لبنان: جلسة الحوار الثانية تبحث المقاربات السياسية والدستورية لانتخاب رئيس.. في غياب عون

الحراك المدني يعلن الاعتصام المفتوح بعد مواجهات مع القوى الأمنية واعتقال العشرات

لبنان: جلسة الحوار الثانية تبحث المقاربات السياسية والدستورية لانتخاب رئيس.. في غياب عون
TT

لبنان: جلسة الحوار الثانية تبحث المقاربات السياسية والدستورية لانتخاب رئيس.. في غياب عون

لبنان: جلسة الحوار الثانية تبحث المقاربات السياسية والدستورية لانتخاب رئيس.. في غياب عون

لم تختلف جلسة الحوار الثانية التي عقدت يوم أمس عن سابقتها، باستثناء غياب رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، الذي حضر نيابة عنه رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل. وتركّز البحث على البند الأول في جدول الأعمال، أي انتخابات رئاسة الجمهورية.. «وكان هناك شبه إجماع على عدم إمكانية تعديل الدستور لانتخاب رئيس من الشعب»، وفق ما لفت النائب في «المستقبل» عاطف مجدلاني. وأعلن فريد مكاري، نائب رئيس مجلس النواب نبيه بري، قائلا: «الرسالة واضحة في أن التعديل الدستوري لانتخاب رئيس من الشعب غير وارد الآن».
وعلى عكس «الأجواء الهادئة» داخل مجلس النواب، كان الوضع في الخارج، حيث نفذت مجموعات الحراك المدني اعتصاما اعتراضا على تعامل المسؤولين مع المطالب الشعبية، متوترا، وسُجّلت مواجهات عنيفة بين القوى الأمنية والمتظاهرين، كما نفذت اعتقالات في صفوف عشرات الناشطين أطلق سراح عدد منهم مساء.
وقد شهدت «ساحة الشهداء» اشتباكات بين عدد من المتظاهرين وشباب أشارت المعلومات إلى أنّهم من مؤيدي «حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، قدموا إلى المنطقة رافضين إدراج اسم الأخير ضمن لائحة «المسؤولين الفاسدين». وفي وقت لاحق، أكّدت الحركة أنها لا علاقة لها بما جرى أمام وزارة البيئة، داعية لعدم «الانجرار للفتنة». وأعلن الصليب الأحمر عن تسجيل 20 إصابة بين المتظاهرين، نقل منهم 7 أشخاص إلى المستشفى.
وكانت مجموعات الحراك المدني قد دعت إلى التجمع صباح أمس في وسط بيروت «لإغلاق كل المداخل المؤدية إلى طاولة الحوار ومنع المتحاورين من الوصول إلى البرلمان، قبل أن تعود بعد الظهر وتدعو إلى الاعتصام المفتوح في ساحة رياض الصلح للمطالبة بإطلاق الموقوفين وكف الملاحقة القانونية عنهم»، وفق ما أعلنت في بيان لها، ونددت بما قالت إنه «اعتداء القوى الأمنية على المعتصمين بأوامر من السلطة السياسية، التي لم تعد تحتمل المطالب التي يرفعها الحراك المدني».
وعقدت جلسة الحوار الثانية برئاسة بري وحضور رؤساء الكتل النيابية باستثناء حزب القوات اللبنانية، الذي أعلن رئيسه سمير جعجع مقاطعته الحوار، مشترطا أن يكون موضوع الرئاسة بندا أولا ووحيدا، واستمرت نحو 4 ساعات، قبل أن يرفعها بري محددا يوم الثلاثاء 22 من الشهر الحالي موعدا جديدا لها.
وبينما أشارت معلومات صحافية إلى أن النائب عون أبلغ بري بأن مشاركة التيار الوطني الحر على طاولة الحوار يوم أمس قد تكون الأخيرة إذا ما لم يؤخذ بمبدأ العودة للشعب، في إشارة إلى دعوته لانتخاب رئيس من الشعب، وصف النائب في كتلة المستقبل، عاطف مجدلاني، الذي كان حاضرا إلى جانب رئيس الكتلة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الجلسة بـ«الهادئة والإيجابية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سجّلت مداخلات جدية حول مواصفات الرئيس والمعايير المطلوبة، وكان هناك شبه إجماع على أنه لا يمكن تعديل الدستور في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان، والأمر نفسه في ما يتعلّق بعدم إمكانية انتخاب رئيس من فريقي 8 و14 آذار».
وفي هذا الإطار، أشار مصدر مطّلع على الحوار إلى أن «الوضع في لبنان يبدو أنه متجه نحو التصعيد ومرتبط بما يحصل في الدول المجاورة». وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «انتخابات الرئاسة في لبنان لن تجد طريقها نحو الحل قبل انطلاق الحل السياسي في سوريا». وذكّر بما سبق أن أعلنه أمين عام حزب الله حسن نصر الله لجهة أن عون ممر رئيسي لرئاسة الجمهورية، معتبرا أنّ هذا الأمر «كان كفيلا بقطع الطريق أمام قائد الجيش جان قهوجي من جهة، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية من جهة أخرى»، نظرا لرفض عون القاطع للأوّل وعدم قبوله بوصول الثاني، أي حليفه، إلى سدّة الرئاسة لاعتقاده أنّ الأولوية له في هذه المرحلة.
وقال المصدر: «بات من الواضح للجميع أنّ انتخاب رئيس من أحد الفريقين في هذه المرحلة مستحيل، وبالتالي الخيار سيقع في النهاية، على شخصية من خارج الاصطفافات السياسية»، وهو الأمر الذي أشارت إليه مصادر مسيحية في «14 آذار»، مرجحة أن تؤدي التسوية في لبنان إلى انتخاب رئيس من خارج الفريقين لمواكبة المرحلة لانتقالية في سوريا. وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «مقابل إصرار حزب الله على الاستمرار بالحوار مع (المستقبل) والبقاء في الحكومة والمشاركة في الحوار الوطني، يبدو أنّ عون لمس أن هناك توجها نحو تسوية ما لن تصب في مصلحته فيحاول الضغط في ربع الساعة الأخير عبر المطالبة بإجراء انتخابات نيابية قبل رئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي لن يقبل به حلفاؤه قبل خصومه».
وبعد انتهاء الجلسة، قال أمين عام مجلس النواب عدنان ضاهر، في بيان: «تابع المجتمعون مناقشة جدول الأعمال انطلاقا مما طرح في الجلسة الماضية، وحصلت مقاربات سياسية ودستورية لكيفية حصول اختراق في بند انتخاب رئيس للجمهورية وغيره من المواضيع، ومحاولة البناء على القواسم المشتركة في المداخلات لتوسيعها في الجلسات المقبلة»، مشيرا إلى أنّ المجتمعين أكّدوا على دعم الحكومة لتنفيذ القرارات المتخذة لمعالجة الملفات الحياتية الأساسية.
وكانت الجلسة قد استهلت بكلمة لبري، أكد فيها «أهمية الحوار الوطني خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان»، وقال: «لا سبيل للخلاص إلا بالحوار».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.