أثارت صور وفيديو نشرتها وسائل إعلام لبنانية تعود إلى أحد كبار تجار المخدرات في لبنان نوح زعيتر الذي يظهر في مواقع عسكرية تابعة لحزب الله، تساؤلات حول الغطاء الذي يؤمنه الأخير لبعض المطلوبين للعدالة في مناطق خاضعة لسيطرته، ولا سيّما في ظل الحديث عن تراجع الحماسة في أوساط الشباب للقتال إلى جانبه.
ويقول الباحث السياسي المعارض لحزب الله علي الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «ليس غريبا أن نرى نوح زعيتر في مواقع تابعة لحزب الله في وقت هناك الكثير من المطلوبين للعدالة بتهم مختلفة يقاتلون في صفوفه»، مضيفًا: «في المرحلة الأخيرة بات الحزب يرحّب بكل من يبدي استعداده للقتال معه بعيدا عن أي قواعد أو معايير خاصة بعدما بات يواجه مشكلة في استقطاب الشباب للقتال في سوريا، وأصبح يعتمد على مبدأ شدّ العصب المذهبي وتقديم الإغراءات المادية للشباب الذي يتحدرون من مناطق تعاني أساسا من أزمات اجتماعية».
ويرى الأمين أن حزب الله يؤمّن غطاء غير مباشر لزعيتر وغيره من العشائر التي لها ثقل في مناطق خاضعة لنفوذه في بعض المناطق ولا سيما في البقاع، موضحا أن هناك حالة من الفوضى الناتجة عن أسباب عدّة، أبرزها غياب الدولة الذي أنتج موجة من العصابات والمافيات ومظاهر الخروج عن القانون يستفيد منها حزب الله من جهة ويتجنّب الاصطدام بها من جهة أخرى، بما يشبه التواطؤ المتبادل بين الطرفين، لا سيما بعدما أدخل الحزب نفسه في مأزق جعله يضطر للتعامل مع هذا الواقع، معتبرا أنّه ليس من مصلحة الحزب وجود قوى أمنية في هذه المناطق كما أنه لا يسمح هو بوجودها.
ويشير أيضا إلى أن الحزب بات كذلك غير قادر على ضبط عمليات التهريب، بل أصبحت تظهر بشكل واضح في الفترة الأخيرة في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، ويقودها في أحيان كثيرة مقاتلين في صفوفه يتمتعون بحرية الحركة تحت الغطاء العسكري.
وبينما نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله أن تكون صور زعيتر قد التُقِطت في مواقع تابعة للحزب أو مع مجاهديه، مؤكدة أنه لا علاقة له بها، كان لافتا ردّ زعيتر المباشر على الحزب بالأدلّة بنشره صور إضافية مع قيادات ميدانية من الحزب وإحداها مع مسؤول قطاع بعلبك في حزب الله حسين نصر الله، وقال: «كل العالم تذهب إلى حيث المقاتلين وينشرون صورهم ولا يتكلمون ولماذا الآن ينفون وجودي هناك؟ أنا وعائلتي وأولادي فداء للمقاومة ورهن إشارة سيد المقاومة ونحن مقاومة وأشرف من الجميع وفشر أن ينعتني أحد بتاجر مخدرات». مضيفا: «أنا واثق أن بيان النفي ليس صادرا عن حزب الله وغدا ستتأكدون من ذلك».
وكانت قناة «الجديد» قد بثت شريط فيديو ظهر فيه زعيتر يتوسط مجموعة من المسلحين حيث قال «نحن يا شباب وعدنا السيد حسن نصر الله أننا سنقاتل الدواعش أينما كانوا، وها نحن على الدرب سائرون. بإذن الله خلال ساعات الزبداني تكون ممسوحة»، وختم بجملة: «لبيك يا نصر الله». مع ملاحظة أنّ مواقع الصور الفوتوغرافية تتشابه إلى حد كبير مع تلك التي وزّعت وتناقلتها وكالات أنباء عالمية خلال زيارة قام بها صحافيون وإعلاميون قبل أشهر قليلة لمواقع تابعة لحزب الله في القلمون الغربي، حيث ظهرت كذلك آليات عسكرية ثقيلة.
ومن المعروف أنّ زعيتر (45 عاما) الذي يتحدّر من إحدى عشائر البقاع، مطلوب بعشرات مذكرات التوقيف المتعلقة بالاتجار بالسلاح والمخدرات وتأسيس مجموعات مسلحة. وهو الأمر الذي لا ينفيه وسبق له أن أعلن صراحة بأنه يزرع القنب الهندي الذي تستخرج منه حشيشة الكيف ويتاجر به، مؤكدا في الوقت عينه أنّ هذا الأمر لم يكن خيارا، بل فرضته الظروف في بلدته الصغيرة الواقعة في شرق لبنان.
وزعيتر الذي سبق له أن ظهر في الإعلام في مقابلات إعلامية عدّة، كان قد أصيب قبل سنة تقريبا خلال مداهمة للجيش في منطقة تل الأبيض في بعلبك ونقل إلى المستشفى وسط إجراءات أمنية مشددة، قبل أن يتمكّن من الفرار. وقبل ظهوره في الفيديو والصور الأخيرة، كان قد ظهر إلى جانب عدد من رجاله المسلحين في شهر مايو (أيار) الماضي، بعد ساعات على خطاب لأمين عام حزب الله حسن نصر الله الذي أعلن خلاله «أن عشائر القرى البقاعية لن يقبلوا ببقاء إرهابي تكفيري واحد في أي من جرود عرسال والبقاع».
وفي العام 2008، كانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أجرت تحقيقًا عن زعيتر، في قريته الكنيسة. ونقلت الوكالة عن زعيتر قوله إنه «يتاجر بحشيشة الكيف»، مشددًا كذلك على استقلاليته وعدم انتمائه أو حمايته من أي طرف.
وأشارت الوكالة في حينها، إلى أن أرباح زعيتر كانت تبلغ آنذاك، أي قبل خمس سنوات، نحو المليون ونصف مليون دولار سنويًا.
حزب الله ينفي ظهور أبرز تجار المخدرات في مواقعه بسوريا.. والمتهم يرد بمزيد من الصور
وجود زعيتر إلى جانب قيادات ميدانية في القلمون والزبداني يفضح تغطية المطلوبين للعدالة
حزب الله ينفي ظهور أبرز تجار المخدرات في مواقعه بسوريا.. والمتهم يرد بمزيد من الصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة