تحذيرات إيرانية من الضغوط الاقتصادية على المواطنين بسبب الصراعات الداخلية

خطيب جمعة طهران: أميركا تريد «أندلس ثانية»

تحذيرات إيرانية من الضغوط الاقتصادية على المواطنين بسبب الصراعات الداخلية
TT

تحذيرات إيرانية من الضغوط الاقتصادية على المواطنين بسبب الصراعات الداخلية

تحذيرات إيرانية من الضغوط الاقتصادية على المواطنين بسبب الصراعات الداخلية

عد محسن رضائي، أمین عام مجلس تشخیص مصلحة النظام تلويح أميركا بالخيار العسكري «تهديدا للاستهلاك الداخلي»، مضيفا أن «أوباما يواجه حملة إعلامية تتهمه بالتنازل أمام إيران». وأوضح قائد الحرس الثوري السابق أن أميركا ستواجه مشكلات في الهجوم على بلاده بعد التوافق النووي، منوها بأن الولايات المتحدة لا توجد لديها مبررات تقدمها للمجتمع الدولي لو هاجمت إيران.
في غضون ذلك، حذر المرجع الشيعي البارز آية الله صافي غلبيغاني من تفاقم الخلافات الداخلية، وأوضح أن الانقسامات لا تخدم مصالح النظام والبلد. وقال: «يجب ألا نزرع الخلاف في مبادئ ومصالح الشعب من أجل بلوغ مصالح شخصية»، كما شجب إلحاح بعض المجموعات السياسية في إقصاء المجموعات الأخرى.
وقال غلبيغاني إن على مسؤولي بلاده «توخي الجدية في رفع المشكلات المعيشية والاقتصادية والفقر»، محذرا من أن «الخلافات الداخلية تسبب الضغط الاقتصادي والمعيشي على الشعب الإيراني»، وبحسب وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري، فإن غلبيغاني أعرب أول من أمس، عن قلقه تجاه ارتفاع الضرائب على الإيرانيين. وقال: «يجب ألا يتعرض الناس للضغط ونأخذ الضرائب أكثر من اللازم».
من جهة ثانية، قال محسن رضائي إن «جاهزية القوات العسكرية منعت الهجوم العسكري قبل التوافق النووي»، وأوضح أن الرئيس الأميركي السابق أصدر أوامر الهجوم على إيران لكنه تراجع بعد تحذير قادة الجيش الأميركي.
یشار إلى أن رضائي أعلن في بداية 2013 أن بلاده ستتعرض لهجوم أميركي في حال فشل المفاوضات، قبل ذلك في 2007 قال: «أميركا ستهاجم إيران في القريب العاجل»، لكنه أضاف لاحقا أنه منع الهجوم الأميركي بتحذيره.
يذكر أن المرشد الأعلى علي خامنئي، قال الأسبوع الماضي مخاطبا كبار المسؤولين: «لا تقولوا أقوال الأميركيين من أجل إقناع منافسيهم في الداخل»، جاء ذلك بعد يوم من تصريحات وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان قال فيها إن «تهديد أوباما وإدارته للاستهلاك الداخلي، وللإرضاء اللوبي الصهيوني والشعب الأميركي».
من جانب آخر، شدد رضائي على أهمية التوافق النووي على يد الفريق النووي الحالي بعد «12 فريقا مفاوضا إيرانيا»، لكنه بالمقابل أكد أهمية مناقشة التوافق النووي في البرلمان على الرغم من دراسته في المجلس الأعلى للأمن القومي، على حد تعبيره.
ووفقا لوكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري، رفض رضائي إعلان موافقة إيران على التوافق النووي قبل إعلان أميركا عن ذلك قائلا: «إذا صادقت إيران على الفور وصادق الأميركيون بعد أشهر، سيتصور الأميركيون أن إيران بحاجة ماسة إلى التوافق النووي وأنها ارتبكت وهذا ليس في صالحنا». وأشار إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد التوافق النووي، لكنه بالمقابل ذكر أن المستثمرين الأجانب لا يشعرون بارتياح من ظروف العمل والنظام البنكي في إيران، مشددا على أن ذلك يمنع دخول المستثمر الأجنبي إلى بلاده.
وفي سياق منفصل، اتهم موحدي كرماني خطيب جمعة طهران الولايات المتحدة الأميركية بمحاولة تفشي الفساد والانحطاط والأفلام المستهجنة وإقامة «أندلس ثانية» في إيران، وأوضح أن أميركا تريد تطبيع العلاقات مع إيران حتى تطبق سياسة التسلل الاقتصادي «عبر ابتسامة»، ودعا مسؤولي بلاده إلى «التقوى السياسية» في ما يتعلق بالتوافق النووي، وفي إشارة إلى توقيع 103 آلاف مواطن بريطاني ضد نتنياهو عد سبب ذلك «انتشار كراهية الشعب الإيراني لإسرائيل في أنحاء العالم».
وقال الأمين العام لجمعية رجال الدين المجاهدين موحدي كرماني، مخاطبا مسؤولي بلاده إن «قضية التوافق النووي لم تؤد بعد إلى أي نتيجة.. والأميركيون يقولون يجب حفظ إطار العقوبات»، ورفض ما وصفه محاولات أميرکا تغییر هویة إيران.
كما هدد كرماني موحدي أن بلاده ستعلق ما وافقت على تنفيذه في التوافق النووي، إذا ما اختصر أمر العقوبات على التعليق وليس الحذف نهائيا، وأضاف: «إيران لا تقوم بعمل مغاير فحسب، بل على الرغم من إدارتهم ستواصل حركتها الثورية».
من جانبه، حذر محمد علوي وزير الاستخبارات أول من أمس (الجمعة) من تشديد الخلافات والعداء في الداخل الإيراني، بسبب ما وصفه «اختلاف الأذواق في المجالات السياسية والعلمية والثقافية والاقتصادية»، ودعا إلى تعميم نموذج إدارة روحاني «المنسجمة» في المجتمع الإيراني «بدلا من تمسك تيار سياسي خاص بالقوة، يقصي الآخرين ويزيد من عقد المهمشين».
وعلى صعيد الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير (شباط) المقبل، وجه علوي إنذارا إلى المرشحين وأنصارهم، داعيا إياهم للالتزام بالأطر القانونية وتجنب تشويه وتخريب الآخرين.
ونشرت صحف ومواقع الإصلاحيين أمس، ملصقات حملة «كلنا عراقجي»، والتي أطلقها ناشطون في شبكات التواصل الاجتماعي، دعما لكبير المفاوضين الإيرانيين على إثر مشادة كلامية شهدتها جلسات اللجنة البرلمانية الخاصة بالتوافق النووي الأسبوع الماضي بين عدد من نواب البرلمان وعباس عراقجي، يأتي هذا في حين تقترب جلسات اللجنة البرلمانية الخاصة بالتوافق النووي المراحل الحاسمة على الرغم من تبادل الاتهامات بين بعض أعضاء اللجنة والفريق المفاوض النووي واتهام البرلمان بالتخبط من قبل منابر إعلامية إصلاحية، ومن المقرر حضور سعيد جليلي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في جلسة اليوم (الأحد).



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».