خسر النظام السوري المدخل الشرقي الشمالي للعاصمة دمشق التي باتت مهددة بالعزل الكامل عن باقي مناطق البلاد حمص وحلب وحماه والساحل، وذلك بعد معارك شرسة بدأها «جيش الإسلام» المقاتل في الغوطة الشرقية الجمعة الماضي بهدف السيطرة على سجن دمشق المركزي الواقع في منطقة عدرا شمال شرقي دمشق.
وصعدت قوات النظام هجومها الجوي على عدة مناطق في الغوطة الشرقية، لا سيما الطريق الدولي دمشق - حمص بمنطقة حرستا ومدينة دوما، وذلك بعد تطورات سريعة شهدتها المعارك هناك خلال الأيام الأخيرة بين «جيش الإسلام» المعارض بزعامة زهران علوش وقوات النظام والميليشيات التابعة له، في عملية أطلق عليها «جيش الإسلام» اسم «الله غالب».
وفي حين نشرت صفحات موالية للنظام أمس قوائم بأسماء أكثر من 111 من قوات النظام وجيش الدفاع الوطني قتلوا في المعارك، أعلن «جيش الإسلام» في بيان مصور نتائج معارك عملية «الله غالب». وقال البيان الصادر عن هيئة أركان «جيش الإسلام»، وتلاه إسلام علوش المتحدث باسم «جيش الإسلام» وبث عبر الموقع الرسمي في الإنترنت: «بعد تحرير تل كردي والمواقع المحيطة بسجن النساء في عدرا شرق العاصمة، انطلق آلاف من مقاتلي (جيش الإسلام) إلى المنطقة العسكرية الجبلية التي تحاصر غوطة دمشق من جهة القلمون الغربي (شمال دمشق)، وسيطروا عليها بالكامل بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى سقوط القطعات والثكنات العسكرية في المنطقة والحواجز والتجمعات والدشم».
وأضاف موضحا أن «من بين النقاط التي تم السيطرة عليها، قيادة الأركان الاحتياطية والأنفاق التابعة لها - كتيبة المدفعية - نقطة كازية الأمان بالله حاجز شركة جاك - نقاط تلة نمر كاملة - حاجز شركة الخرساني - تجمع شركة (بيجو) و(ليفان) حاجز شركة قاسيون - قطاع حبق - مباني مؤسسة العمران - مستودعات الإسمنت العسكرية - مكسرة رياض شاليش - مجابل ذو الهمة - وحدة المياه حاجز شركة جيمس - نقاط كازية رحمة - شركة الكهرباء - الإدارة العامة للبناء - تجمع أبنية الخبراء الروس - فرع الأمن العسكري كاملا - كتلة الأشغال العسكرية - حاجز شركة شيري - حاجز السكر - برج العظم، بالإضافة لبعض المراصد الهامة». مشيرا إلى الاستيلاء على عدد من المجنزرات والآليات الثقيلة وأسر عدد من ضباط النظام، وقتل عدد كبير منهم، وتدمير كل المجنزرات والمدافع التي كان يستخدمها النظام لقصف الغوطة في الثلاث سنوات الماضية»، كما قال إنه «تم إحكام السيطرة على (الطريق السريع) دمشق - حمص بشكل كامل مع السماح للمدنيين بالعبور».
وعلى جانب آخر تحدثت مصادر إعلامية عن وقوع أعداد كبيرة من القتلى والإصابات في صفوف قوات النظام وجيش التحرير الفلسطيني، في معارك دارت في منطقة قيادة الأركان الاحتياطية بحرستا مع مقاتلي «جيش الإسلام» منذ يوم الجمعة الماضي. وقالت المصادر إن «الاشتباكات تركزت في منطقة قيادة الأركان الاحتياطية في ضاحية الأسد بالغوطة الشرقية».
