزمة الاقتصادية لم تقتصر على ضرب القدرة الشرائية والدخل الحقيقي للمواطن الروسي، بل وشملت بالطبع الشركات الكبرى والمؤسسات التجارية الرسمية، والأمثلة من الواقع حول هذا الوضع كثيرة جدًا، منها على سبيل المثال لا الحصر تراجع حجم التبادل التجاري بين روسيا وفنلندا بنسبة 30 في المائة خلال الربع الأول من عام 2015، وفق ما نقلت صحيفة «فيدوموستي» الروسية عن الملحق التجاري الروسي في هلسنكي، الذي أشار إلى أن سبب هذا التراجع لا يعود إلى العقوبات ضد روسيا والحظر الروسي على المنتجات الأوروبية بصورة رئيسية، إذ تأثر ميزان التبادل التجاري بين البلدين كذلك بالوضع الاقتصادي الحالي، وبعدم استقرار سعر صرف الروبل الروسي، وتراجع القدرة الشرائية لدى الشركات الروسية والعامة من الناس على حد سواء. إلا أن الملحق التجاري الروسي متفائل أيضًا، حاله حال كثيرين في روسيا، ويؤكد أن هذا الوضع سيتغير نحو الارتفاع بمجمل حصيلة التبادل التجاري بين البلدين لعام 2015. في غضون ذلك تتعامل الحكومة بموضوعية مع الأزمة الحالية، وتقر بمدى صعوبتها، وتجتهد بوضع برامج تهدف إلى التقليل من النتائج الكارثية التي قد تخلفها هذه الأزمة على الاقتصاد الروسي واستقراره ونموه على المدى البعيد.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».