«داعش» يعتمد على الإنترنت الفضائي وشبكات تهريب حدودية لنشر فكره وتجنيد العناصر

نشاط لمجموعات القرصنة للإطاحة بحسابات قادته والتصدي لهجمات مرتقبة

«داعش» يعتمد على الإنترنت الفضائي وشبكات تهريب حدودية لنشر فكره وتجنيد العناصر
TT

«داعش» يعتمد على الإنترنت الفضائي وشبكات تهريب حدودية لنشر فكره وتجنيد العناصر

«داعش» يعتمد على الإنترنت الفضائي وشبكات تهريب حدودية لنشر فكره وتجنيد العناصر

لا يزال تنظيم داعش، على الرغم من الحملة الدولية الكبرى عليه، يستفيد من خدمة الإنترنت لنشر فكره وأخباره وتجنيد عناصر له في مختلف دول العالم، من دون تكبد الدول الكبرى المعنية أي عناء يُذكر لمحاصرته في هذا المجال الذي قد يحجّم دوره كثيرا في مجالات أخرى. ويعتمد التنظيم المتطرف منذ 3 سنوات في مدينة الرقة، بشمال وسط سوريا، التي تُعتبر معقله الرئيسي، على الإنترنت الفضائي تماما كما كل أهالي المدينة الذين فرض عليهم «داعش» خلال الفترة الماضية استخدام الإنترنت فقط في المقاهي العامة بعدما منع «نواشر» شبكة الإنترنت الفضائي في المدينة «واي فاي»، التي تمكن المستخدمين من ولوج الشبكة من منازلهم.
مؤسس حركة «الرقة تُذبح بصمت»، أبو إبراهيم الرقاوي، أفاد بأن أهالي المدينة يعتمدون على الإنترنت الفضائي فقط بعد قصف كل الكابلات التي كانت تؤمن الخطوط الثابتة قبل نحو 3 سنوات، لافتًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عناصر وقادة التنظيم يستخدمون وبشكل أساسي أجهزة «هيوز» Hughes للنت الفضائي كما يستخدمون برامج التشفير وخصوصا برنامج «تور» Tor. ويذكر أن «داعش» أعلن الرقة عاصمة لدولته في سبتمبر (أيلول) 2013، ولقد منع على عناصره في كل مناطق سيطرته استخدام منتجات شركة أبل الأميركية الشهيرة بصناعة أجهزة الكومبيوتر والبرمجيات والهواتف الذكية (آيفون) كما استعمال خدمة تحديد المواقع (جي بي إس)، «نظرا لخطورتها».
وأشار «داعش» يومذاك إلى أن قرار منع استخدام «الجي بي إس» جاء «بناءً على مقتضيات المصلحة العامة وحفاظًا على أرواح مقاتليه وممتلكاتهم، في ظل (الحملة الصليبية الشرسة على دولة الخلافة) وسدًا لأبواب الاختراق التي يستعملها العدو للوصول إلى أهدافه وضربها بدقة عن طريق طائراته الحربية والمسيّرة».
ورجّح الخبير اللبناني في مجال الاتصالات طوني حايك أن يكون التنظيم يعتمد بشكل أساسي على الإنترنت الفضائي باعتبار أن النوعين الآخرين المتوافرين وهما الخط الثابت والجوال يخضعان لرقابة السلطات المحلية بعكس الستالايت الذي يصعب ضبطه محليا. وأوضح حايك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» يعتمد على أحد الستالايت المنتشرة فوق سوريا والعراق وهي روسية، وأميركية، وتركية، وعربية وإسرائيلية، مشددًا على أن «الدولة التي تسمح لـ(داعش) باستخدام منصتها قادرة على أن توقف عنه الخدمة كليا لو هي أرادت ذلك».
وتُعتبر خدمة الإنترنت الفضائي باهظة الثمن، إن كان لجهة سعر الجهاز المستخدم والذي يتخطى ثمنه الـ3 آلاف دولار أو سعر تكلفة الاستخدام. ويلجأ عناصر التنظيم الذين يتمركزون في مناطق قريبة من الحدود مع لبنان وتركيا والأردن وإسرائيل، بحسب حايك، إلى شبكات حدودية تؤمن لهم خدمة الإنترنت عبر الجوال، فيتم تسجيل الخط باسم مواطن إحدى هذه الدول على أن يستخدمه أحد عناصر «داعش» المتمركز على مسافة لا تتخطى الـ3 كلم من الحدود.
من جهة ثانية، أكد العميد المتقاعد في الجيش اللبناني محمد عطوي، وهو خبير في شؤون الاتصالات المدنية والعسكرية، «امتلاك التنظيم المتطرف لأجهزة اتصال متطورة جدا ذات تقنيات عالية يؤمنها من دول أوروبية وعربية وتعتمد بمعظمها على الأقمار الاصطناعية»، لافتا إلى أنّه لو أرادت دول العالم وقف الاتصالات وخدمة الإنترنت عن «داعش» لكانت قامت بذلك منذ وقت طويل. واتهم عطوي لـ«الشرق الأوسط» تركيا بأنها «تلعب دورًا أساسيًا بتأمين الاتصالات والخطوط الثابتة للتنظيم خاصة وأن لكل مستخدم ISP خاص به يمكن تتبعه بسهولة».
ولا يكف «داعش» عن التمدد على شبكات التواصل الاجتماعي وبالتحديد على موقع «تويتر» الذي تحوّل منصة أساسية لتجنيد الشبان في مختلف دول العالم. ولم يُظهر القيمون على هذا الموقع التجاوب المطلوب للحد من نشاط عناصر التنظيم، بحجة حرصهم على حرية الرأي والتعبير طالما أن ما يتم نشره لا يتعارض مع المبادئ والقوانين التي قام عليها «تويتر»، بحسب حايك.
ويتجاوب مؤسسو «تويتر» فقط مع الأحكام القضائية التي تصدر بحق عدد من عناصر «داعش» ويقبلون حينها بإغلاق حساباتهم.
وقد بادرت أكثر من مجموعة متخصصة بأعمال القرصنة إلى إغلاق حسابات لعناصر في التنظيم من خلال هجمات إلكترونية متتابعة.
وقالت مجموعة القراصنة «غوست سيكيوريتي» Ghost Security، التي تم تشكيلها في وقت سابق من العام الحالي إنها أحبطت هجومين إرهابيين كبيرين في شهر أغسطس (آب) الماضي، لافتة إلى أنّها أعاقت كذلك حملة لـ«داعش» للتجنيد عبر الإنترنت. وأشارت المجموعة إلى أنها تبحث عن مزيد من المتطوعين لدعم جهودها في مجال مكافحة الإرهاب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.