وكان «جيش الإسلام» قد حاول السيطرة على سجن النساء القريب من سجن دمشق المركزي مساء أمس في مدينة عدرا إثر اشتباكات عنيفة. وذكرت «شبكة سوريا مباشر» أن قوات النظام أضرمت النيران في بعض أجزاء سجن عدرا المركزي بهدف إيقاف تقدم «جيش الإسلام».
وبعد سيطرة «جيش الإسلام» على منطقة تل كردي، بحواجزها العشرة التابعة لقوات النظام، استهدف ضاحية الأسد بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، ساعدهم في ذلك أن التل يطل على الضاحية.
إلا أن الاشتباكات اشتدت عند مدخل ضاحية الأسد وامتدت إلى أطراف الجزيرة الرابعة في الضاحية، بالتزامن مع شن الطيران الحربي غارات جوية على أطراف دوما وحرستا.
وبسيطرة «جيش الإسلام» على نحو ثلاثة كيلومترات من الطريق الدولي دمشق - حمص في منطقة حرستا شرق العاصمة، تكون المعارضة قد استولت على المدخل الرئيسي الشرقي الشمالي للعاصمة، وتكاد تعزلها عن أهم طرق الإمداد نحو المناطق الوسطى والساحلية والشمالية.
وأكدت مصادر متطابقة أن النظام سحب عددا من آلياته العسكرية من محيط الزبداني لمؤازرة قواته على جبهات الغوطة الشرقية، كما تم جلب تعزيزات من الغوطة الغربية على طريق درعا - الكسوة.
وأكدت صفحات موالية عبر موقع «فيسبوك»، وجود حركة نزوح كبيرة من قبل قاطني الضاحية، تزامنا مع انقطاع التيار الكهربائي عنها وعن منطقة عدرا بالكامل.
وتوقع متابعون لسير المعارك في دمشق أن يحشد النظام كل إمكاناته مع اللجوء للقصف الجوي المفرط بعد انسحاب قواته البرية من هذه المناطق، وخسارته مقر قيادة الأركان الاحتياطية في جبال الضاحية التي يوجد في داخلها مستودع كبير للأسلحة، فهو مبنى تحت الأرض بعدة طوابق ومحصن ضد جميع أنواع الأسلحة، ومزود بأحدث التقنيات، ومغطى بكتلة ترابية ضخمة جدا، ويعد من أقوى التحصينات.
وكان البيان قد لفت إلى انضمام «فيلق الرحمن» في إطار غرفة العمليات المشتركة لتطوير العمل بشكل مشترك، مشيرا إلى أن «هذا العمل قد أتى أكله في دفع النظام لسحب قواته والميليشيات الشيعية المحاصرة للزبداني باتجاه المناطق المذكورة».
ويعد «جيش الإسلام» الذي يترأسه زهران علوش، أحد أكبر فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، ويتركز وجوده في منطقة الغوطة الشرقية الملاصقة لدمشق، ومنطقة القلمون في ريف العاصمة، وإدلب (شمال). وبدأ العمل تحت اسم «لواء الإسلام»، ثم توسع ليصبح اسمه «جيش الإسلام»، بعد اندماج نحو 50 لواء وفصيلا معارضا، وانضمامهم تحت لوائه.
* ضاحية الأسد: معقل سكني لضباط النظام
* يعد توسع المعارك باتجاه ضاحية الأسد بمثابة تطور خطير يهدد أحد أهم معاقل الموالين للنظام من الطائفة العلوية؛ إذ تعد ضاحية الأسد في حرستا من المناطق السكنية العسكرية المستحدثة خلال عهد الرئيس السابق حافظ الأسد في محيط دمشق، وأشرفت على بنائها مؤسسة الإسكان العسكري برئاسة رياض شاليش (ابن خال الأسد الأب)، حيث تولى بناء حزام سكن عسكري يفصل بين مدينة دمشق وغوطتها، خصص لعائلات ضباط وجنود النظام وغالبيتهم من علويي الساحل.
وقد نما على أطرافها حزام آخر من العشوائيات التي تضم أكثر الشرائح فقرا من الوافدين للعمل في العاصمة.